ديالى خطة أمنية أم مؤامرة انتخابية ؟



قبل كل شيء من الضروري أن أُأكد على أن النفس الطائفي هو نفس دخيل على الواقع العراقي المتماسك، ونحن حينما نتحدث أحياناً بالمصطلحات الطائفية فان الغاية من ذلك هو التحدث بمنطق رجال السياسة من الغرباء الذين جاؤوا على ظهور الدبابات وليس المقصود منها أن الواقع العراقي هو واقع طائفي ممزق .

والخطة الأمنية التي تعتزم القوات الحكومية المدعومة بقوات  الاحتلال الأمريكية شنها  في محافظة ديالى تثير الكثير من علامات الاستفهام والاستغراب، فهي الخطة الثانية في المحافظة،حيث سبقتها خطة أمنية كان الهدف منها كما أعلنت الحكومة القضاء على تنظيم القاعدة في المحافظة،والجميع يعرف أن تلك الخطة " الأولى" استثنت العديد من المناطق الشيعية التي تمارس فيها المليشيات أعمالها الإجرامية،حيث لم تشمل مناطق سعدية الشط وسعدية الإمام ومركز مدينة الخالص وأبي صيدا وكذلك قرى الهويدر وخرنابات القريبة من مركز محافظة ديالى بالإضافة إلى مركز مدينة خان بني سعد كل هذه المناطق لم تشمل في الخطة الأمنية السابقة وبقيت المليشيات تمارس جرائمها ضد أهل السنة في المحافظة وذلك بالقتل والتهجير والاختطاف .

إن الموقع الإستراتيجي لمحافظة ديالى باعتبارها المدينة الحدودية المحاذية للجار "اللدود" إيران ـ حيث تربط هذه المحافظة مئات الكيلومترات الحدودية مع إيران ـ هذا الموقع جعلها من المدن التي تحاول إيران وأتباعها السيطرة عليها، لاعتبارات إستراتيجية وأمنية تخدم مصلحة إيران، وذلك في ضوء التناحر الإيراني الأمريكي وتصفية الحسابات المستمرة بينهما على الأرض العراقية وعلى حساب الشعب العراقي .

ومن الناحية السكانية يشكل السنة في محافظة ديالى 64% بينما يشكل الأخوة الأكراد 12% والبقية هي نسبة الشيعة في المحافظة . وعلى الرغم من ذلك فقد استحوذ الشيعة على مجلس حكم المحافظة في الانتخابات التي جرت في 1/12/2006؛ حيث إن حصتهم هي 20 مقعداً من أصل 41 بينما كانت حصة الحزب الإسلامي 14 مقعدا و7مقاعد للكرد،وعليه،وفي ضوء هذه المعطيات يمكن أن نسجل جملة من الملاحظات على الأهداف المرسومة والحقيقية  للخطة الأمنية الجديدة في المحافظة، منها محاولة حكومة المالكي خلط الأوراق في المدينة، وذلك بالاعتقالات العشوائية التي يتوقع العديد من وجهاء المحافظة حصولها وذلك لغايات انتخابية بحتة، وبالتالي ستكون فرصة النجاح الشيعية أكثر حظوظاً من الواقع الضعيف لها في المحافظة الآن في الانتخابات القادمة.

ونحن لا نتحدث من فراغ ومن اتهامات لا أساس لها،بل إن التصريحات العلنية لمسوؤلي الأجهزة الأمنية وللمسؤولين في المحافظة تؤكد هذه الحقائق، حيث إن قائد عمليات ديالى اللواء الركن عبد الكريم الربيعي " التابع للمجلس الأعلى" صرح أن "قيادة العمليات حددت أماكن تواجد المسلحين، استعداداً للجولة الأخيرة للقضاء على الجماعات المسلحة والخارجين على القانون في المحافظة".وأكد الربيعي أن "الخطط مهيأة وكل المعلومات متكاملة ولا توجد أية ثغرات في عملنا، للبدء بمطاردة الجماعات المسلحة قريباً بجولة ستكون الأخيرة".وبين قائد عمليات ديالى أن "أغلب الجماعات المسلحة محصورة في جنوب قضاء بلدروز، 30 كم شرق بعقوبة، ومناطق إمام ويس وحمرين وجلولاء، وهذه المناطق محط أنظارنا"، مضيفاً أن "هناك مناطق أخرى، في ناحية العظيم 85 شمال بعقوبة، تحتاج إلى عمل عسكري".

وهذه المناطق هي مناطق سنية، كما هو معلوم لكل من يعرف  ديالى ـ ولا يوجد فيها أي تنظيمات شيعية، إذاً سيتم استثناء المليشيات في الحملة الثانية مرة أخرى، مما يؤكد ما ذهبنا إليه من وجود مخطط خبيث تجاه المحافظة .

نائب رئيس مجلس محافظة ديالى  ضاري الخيون، الذي يترأس كتلة الائتلاف الشيعي في مجلس المحافظة قال في تصريحات صحفية أول أمس  إن "هناك ترديا بالواقع الأمني تشهده العديد من مناطق ديالى في الآونة الأخيرة، وأن أصوات العبوات الناسفة بدأت تسمع، في بعقوبة، وهناك مناطق تعتبر بؤراً للجماعات المسلحة"، مطالباً القوات الأمنية القيام "بدورها لفرض الأمن". ومن المهم ملاحظة أن مجلس المحافظة سبق وان طالب بقرار اتخذه بالغالبية" الشيعية"، مطلع شهر حزيران الماضي، أن تشمل المحافظة بخطط فرض القانون في العراق.

حكومة المالكي إن كانت جادة "وهذا مما لا يمكن تصوره من حكومة عرفت بطائفيتها " في عملها على استتباب الأمن في المحافظة،عليها أن تبدأ خطتها الأمنية بملاحقة المليشيات الإجرامية المنتشرة في العديد من قرى المحافظة وبالأخص قرى الهويدر وخرنابات ومركز مدينة الخالص،حيث إن هذه المليشيات كانت السبب الرئيسي في تهجير أهل السنة من هذه المناطق التي يسيطرون عليها .فهل نحن أمام خطة أمنية تهدف إلى حماية الأبرياء من المجرمين والخارجين عن القانون،وهذا مما يتمناه كل عراقي يحب وطنه، أم نحن أمام مخطط طائفي ألبس لباس القانون ـ وهذا ما اعتقده ـ يهدف إلى استهداف رموز المحافظة التي عرفت بوقوفها وصمودها ورفضها لتواجد قوات الاحتلال الأمريكي على ارض العراق حتى صارت ديالى محرقة لا تخمد نيرانها تحصد في كل يوم أرواح جنود الشر الأمريكي الظالم .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى