المشاركات

"الامبريالية" الجديدة!

صورة
  مُلِئَت كتب التاريخ والسياسة ببعض المصطلحات البغيضة، التي كنّا نعتقد أنه قد انتهى عهدها ومنها الرجعية والامبريالية الكولونيالية ، الاستعمارية، وغيرها من المصطلحات المرتبطة بالاستعمار وتدمير الدول وسحق الحقوق الإنسانية والتاريخية من طرف القوى المتسلّطة! وتوهّمنا بأن غالبية الميادين السياسية، والعقول التي تُدير العالم، وقواميس العلاقات الدولية، والصالونات الثقافية قد غادرت تلك المصطلحات التوسعية، كونها قائمة على سياسات "همجية سقيمة" أرهقت الشعوب الفقيرة والمغلوب على أمرها، ولكن يبدو أن الواقع الفلسطيني الحالي أعاد تلك المصطلحات المقيتة للواجهة السياسية، وخصوصا الإمبريالية! وتُعرّف الإمبريالية ( Imperialism ) بأنها دعوة لبسط السلطة والهيمنة عن طريق الاستحواذ المباشر على الأراضي، أو بفرض السيطرة السياسية والاقتصادية على دول أخرى. والإمبريالية سياسة توسعية استخدمتها الدول القوية الكبرى للسيطرة على مُقدّرات الدول الضعيفة الهشّة، ونَفّذتها بالتدخّل العسكري الكلّيّ المباشر أو التحكّم الجزئي غير المباشر عبر دعم الانقلابات العسكرية في الدول المُستهدفة! والامبريالية الاستعمارية برز...

الذاكرة العراقية على حافة النسيان!

صورة
  الذاكرة الإنسانيّة العالميّة زاخرة بمئات المواقف النبيلة والمشينة، والورديّة والدمويّة، ومنذ الجريمة الأولى على الأرض بقتل قابيل لأخيه هابيل سجّلت كتب التاريخ ملايين الجرائم الوحشيّة التي ارتكبها الإنسان ضدّ أخيه الإنسان! والتاريخ الأسود لجرائم الحروب متواصل منذ مئات السنين، وتمثّل بمئات المجازر ومنها: الغزو المغوليّ للعراق في العام 1258م، والمجازر الفرنسيّة بحقّ الجزائريّين لأكثر من مئة عام وبقيت لغاية العام 1962م، ومجازر الحربين العالميتين الأولى والثانية، والمذابح الصهيونيّة في فلسطين بعد العام 1937م وصولا لمذابح غزّة الأخيرة، ومذبحة هيروشيما في العام 1945م، والابادة الجماعية في البوسة والهرسك بين عاميّ 1992 و1995م، والمجازر الأمريكيّة في العراق قبل، وبعد، العام 2003م، وغيرها! ومرّت يوم 13 شباط/فبراير الذكرى السنويّة لجريمة ملجأ العامرية ببغداد في العام 1991، والتي نُفّذت بطائرتين أمريكيّتين (أف - 117) تحمل قنابل ذكيّة وأهلكت (400) مواطن! وبمراجعة سريعة للمجازر الأمريكيّة في العراق وأولها دعم الحصار الدوليّ في 6 آب/أغسطس 1990 بعد غزوّ الكويت، والذي تتابع حتّى الغزوّ الأمريكيّ ...

السفارة البريطانيّة ببغداد... ودبلوماسيّة (الأكلات العراقيّة)!

صورة
  يُعتبر التحالف الدوليّ بزعامة الولايات المتّحدة وبشراكة بريطانيّة ضخمة والذي قاد لاحتلال العراق في العام 2003 أكبر تحالف عسكريّ بعد الحرب العالميّة الثانية. وشاركت القوّات البريطانيّة بأكثر من (46) ألف جنديّ لغزو العراق واحتلاله بين آذار/ مارس 2003 وأيّار/ مايو 2009! وخلال هذه السنوات الستّ وما بعدها، ارتكب جيش الاحتلال البريطانيّ العديد من الجرائم المُميتة والجارِحة والمُذلّة، وقد ظهرت معلومات تُشير إلى انتهاكات بريطانيّة جسيمة وواسعة النطاق بحقّ العراقيّين. وشملت تلك المُمارسات المُمنهجة الاعتداء بالتعذيب الجسديّ والنفسيّ والجنسيّ والفكريّ، وتسبّبت بوفاة العشرات وجرح واعتقال المئات! وتأكيدا لهذه الحقائق ذكرت تحقيقات لصحيفة "صنداي تايمز" البريطانيّة وبالشراكة مع "بي بي سي" يوم 17/11/ 2019، بأنّ (11) مُحقّقا أكّدوا العثور على أدلة موثوقة تشير إلى ارتكاب القوّات البريطانيّة جرائم حرب، وأنّ الجيش البريطانيّ تستّر على تلك الجرائم حرب! وكشف مارك وارويك رئيس لجنة بوزارة الدفاع البريطانيّة للتحقيق في ارتكاب جنود الاحتلال البريطانيّين لجرائم في العراق، بداية العام 2016، ...

يوم الطفل العراقي وبرامج رعاية الأطفال!

صورة
  براءة الأطفال تشبه نسمات الصباح ال مُعَطَّرَة ، وتَفتّح الورود في الربيع، وتدلّي الثمار الزاهية على أغصان الأشجار، وهطول الأمطار في الخريف، وبداية الحياة بشروق الشمس. والأطفال هم ضياء الحياة وسعادتها، وهم أمل الأوطان ولبنة الغد المشرق، وبهم تنهض الدول والأمم، وبسحقهم تموت الدول والأمم! وسبق لحكومة بغداد أن قرّرت في العام 2007 الاحتفال في الثالث عشر من تمّوز/ يوليو من كلّ عام بيوم الطفل العراقيّ ! ويحزنني هنا أن أتكلّم عن بعض الجوانب المظلمة في حياة أطفال العراق الذين عاشوا طفولتهم منذ العام 2003 وحتّى اليوم في مراحل قاسية وقاتمة! ومَنْ وُلد منهم في العام 2003 هو اليوم في العشرينيّات من العمر، فما الذي فهمه هؤلاء من طفولتهم، وغالبيّتهم، تائهون وحائرون ما بين الخوف والتهجير والغربة والضياع؟ وتأكيدا للوحشيّة الأمريكية المستمرّة في العراق، قالت المرشّحة السابقة للرئاسة الأمريكية "تولسي غابارد" الثلاثاء الماضي: إنّ اللامبالاة في قرارات إدارة جو بايدن ذكرتني بكلمات وزيرة الخارجيّة السابقة "مادلين أولبرايت" عندما سُئلت عن نصف مليون طفل عراقي قتلوا بسبب العقوبات الأمريك...

العيد وسياسات التغريب عن الأوطان!

صورة
  مَن يُطالع كتب الأدب العربيّ القديم والحديث يجد من النادر ألا يتطرّق الأدباء والشعراء للتغني بالعيد وأفراحه ومعانيه الجميلة والأجواء الرقيقة التي تُحيط به! وبين تلك النصوص الأدبيّة العذبة تَشْخَص أمامنا بين نصّ وآخر مقالات وقصائد ونصوص تتناول العيد بأقلام وعقول وقلوب مليئة بالألم والشكوى من الفقر والحرمان وظلمات السجون ومجاهل المهجر! والواقع أنّ هذا هو حال الدنيا فهي تتنقّل بالإنسان بين الخير والشرّ، والأمان والخوف، والصحّة والمرض، والسعادة والتعاسة، والحرّيّة والقيود، والنور والظلمات، والنوم في أحضان الوطن، والضياع في طرقات المهجر، والأفراح والأتراح، والحياة والموت! ومعلوم أنّ الأيّام الجميلة والمُريحة للإنسان على هذا الكوكب قليلة، وربّما، نادرة، وقد تكون من أروعها أيّام العيدين المباركين، الفطر والأضحى! والعيد بالنسبة لما يقرب من ثلاثة ملايين عراقيّ مهجّر خارج الوطن مناسبة مُتكرّرة تُجَدِّد الحنين إلى الديار والأحبّة؛ ومناسبة لإشعال مشاعر التعاطف والأمل، والمهجرون يعانون، ومنذ سنوات، من نيران هذه الأحاسيس التي لا يمكن أن تنطفئ إلا باللقاء والاتّصال. وربّما هنالك مَن ينتقد التبا...

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

صورة
  تستند الدول القوية بموجب الدراسات والتخطيطات العلميّة الدقيقة على أعمدة ثابتة للحافظ على كيانها، ويعتبر الأمن والقضاء والتعليم أهمّ تلك الأعمدة ! وهذه الأركان الأساسيّة تحفظ أمن الوطن والناس وتجعلهم يشعرون بالعدالة المانعة للظلم، فيما يسعى التعليم لبناء عقول المواطنين وحاضرهم ومستقبلهم، وأيّ خلل في واحدة منها سيؤدّي، قطعا، إلى الانهيار التدريجيّ للدولة! وحينما نحاول المفاضلة بين هذه الأسّس المتلاحمة يمكن تقديم الأمن على القضاء والانتهاء بالتعليم، وهذا يعني أنّ الأمن هو الركن الركين لاستمرار الحياة في كلّ بقعة في العالم. وأثبتت التجارب أنّه حيثما وجد الخلل في ركن الأمن، دون السعي لمعالجته، تبدأ مرحلة تآكل الدولة وضياعها. وقد لاحظنا أنّ الحالة العراقيّة منذ العام 2003 تعاني من إشكاليّات أمنيّة خطيرة، وأنّ القوى الشريرة، وغالبيّتها متّهمة بجرائم قتل وسلب وتهجير، تَسرح وتَمرح في أرجاء البلاد. وحدّثني صديق وزميل سابق في الدراسة الإعدادية ببغداد أنّ العصابات المنفلتة قتلت عمّه (صديقنا) الضابط برتبة رائد في الجيش العراقيّ السابق، وهم يعرفون الأشخاص الذين نفّذوا الجريمة أمام أعينهم، وقدّ...

الموازنة بين الناخب والنائب في العراق!

صورة
  يُمكن اعتبار الناخِب والمنتخَّب والبرنامج الانتخابيّ وإدارة الانتخابات من أهمّ أركان العمليّة الانتخابيّة. وتُعرِّف (الموسوعة السياسيّة) الانتخاب بأنّه اختيار شخص من بين عدد من المرشّحين ليكون نائباً يُمَثِّل الجماعة التي ينتمي إليها، والانتخـاب من الحقوق العامّة للمواطن ما دام مستوفياً لشروط الانتخاب. والانتخابات عمليّة تنقية وتوكيل جماعيّ لشخص ليكون ممثّلا عن مجموعة أشخاص، وهذا التوكيل يتمّ بموجب قوانين ثابتة، دستوريّة عامّة وانتخابيّة خاصّة، وفقا لنوع الانتخابات سواء أكانت برلمانيّة أو رئاسيّة أو لمجالس بلديّة أو لنقابات مهنيّة. ومن أهمّ خصائص: الانتخابات النزاهة والسرّيّة والعموميّة والدوريّة، والتي يفترض تأمينها للحفاظ على أصوات الناخبين وحقوقهم! وبالتزامن مع انطلاق الترتيبات الأوّليّة لانتخابات المجالس المحلّيّة العراقيّة نهاية العام الحالي ، وبغض النظر عن الموقف من العمليّة السياسيّة، نريد أن نتحدّث عن أهمّ ركنين من أركان العمليّة الانتخابيّة وهما الناخب (المُنْتَخِّب) والمرشّح (المُنْتَخَّب)، حيث نلاحظ أنّه، ومع كلّ موسم انتخابيّ، تتكرّر جدليّة مَن يَخْتار مَن؟ ...