أيها العراقيون .. تعالوا نضع النقاط على الحروف




من المنطق أن نقول عن الأمور الصالحة انها نافعة، بغض النظر عن قائلها ، ونقول عن الأشياء الشريرة والسيئة انها دمار وخراب، كائنا من يكون قائلها، وهذا مما لا خلاف عليه بين ذوي العقول السليمة.


واعتقد أن هنالك بعض الأمراض العضوية التي تصيب الإنسان من الممكن أن تصيب الحياة السياسية، أو النظرة إلى الوقائع السياسية، وهذه حالة تقود بالمحصلة إلى ضعف التقييم، وبالتالي سقم النتائج التي تتمخض عن ذلك التقييم غير الدقيق، ومنها مرض عمى الألوان، وهو من الأمراض العضوية، ويوصف بأنه عدم القدرة على التمييز بين بعض الألوان، أو كلها التي يمكن أن يميزها الآخرون. وهو مرض وراثي في غالب الأحيان، لكن يمكن أن يحصل بسبب خلل في العين، أو العصب البصري، أو الدماغ، أو بسبب التعرض لبعض المواد الكيماوية. 



في الحالة العراقية، وقعت - للأسف الشديد - حالة من عمى الألوان، وهي من البعض حالة مقصودة وليست حالة مرضية، ومصحوبة بسوء النوايا، والتخطيط غير النافع للعراق وأهله، بينما هي من البعض الآخر، حالة مرضية مصحوبة بحسن النوايا وحب العراق.



هنا نريد أن نتفق على أن نسمي الأشياء والأمور بمسمياتها، ولتكن البداية من القوات الأجنبية المتواجدة على العراق، فهل هي قوات محتلة، أم قوات صديقة؟



القرار رقم (1483) في 22 أيار/ مايو 2003، الصادر عن مجلس الأمن الدولي، وبجهود دبلوماسية أمريكية استثنائية، حدد الخطوط العامة لمستقبل العراق، وقد تضمن القرار مسائل عديدة كان أبرزها اعتبار الولايات المتحدة دولة محتلة للعراق بصورة رسمية، فإذا كانت دول العالم العظمى، بما فيها أمريكا، تعبر العراق دولة محتلة، فلماذا يحاول البعض قلب هذه الحقائق وينظر للقوات الأمريكية المتواجدة على أرض الرافدين على أنها قوات «صديقة»، أو قوات «تحرير»؟!!



الأمن ضرورة مهمة من ضروريات المجتمعات الآمنة، ولا يمكن العيش في مجتمع ما بلا أمن، وبلا رجال أمن يطبقون القانون، إلا إننا لا نقول للإرهابي الذي يستخدم القانون للإساءة للآخرين وإزهاق أرواحهم وابتزازهم على انه رجل قانون، بل نقول هو مجرم بثياب القانون.



والمقاومة للمحتل شرف تتباهى به كل شعوب الدنيا، وما من شعب على وجه المعمورة، إلا ويتغنى ببطولات أهله ضد الاحتلال ولو قبل مئات السنين، والمقاومة العراقية هي قدوة في هذا المضمار، لكن المقاوم الذي يستهدف المدنيين، ويسفك دماء الأبرياء، ليس مقاوماً بل إرهابي لا يستحق أن يشرب من دجلة والفرات؛ لان حياة الناس – أينما كانوا - ودماءهم هي خط احمر لا يمكن الاقتراب منه.



وهكذا هو الحال مع من يسرق قوت الشعب، وينهب، ويستغل المنصب الوظيفي بجعل البلاد تأن من احتلال الغرباء والأبناء؟



أيها العراقيون لتكن بداية التغير القادم، هي بداية غير رسمية، حيث يعمل كل منا من موقعه لخدمة العراق، فالعسكري يخلص بواجبه ويقاتل الإرهاب والظلم من أي طرف كان، ويمتنع عن تجاوز القانون باسم القانون، ويكون أداة لحماية المعتقلين، لا جلادا بالحق والباطل يَحمل على رقاب الناس سوط القانون، وكذلك الحال بالنسبة لكل موظف وعامل وتاجر، وبالنتيجة سنؤسس لعراق جديد خال من الأمراض الاجتماعية القاتلة التي لا يمكن بوجودها البناء والعمل. 



العراق بلد الجميع بلد السنة والشيعة والعرب والأكراد، ولطالما تقاسمنا الخبز والماء والأفراح والأتراح لمئات السنين، فهل منْ يريد أن يفرق بيننا هو محب لنا وللعراق؟



السني لا يمكنه إلغاء وجود وكيان الشيعي، وكذلك الحال بالنسبة للشيعي والكردي، نحن قدرنا أن نعيش في بلد واحد على الرغم من اختلاف المذهب والقومية، فلنقاتل كل منْ يريد الوقوف بوجه وحدتنا وأخوتنا، ولنضع أيدينا بيد كل منْ يريد الخير والفلاح والسلم والسلام لبلادنا الجريحة التي تعبت من الأنين، وتعب أهلها من المصائب التي صبت عليهم من السماء والأرض، ومن العدو والصديق، ومن القاصي والداني، وتعبوا من الغربة والتهجير، ومن الحنين إلى بلادهم.



فبالحب والتضحية والعمل تعمر الأوطان وتبنى الأجيال، وبغيرهما يعم الخراب والدمار.


الدستور الاردنية 23/5/2011

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى