المشاركات

عرض المشاركات من ديسمبر, ٢٠١٧

الديمقراطية وغربة المقابر!

صورة
من الحقائق الكبرى في الوجود هي نهاية الكائنات الحية، ومنها الإنسان بلحظة ما على ظهر هذا الكوكب بعد عمر قد يطول وقد يقصر، لينتقل الكائن البشري بعدها لعالم آخر، بعيداً عن البهرجة المزيفة، والتباهي، والتناحر، والاتهامات الباطلة والغيبة والنميمة والبهتان وغيرها من الأمراض التي تنخر عقول الفاشلين، أو الحاقدين، أو ربما المتكبرين. حقيقة الموت الماثلة أمامنا يؤمن بها حتى من لا يعتقد باليوم الآخر؛ وعليه فهي الحقيقة الناصعة التي لا يختلف عليها اثنان في هذا الوجود، المليء بصور التناحر الشريف وغير الشريف، والصادق والكاذب، والذي تتصارع فيه قوى الخير والشر والصلاح والإرهاب، وبالنتيجة جميعهم إلى حفرة لا تعادل أصغر مكان شغله الإنسان في حياته التي ربما تصورها في لحظة ما  أنها لا حدود لها، ولا زوال! مرارة الموت لا يمكن للأحياء أن يتصوروها لأنها من الأمور الذوقية التي لا تعرف إلا بالتجربة؛ وعليه طالما نحن على قيد الحياة لا يمكننا تصور تلك اللحظات المليئة بالخوف - وربما الطمأنينة- للانتقال من هذا العالم المؤقت إلى ذلك العالم الأبدي، ومن الشقاء إلى الأمان الذي لا نظير له، وربما الرعب الذي لا شبي

هل بدأ الربيع الكردي في العراق؟

صورة
الأيام القليلة الماضية لم تكن بشائر فصل الشتاء القاسي في إقليم كردستان العراق، وإنما كانت بداية لفصل الربيع السياسي الذي قلب المشهد العام في الإقليم رأساً على عقب. الأيام الثلاثة الأخيرة حدثت خلالها انتفاضة شعبية مفاجئة في بؤرة ومقر الاتحاد الوطني الكردستاني ( محافظة السليمانية، 355 كم شمال شرق بغداد)، وهي لم تكن مظاهرات عشوائية وإنما - كما يبدو- مخطط لها بعناية، لأنها استهدف مقار الأحزاب الكبرى في المدينة( الحزب الديمقراطي الكردستاني، والاتحاد الوطني الكردستاني، وحركة التغيير، والجماعة الإسلامية)، وعلى ضوء ذلك أصدر مجلس أمن إقليم كردستان، بياناً للمواطنين دعاهم فيه " إلى عدم إفساح المجال للذين يسعون لتنفيذ أجندات سياسية واستغلال مطالب الناس المشروعة لتحقيق غايات أخرى، واستيعاب حساسية المرحلة وقطع الطريق أمام استغلال المظاهرات الاحتجاجية لتنفيذ أجندات سياسية". وفي محاولة للتخلص من مسؤولية وصول الأمور لمرحلة الانفجار ألقى مجلس أمن الإقليم اللوم على حكومة بغداد، وأكد أنها " تتملص من الحوار وتسعى من خلال الهجوم العسكري والسياسي لتقويض تجربة كردستان لذا ينبغي توحيد ا

آكلة العقول!

صورة
أساليب خفية وعلنية يسلكها الأعداء لإيصال الأمة لحالة الذوبان والضياع، وللقضاء على روح العمل والبناء والعطاء، والتمسك بالحياة والسعي للخير وهجران الشر. أساليب هؤلاء الأشرار تنوعت بين الواضح والغامض، وربما من أوضحها اليوم هو الإعلام غير المنضبط الذي يبث السموم في ثنايا العديد من البرامج والأخبار، وكذلك المخدرات التي تُعدّ من كبريات الآفات التي تسحق شباب الأمة وطاقاتهم. العراق قبل العام 2003 كان من البلدان النظيفة من آفة المخدرات، واليوم - مع الأسف- انقلبت الموازنات، وصارت المخدرات تباع علانية، وفي وضح النهار، وفي الأماكن العامة. المخدرات تغزو الآن العديد من المدن العراقية، وهي في مدن الجنوب أبرز وأوضح، والغريب أن التقارير الإخبارية من مدينة البصرة - على سبيل المثال- تتحدث عن أن" المخدرات - ومنها حبوب الهلوسة- منتشرة في المقاهي العامة، ما دفع شرطة البصرة إلى فتح مكتب خاص لمكافحة الجريمة في عموم المحافظة، والقيام بحملات ملاحقة للتجار الذين تجاوزت أعداد المعتقلين منهم الألف وخمسمائة تاجر، وهذا يؤكد تفشي هذه التجارة الفاسدة في المحافظة". وقبل شهر تقريباً كشفت مفوضية البصر

النازحون في العراق منسيون في عين العاصفة

صورة
تزداد التحديات التي تواجه النازحين في العراق مع بداية فصل الشتاء، واستمرار التغافل الحكومي والدولي عن مأساتهم، فغالبيتهم يسكنون في معسكرات نزوح غير صالحة للحياة الإنسانية وغير متوفر فيها أبسط الاحتياجات التي تعينهم على الصبر وتحمل الظروف غير الاعتيادية التي يعانون منها. ومنذ بداية كانون الثاني/يناير من العام 2014 وحتى 30 من تشرين الأول/أكتوبر 2017 حددت إدارة الهجرة الدولية وتتبعت عمليات النزوح، ووصلت إلى أن أعداد النازحين في العراق 3 ملايين و174 ألف الذين نزحوا داخل الأراضي العراق، ومحافظة نينوى أو الموصل (تبعد 465 كيلومترًا شمال بغداد) تعدّ من أكبر المحافظات الشاهدة على عمليات النزوح الداخلي، فوصلت الأعداد إلى أكثر من 987 ألف نازح". وفي أيلول/سبتمبر الماضي أعلن ستيفان دوجاريك المتحدث الرسمي باسم الأمين العام الأمم المتحدة أن عدد النازحين في العراق منذ عام 2014 بلغ 5.4 مليون شخص. استمرار معاناة النزوح الداخلي تعدّ واحدة من أكبر التحديات التي تواجه إعادة الحياة إلى المدن لأن بقاء الأهالي في الفلاة والصحراء يعني عدم الاستقرار النفسي والحرمان من الراحة والأمان والطمأن

أحزاب بالجملة!

صورة
من أهم أسس العملية السياسية الديمقراطية وجود أحزاب تتنافس فيما بينها وفقاً لبرامجها الانتخابية وما يمكن أن تقدمه للمواطن، وبعد حملات انتخابية بمختلف الوسائل يكون القرار– في الحالات الطبيعية الخالية من التزوير- للناخب الذي يقرر في يوم الانتخاب أي حزب سينتخب بعد نجاحه في إقناعه بأفكاره ومفاهيمه وكذلك بإنجازاته وخدماته، والحزب الأفضل يفترض أنه سيتم اختياره في الغالب العام. وفي الكثير من دول العالم – ربما- هنالك حزب، أو حزبان رئيسيان هما من يتنافسان على المقاعد البرلمانية، وتكون هنالك أحزاب أخرى ربما لا تتجاوز في الغالب العشرة أحزاب، أو كيانات تمثل مختلف شرائح المجتمع. في العراق لاحظنا أن الحالة الانشطارية وصلت لتشكيل عشرات الأحزاب للمشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، بحيث باتت ظاهرة توالد الأحزاب وتناميها لا يمكن مقارنتها بأي حالة نمو، أو انشطار أخرى في عوالم الأحياء المختلفة في الكون! وقبل عدة أيام كشف كريم التميمي عضو المفوضية العليا المستقلة للانتخابات عن " منح 142 حزباً إجازة رسمية لممارسة العمل تبعاً للوائح تأسيس الأحزاب التي أقرها القانون، وأنه من المتوقع وصول

عَسْكرة الديمقراطية!

صورة
قرابة ستة أشهر فقط هي المدة الزمنية المتبقية للانتخابات البرلمانية العراقية القادمة، والتي - كما يبدو- استعدت لها الأطراف الحاكمة بكافة صنوفها المدنية والعسكرية لأنها تعلم أن المرحلة القادمة مفصلية وبحاجة إلى اصطفافات سياسية كبيرة. اليوم صارت مليشيات الحشد الشعبي المدعومة سياسياً ودينياً القوة الأولى في البلاد، وتعدّ القوة الأكبر التي أنهت دور وزارة الدفاع وصارت هي المتحكم بالعمليات العسكرية رغم استمرار وجود الوزارة بوزيرها وهياكلها المتنوعة. حالياً هنالك تحركات جادة لقلب الطاولة السياسية في العراق، ولهذا صرنا نسمع بإقالات واستقالات جماعية – حقيقية ومُزيَّفة- من الحشد الشعبي تمهيداً للدخول في الانتخابات القادمة. وقبل عدة أيام أعلن رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، تشكيل حزبه الجديد "عطاء" لدخول الانتخابات المقبلة، وأن حركته "ستكون ملتزمة بالدستور وتوصيات المرجعية الدينية". حُمَّى تشكيل الأحزاب لم تتوقف عند رئيس هيئة الحشد الشعبي بل إن مليشيا "عصائب أهل الحق" أعلنت عن تسجيل كيانها "صادقون" لدى المفوضية، وكذلك أعلنت مليشيات "كتائب

حلول عملية لأزمة ملايين النازحين!

صورة
مرة أخرى أجد نفسي مضطراً لتناول موضوع إهمال النازحين داخل العراق الذين فقدوا أبسط مقومات الحياة الحرة الكريمة، ذلك لأنه – ربما- ومع صمت المدافع في المنافي التي يتواجد فيها ملايين النازحين غابت عدسات التصوير والكاميرات التي تتناول المأساة إلا ما ندر، وصارت معاناتهم في صفحات الماضي، وهنا تكمن بداية المأساة. في مرحلة المعارك التي وقعت في ديالى والموصل والأنبار وغيرها سلطت وسائل الإعلام المحلية والأجنبية الضوء على هموم النازحين ومصاعب المخيمات المنتشرة في أماكن غير مؤهلة لحياة إنسانية مقبولة على أقل تقدير. واليوم - وبعد أن سُلِّط الضوء على احتفالات الحكومة بنهاية "داعش" من الموصل وما تلاها من معارك إعلامية وميدانية بين أربيل وبغداد- نجد أن قضية ملايين النازحين صارت في قائمة الإهمال الحكومي والإعلامي.  يوم السبت الماضي تناقلت بعض وسائل الإعلام المحلية خبراً عن الإهمال الكبير للنازحين في معسكر سعد شرق بعقوبة، وقد وصل الحال" إلى درجة انتشار المياه الآسنة في عموم المعسكر، لتشكل خطراً على الأطفال والصحة، مما دفع أهالي المخيم إلى حظر خروج أطفالهم الصغار خشية تعرضهم للأ