متى تنتصر الأمة؟



حينما نطالع كتب التاريخ الإسلامي والفتوحات الإسلامية منذ أن بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم والى قرون طويلة، نرى الفتوحات الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها ، حينها نجد أنفسنا أمام حالة يمكن تسميتها بـــ (الانفصام الذاتي)؛ حيث إن الواقع المؤلم الذي تعيشه الأمة من ضعف وسلب للقرار وضياع لأجيال كاملة وغيرها من صور الضعف والهوان اليومية في المشهد العربي والإسلامي، كل هذه الصور المؤلمة تجعلنا نشعر أن هنالك مسافات شاسعة تمنع من الاتصال مع تلك الأجيال المباركة.
فالفتوحات الإسلامية وصلت إلى الصين والى الأندلس والى أفريقيا والى غيرها من بقاع الأرض ؛بينما الأمة اليوم مهددة حصونها من الداخل ،فاغلب أبنائها غرباء عن دينهم ونبيهم وقرانهم ؛جيل جعل من أبطال أفلام الهوليود والمسلسلات المد بلجة قدوة لهم ،جيل إن قارناه بأسامة بن زيد وعلي بن طالب وغيرهما من أعلام شباب الصحابة في عهد النبوة،لا يمكن أن نجد منفذا للمقارنة بينهما ،فكيف يمكن أن تنتصر الأمة ؟
هل مشاكلنا مادية أم مشاكلنا في قدرتنا البشرية ، فنحن قرابة المليار ونصف مليار مسلم في العالم ، ونحن مَنَّ الله علينا بثروات جعلت الأمم تتكالب علينا ، فقدراتنا الاقتصادية كبيرة وحيوية ، ونحن أبناء أولئك الأبطال الذين نشروا الإسلام في أرجاء الكون؛ فما الذي تغير ؟ وما هي الأسباب التي جعلتنا ننهزم أمام الأعداء ، وكل إمكانيات النصر الفكرية والمادية والمعنوية متوفرة لدينا؟
لماذا هذه الروح الانهزامية في الأمة ؟
ومتى نتغلب عليها ؟
وكيف يمكن أن ننتصر ؟
هل تنتصر الأمة بالاجتماعات واللقاءات التجميلية ؟ أم تنتصر بالـ(مجاملة) التي يعتقدها البعض بأنها علم من علوم العصر الحديث .
نحن بحاجة إلى من يقول "لا سمع ولا طاعة حتى تقول، من أين لك هذا ؟ كما فعل الصحابة بالفاروق رضي الله عنهم أجمعين ، فنحن لا ننتصر برجال لا يقولون الحق بحجج المجاملات والاتكيت والسياسة ؛نحن بحاجة لرجال لا تأخذهم في الله لومة لائم ،ثقتهم بقوله تعالى "إن تنصروا الله ينصركم" 
والسؤال الذي يراد الإجابة عنه، هل أن كل لقاء واجتماع هو نافع للأمة ؟ أهل العلم يقولون إن التجمع على الحق واجب، إذاً، التجمع الذي ينفع الأمة ويصلحها هو التجمع على الحق ونصرة الحق لا تكون إلا بالعمل بقوله تعالى "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا"، فهل نحن متمسكون بحبل الله وهما الكتاب والسنة ؟ 
لا أظن أن الإجابة ستكون من السهولة بمكان، لأننا لو وقفنا مع أنفسنا وقفة صدق وتقوى سنرى البعد الحقيقي بيننا وبين ديننا الحنيف.
تنتصر الأمة برجال همتهم ومعنوياتهم عالية بـ "لا الله إلا الله" وقائدهم ومرشدهم ومعلمهم قوله تعالى "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر". 
رجال قلوبهم ظاهرها كباطنها، قلوب لا تحمل الضغينة والحقد لأحبتهم، ولا لمن خالفهم؛ بل شعارهم "التمس لأخيك سبعين عذرا".
إن النصر الذي تحلم به الأمة ينبغي أن تحققه على نفسها أولاً، حيث إن هنالك جملة من العقبات أمام انتصار الأمة ومنها:-
1- ابتعاد الأسرة المسلمة عن التربية الإسلامية الواعية للأولاد .
2- الغزو الفكري الذي اقتحم منازل المسلمين في عقر دارهم، وعدم تمكن اغلب القنوات الإسلامية من جذب انتباه وميول شباب الأمة.
3- الهجمات الغربية على الفكر الإسلامي، ووصفه بالجمود والأصولية والتخلف، مما دفع الكثير من الدعاة إلى محاولة إرضاء الطرف الغربي حتى لا يتهموا بهذه الفرية.
4- الخطاب الإسلامي عند أكثر الدعاة غير منسجم مع النمط الجديد لحياة العالم الإسلامي حيث الثورة الالكترونية والانترنيتية ، وأنا هنا لا أتحدث عن أصول الدين،بل أتحدث عن المسائل التي فيها أكثر من رأي .
إن عوامل ضعف الأمة تحتاج لعلاج يتجسد في تضافر جهود المنظمات الإسلامية الخيرية وأئمة وخطباء المساجد والدعاة ، وكذلك أولياء الأمور ، لأننا امة وان ضعفت فإنها لن تموت "الخير فيّ وفي أمتي إلى قيام الساعة ".
فان الاهتمام بالأبناء هو السبيل الأمثل لانتصار الأمة ، وان الأمة التي تهمل أبناءها لا يمكنها أن تنتصر ،وكذلك ينبغي علينا العودة بشبابنا لكتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وحينها سنرى النصر القريب بإذن الله ، هذا ،والله من وراء القصد .
· كاتب عراقي.
· للتواصل مع الكاتب:

الحملة العالمية لمناهضة العدوانش

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى