المشاركات

عرض المشاركات من سبتمبر, ٢٠١٩

السلام المفقود والمأمول!

صورة
يحتفل العالم في الحادي والعشرين من أيلول/ سبتمبر باليوم العالميّ للسلام، الذي أعلنته الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة يوما مكرّسا لتعزيز مُثل وقيم السلام في أوساط الأمم والشعوب وفيما بينها. الغريب أنّ السلام حينما كان يذكر بالأمس كانت تذكر معه معاهدات "السلام بين العرب وإسرائيل"، وبعد احتلال العراق وانهيار العديد من الأنظمة والدول لم يعد الكلام مقتصرا على القضيّة الفلسطينيّة، وصرنا نتحدّث عن "شرق أوسّط" لا تعرف العديد من دوله السلام! وبمناسبة اليوم العالميّ للسلام يحقّ لنا أن نتساءل: لماذا لا يعرف العراق الاستقرار، وإلى متى ستستمرّ حالة الرعب والفوضى؟ العراقيّون يعشقون الحياة والسلام، وتأكيدا لذلك، وفي مبادرة رمزيّة عميقة، حوّر المدرّس العراقيّ ماجد كاظم بندقيّة الكلاشنكوف إلى آلة العود الموسيقيّة، لتصدح بأنغام السلام بدلا من ضجيج الرصاص! اليوم، ومع انتشار وهيمنة الإرهاب والعنف السياسيّ في العراق، نجد هنالك دعوات للتخلّص من الفوضى المعطّلة لبناء الوطن، التي لا يمكن القضاء عليها وتحقيق السلام إلا بتطبيق المعادلة المتوازنة بين الإرهاب والعدل. وعلي

العراق والطائفية

التنوع العرقي والديني والمذهبي في العراق، هو جزء من خريطة الوطن المطرزة بهذه الألوان البهية؛ من أقصى الجنوب حيث البصرة الفيحاء، إلى الشمال حيث جبال شمالنا الحبيب تعانق السماء. وفي لحظة التأمل في هذه اللوحة الجميلة المتناسقة، حاول بعض السياسيين (العراقيين) إقحام الطائفية -التي تُعد من أخطر الأوبئة الفتاكة- في جسد البلاد، في مرحلة ما بعد 2003.  التعايش بين العراقيين ليس كذبة ولا مزحة، بل هو حقيقة، تشهد بها مناطق الامتزاج السكاني. ففي الشارع الواحد، تجد الكردي بجوار العربي، والشيعي متصاهرا مع السُنّي، وبالعكس. وهكذا في كل جوانب التعايش الأخرى. وعليه، فإن "داء الطائفية" يُعد من الظواهر الجديدة التي طفت على السطح في المشهد العراقي. وفي ظل أوضاع بلاد الرافدين الحالية المتشابكة، صرنا نسمع من بعض المحبين استفسارات دقيقة عن قضايا شائكة، منها ظاهرة الطائفية بين الشيعة والسُنّة، وهل هي حالة متجذرة في المجتمع، أم أنها طارئة تنتهي بانتهاء العوامل المسببة لها؟ العراقيون تعايشوا بطوائفهم وقومياتهم كافة على مدى مئات السنين. ولم نقرأ أو نسمع عن شرخ اجتماعي نتيجة العوامل الدينية بينهم. هذا

حكومة الأتقياء

صورة
ورد في الأثر ما معناه: إن التقوى في حقيقتها ليست ادعاءً مجرداً عن الحقيقة والانتماء، وإنما هي شعور يختلج في الصدر فيظهر على الجوارح من خلال العمل الصالح؛ وعليه فإن رفع الشعارات الدينية وغير الدينية لا يمكن أن يغير من الحقيقة شيئاً ما لم تكن مقرونة بعمل فعال يحقق مصالح المواطنين، ويحفظ أرواحهم وأموالهم وحرياتهم وكرامتهم. مرحلة ما بعد عام 2003 كانت بداية لزمن تميز بحضور ما يسمى "الإسلام السياسي" الشيعي والسني في العراق، وصارت الأحزاب الدينية مسيطرة على العديد من مرافق الدولة، بل أغلبيتها من وقف ودعم للاحتلال الأميركي بفتاوى دينية سياسية لتسهيل احتلال العراق بحجة التخلص من الحكم الدكتاتوري، وكذلك تحت قاعدة "عدو عدوي صديقي". ونحن لا نريد أن نذكر سرداً تاريخياً للأحزاب الدينية في العراق، لكنها اليوم هي المتصدرة والممسكة بالقرار السياسي العراقي، فهل نجحت هذه الأحزاب -التي يدعي قادتها أنهم أتقياء ويخافون الله- في تحقيق رفاهية ومصالح الوطن والمواطن؟! لا شك أن السؤال عريض جداً وهو بحاجة إلى دراسات وبحوث جادة يتم خلالها إحصاء "الإنجازات الحقيقية" و

ظروف غامضة وتحديات غريبة!

صورة
السياسة هي فنّ تَذليل الصعوبات، ومواجهة التحدّيات والتعامل مع المواقف الصعبة بحنكة وحكمة ورجولة. وفي السياسة تظهر قدرات القائد، أو السياسيّ المتمرّس القادر على ترتيب أوراق العمل السياسيّ وفقاً لأهمّيّتها وخطورتها، وأثرها على الأمن الوطنيّ، وتحقيقها لمصالح المواطنين ودفع، أو تقليل الضرر عنهم. يدور العراق اليوم وسط عدّة دوّامات داخليّة معقّدة، وإقليميّة مركّبة لا يمكن لحكومة بغداد تجاهلها، وبالذات دوّامة الصراع المتنامي بين بعض دول المنطقة وإيران عبر أجنحتها العسكريّة والسياسيّة في سوريا واليمن والعراق ولبنان! بعض دول المنطقة، ومنها العراق، غارقة في فوضى لا حدود لها، وفي وسط هذه الفوضى يُعلن رئيس البرلمان العراقيّ محمد الحلبوسي قبوله تحدّي مبعوثة الأمم المتّحدة في بغداد جينين بلاسخارت، بشأن زرع شجرة من أجل السلام! إعلان الحلبوسي مميّز ومقبول في الظروف الطبيعيّة، وليس في الظروف المتداخلة والغامضة القائمة الآن، ف حينما تكون الظروف العامّة طبيعيّة، ويكون المواطن آمناً على عائلته وعمله ووظيفته وغذائه ودوائه وتعليم أولاده وغيرها من ضروريات الحياة التي لا يمكن تصوّر حياة حرّة كري

(عاشوراء) بين الشريعة والدستور العراقي!

صورة
عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر محرَّم في السنة الهجريّة. وأهمية عاشوراء، كما ذكر الإمام مسلم في صحيحه أنّ رسول الله قَدِمَ المدينة فوجد اليهود صياماً يوم عاشوراء، فقال لهم: "ما هذا اليوم الذي تصومونه؟، فقالوا: هذا يوم عظيم، أنجى الله فيه موسى وقومه، وغرق فرعون وقومه، فصامه موسى شكراً، فنحن نصومه"، فقال الرسول الكريم: "فنحن أحقّ وأولى بموسى منكم فصامه، وأمر بصيامه"، (2/ 796ـ1130 ). وعاشوراء في العراق، وبعض الدول، له حكاية أخرى حيث يستذكر غالبيّة الشيعة واقعة مقتل الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما ! وبعيداً عن الخوض في تفاصيل معركة الطف، فإنّنا سنلقي الضوء على محاولات   استغلال واقعة كربلاء، وبالذات في الخطاب السياسيّ العراقيّ، والشعائر الدينيّة التي ترافق المناسبة! احتفالات عاشوراء تجري في العديد من المدن، ومنها النجف وكربلاء والكاظمية وسامراء وكافة مدن الجنوب، وهي برعاية رسميّة، بل وبحضور رسميّ واضح وأمنيّ مكثف لا يمكن مشاهدته في أيّ مناسبة وطنيّة، أو دينيّة أخرى. في عاشوراء لاحظنا هذه الأيّام- وكما في كافّة السنوات الماضية بعد العام 2003

براكين الحقيقة و"أقانيم الفساد" في العراق!

صورة
الصحافة الاستقصائيّة هي نوع من أنواع الصحافة، وعرّفها "علماء الصحافة" بأنّها "عمل صحفيّ عميق ومبتكر، يوظّف أساليب بحث منهجيّة ويستخدم سجلات عامّة وبيانات، وغالباً ما يفضح أسراراً، ويركز على العدالة الاجتماعيّة والمساءلة". وفي يوم 31 آب/ أغسطس الماضي، بثّت قناة"الحرّة عراق" تقريراً استقصائياً تحت عنوان "أقانيم الفساد المقدّس في العراق". وقناة "الحرة عراق" قناة أمريكيّة برزت بشكل واضح بعد الاحتلال الأمريكيّ للعراق، وكانت "متّفقة" بشكل شبه تامّ مع توجّهات الحكومات العراقيّة. وقبل قرابة العام أحدثت القناة تغييراً كبيراً في كوادرها الإداريّة والفنّيّة، ومن يومها بدأ يظهر بعض التغيير في التعاطي مع الشأن العراقيّ! تقرير "الحرّة" أثار ضجّة سياسيّة واجتماعيّة كبيرة في غالبيّة الأوساط العراقيّة؛ لأنّه تناول قضيّة لم تقترب منها (بحسب علمي) أيّ قناة في داخل العراق وخارجه! التقرير تناول بالأدلة "الفساد في المؤسّسات الدينيّة في الوقفين السنّيّ والشيعيّ"، وذكر بعض الشخصيّات الكبيرة بالأسماء مع بعض أقربائها، ومن

الهروب من الوطن!

صورة
علاقة الإنسان بالوطن، تماماً كعلاقة الطفل الرضيع بأمه، وارتباط الحبيب بحبيبته، والتصاق الروح بالجسد، وتلاحم النظر بالعين، وتكاتف السماء مع العلو، وتمسك الأديب بكتابه، والأرض بعطائها، والينابيع بصفائها ونقائها، والأشجار بخيراتها! منْ يتصور أنّ الوطن قطعة أرض تُحسب بآلاف الكيلومترات، والحدود البرية والمائية، فهو لا يفقه معنى الوطن! الوطن هو الأم والروح والعين والسماء والأرض والينبوع والشجرة، ومع كل هذه المعاني الأصيلة كيف يمكن تفهم أن يتجرأ الإنسان على هجران الوطن، والنظر إليه عبر شاشات التلفاز، بل ربما لا يذكر أنه ابن هذا الوطن، أو ذاك؟ الظواهر المجتمعية العراقية الطارئة والغريبة والشاذة بدأت تنمو في عراق ما بعد 2003، ومنها ظاهرة الهجرة من الوطن، أو بعبارة أدق الهروب من الوطن! حين التدقيق الموضوعي في القضية نجد أن هنالك جملة من الأسباب السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية قادت إلى هذه الهجرة الجماعية والفردية، المبرّرة للبعض، وغير المبرّرة للبعض الآخر! الهجرة كانت في لحظة انهيار مفهوم الدولة، وتلاعب قوى الإرهاب الرسميّ وغير الرسميّ في أرواح الناس وحرياتهم وممتلكاتهم،