انتهاكات واسعة لحرية الإنسان العراقي



يعتبر الاحتجاز التعسفي بأشكاله المختلفة أحد الانتهاكات الخطيرة وواسعة الانتشار لحقوق الإنسان وكرامته.
ويقدم العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، في مادته التاسعة، تفصيلا محكما للحق في الحرية والأمان الشخصي، حيث ينص على: انه لكل فرد حق في الحرية والأمان على شخصه. ولا يجوز توقيف أحد، أو اعتقاله تعسفا. ولا يجوز حرمان أحد من حريته إلا لأسباب ينص عليها القانون، وطبقا للإجراء المقرر فيه يتوجب إبلاغ أي شخص يتم توقيفه بأسباب هذا التوقيف لدى وقوعه، كما يتوجب إبلاغه سريعا بأية تهمة توجه إليه.
وغالبا ما يرتبط الاحتجاز التعسفي، بوصفه إجراء غير قانوني، بمجموعة أخرى من الانتهاكات الأشد خطورة مثل انتهاك الحق في الحياة، والاختفاء القسري، وغيرها من صور الظلم والتعدي.
وفي العراق "الجديد"، بعد عام 2003، ما زالت انتهاكات حقوق الإنسان مستمرة منذ الأيام الأولى للاحتلال وحتى اليوم، وسأورد هنا بعض التقارير الدولية والمحلية التي تؤكد هذه الحقيقة المؤلمة، والتي أظهرت استمرار هذه الانتهاكات حتى نهاية العام الماضي، ففي يوم 13/9/2010، أفادت منظمة العفو الدولية " أمنستي"، أن عشرات الآلاف من المعتقلين يقبعون في سجون العراق بدون محاكمات، وتعرض بعضهم لسوء المعاملة، وقدرت المنظمة الدولية المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان وجود (30) ألف معتقل في العراق دون محاكمة، تعرض بعضهم للضرب الشديد،  قائلة إن السلطات العراقية لم تقدم أرقاما دقيقة حول أعدادهم.
وعلى الصعيد المحلي، رصد قسم حقوق الإنسان في هيئة علماء المسلمين في العراق حملات المداهمة والاعتقال التي نفذتها قوات الاحتلال والحكومة الحالية خلال العام الماضي(2010)، حيث بلغت في شهر كانون الثاني (170) حملة، قادت إلى اعتقال نحو(1612) مواطنا، وفي شهر شباط شنت القوات الحكومية (166) حملة، ونتج عنها اعتقال (1117) مواطناً.
وفي آذار تم رصد (205) حملات مداهمة وتفتيش واعتقالات حصيلتها اعتقال (1420) عراقيا.
وفي نيسان أعلنت الحكومة عن (239) حملة، تمخض عنها اعتقال (1808) أشخاص.
وفي  أيار نُفذت (297) حملة اعتقال، واحتجز خلالها (1852) مواطنا، بينهم (17) امرأة.
وفي حزيران بلغ عدد الحملات (319) حملة، نتج عنها اعتقال (1563)  شخصاً بينهم (22) امرأة، وفي تموز شهد العراق (329) حملة نفذتها القوات الحكومية في (13) محافظة قادت إلى اعتقال (1666) مواطنا، بينهم (20) امرأة.
وفي آب وقعت (353) حملة دهم وتفتيش، وكانت حصيلتها اعتقال (1692) شخصاً بينهم (14) امرأة.
وفي أيلول رصد القسم (375) حملة نتج عنها اعتقال (1681) شخصاً من بينهم (5) نساء.
وفي تشرين الأول اعتقل أكثر من (1151) في (233) حملة أمنية، أما في تشرين الثاني فقد تم اعتقال (1298) مواطنا بينهم (12) امرأة، واختطاف (11) شخصا بينهم ثلاثة أطفال وامرأة واحدة .
فيما شهد كانون الأول (323) حملة، وأسفرت عن اعتقال (1785) مواطنا بينهم (14) امرأة، إضافة إلى اختطاف (18) شخصا بينهم ثمانية أطفال وثلاث نساء .
وبهذا يكون مجموع الحملات (3267) حملة أمنية، واعتقال (18645) مواطناً يقبعون حتى الساعة في سجون تفتقر إلى ابسط الخدمات، ناهيك عن فقدان العناية الطيبة، وانتشار الأمراض الجلدية والصدرية وغيرها، وكذلك التعذيب الجسدي والنفسي.
ومن الأهمية بمكان التنويه إلى أن أغلبية هذه الاعتقالات لا تتم وفقاً لأوامر قضائية، بل أن أوامر الاعتقال تكون جاهزة ويتم إدخال اسم المعتقل في مكان الاعتقال.
والذي يجب التنبيه إليه أيضاً، هو أن هذه الأرقام لاتمثل نصف، أو ثلث الأرقام الحقيقية التي تحدث على ارض الواقع، وهي بالمحصلة أرقام حكومية، ولا تمثل إحصائيات مستقلة، بينما تشير التقديرات غير الرسمية إلى وجود أكثر من (100) ألف معتقل ينتشرون في مختلف السجون السرية والعلنية في العراق.

هذه هي حقيقة العراق "الديمقراطي الجديد" فهو مقبرة فوق الأرض وتحتها، ولا يدري أهلنا هناك إلى أين يولون وجوههم، في بلاد قُلبت فيها الموازين، وضاعت فيها البوصلة، وما زال ساستها يتغنون بانجازات وهمية لا يجدها المواطن على ارض الواقع؟!!.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

العراقيّون وكِذْبَات نيسان والتناحر المُرتقب!

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!