(عاشوراء) بين الشريعة والدستور العراقي!


عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر محرَّم في السنة الهجريّة.
وأهمية عاشوراء، كما ذكر الإمام مسلم في صحيحه أنّ رسول الله قَدِمَ المدينة فوجد اليهود صياماً يوم عاشوراء، فقال لهم: "ما هذا اليوم الذي تصومونه؟، فقالوا: هذا يوم عظيم، أنجى الله فيه موسى وقومه، وغرق فرعون وقومه، فصامه موسى شكراً، فنحن نصومه"، فقال الرسول الكريم: "فنحن أحقّ وأولى بموسى منكم فصامه، وأمر بصيامه"، (2/ 796ـ1130).
وعاشوراء في العراق، وبعض الدول، له حكاية أخرى حيث يستذكر غالبيّة الشيعة واقعة مقتل الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما!
وبعيداً عن الخوض في تفاصيل معركة الطف، فإنّنا سنلقي الضوء على محاولات  استغلال واقعة كربلاء، وبالذات في الخطاب السياسيّ العراقيّ، والشعائر الدينيّة التي ترافق المناسبة!
احتفالات عاشوراء تجري في العديد من المدن، ومنها النجف وكربلاء والكاظمية وسامراء وكافة مدن الجنوب، وهي برعاية رسميّة، بل وبحضور رسميّ واضح وأمنيّ مكثف لا يمكن مشاهدته في أيّ مناسبة وطنيّة، أو دينيّة أخرى.
في عاشوراء لاحظنا هذه الأيّام- وكما في كافّة السنوات الماضية بعد العام 2003- وجود شعارات مخطوطة، ولافتات واضحة، وأشرطة مسجّلة بالصوت والصورة، تلعن وتكفِّر- مع الأسف- كبار صحابة النبيّ الأكرم، ومن بينهم  الخليفتان(أبو بكر الصديق)، و(عمر بن الخطاب)، وغيرهما!
تكفير الصحابة الأخيار ولعنهم يهزّ مشاعر الغالبيّة العظمى من العراقيّين، بما فيهم نسبة ليست قليلة من الشيعة الذين لا يرتضون مثل هذه الأفعال غير البريئة، وهي تصرّفات همجيّة فيها استفزاز كبير لمشاعر أكثر من مليار مسلم في العالم!
الجهلة الذين يسبّون صحابة النبيّ لا يعرفون حقيقة الأواصر التي تربط ذلك الجيل النقيّ، وهم جميعاً بريئون من هذه الأفعال التي لا تمت للدين الإسلاميّ الحنيف بصلة، لا من قريب ولا من بعيد!
وها هو الإمام جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب يقول: ولدني أبو بكر الصديق مرّتين!
فكيف يمكن تفهم أنّ الإمام – حاشاه- يوافق على سبّ جدّه؟
وفي كلّ الأحوال نحن في العراق صرنا أمام ظاهرة فرضت نفسها على الأرض، ولهذا لا يمكننا تجاهلها، ولذلك حاولنا معالجتها بحياديّة وموضوعيّة، وكما يلي:
-        الدستور العراقيّ، وبحسب المادّة (7)، يمنع مثل هكذا تصرّفات مقصودة، أو غير مقصودة، وأكّد على أنّه:
-        (يحظر كلّ كيانٍ، أو نهجٍ يتبنّى العنصريّة، أو الإرهاب، أو التطهير الطائفيّ، أو يحرّض، أو يمهّد، أو يروّج، أو يبرّر له).
وعليه- وبموجب الدستور- ينبغي على رئيس الحكومة، والقائد العامّ للقوّات المسلّحة، عادل عبد المهدي، الذي زار كربلاء يومها، أن يأمر الأجهزة الأمنيّة باعتقال كلّ من يسبّ الصحابة، وخصوصاً أنّ التسجيلات أظهرت بعض هؤلاء الفَتّانين بالصوت والصورة، وهم يرفعون تلك اللافتات، أو يناولون الماء للزائرين ويطالبونهم، بصوت مرتفع، بلعن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما!
-        الصمت الرسميّ والدينيّ عن المؤامرة يؤكّد إمّا التأييد لهذه الكارثة،  أو التغافل المقصود بحجّة حرّيّة التعبير عن الرأي، وهذا لا يتّفق مع مبادئ الإسلام، ولا مع الديمقراطيّة التي تؤكّد على ضرورة احترام الشركاء في البلد!
-        صَمْت غالبيّة نوّاب السنّة، وعدم اعتراضهم على سبّ الصحابة، رغم أنّ اعتراضهم دستوريّ، هذا الصمت يؤكّد حالة الضياع التي تسبّبوا بها لممثّليهم رغم ترديدهم: ( نحاول تخفيف الضرر)!
وواقع الحال مليء بالقتل، والاعتقالات، والتهجير، والسبّ لمعتقدات الناس، فهل بقي هنالك ضرر أشدّ؟
وفي كلّ الأحوال نحن ننتظر موقفاً رسميّاً وقانونيّاً طالما أنّ مثل هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم؛ وعليه فإنّنا ندعو رئيس الوزراء، ورئيس البرلمان، والهيئات والمنظّمات الدينيّة والمدنيّة الحريصة على وحدة العراق ومستقبله أن تعاقب هؤلاء، وأن تُصدر تشريعاً شديداً يجرّم كلّ الذين يتّخذون من هذه المناسبات باباً لفتنة طائفيّة مقيتة بين المواطنين!
الإسلام دين الحضارة، ودين التعايش والحبّ والسلام، فمتى نتعلّم ديننا؟

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى