المنظمات الدولية في العراق بعين السفير لماني (1 – 2)



المقالة الرائعة التي كتبها الأستاذ مختار لماني الدبلوماسي المغربي، وممثل جامعة الدول العربية في العراق للفترة من4 مارس 2006  إلى تشرين الأول 2007 حول دور المنظمات الدولية والإقليمية في مساعدة الشعب العراقي والتي نشرت بتاريخ 4/6/2009 تناول فيها جملة من الحقائق التي تتعلق بدور المنظمات الدولية والإقليمية في العراق.
وقبل أن نخوض في الحديث عن دور ممثل الأمم المتحدة في العراق دي مستورا فإننا نشير إلى شجاعة وبطولة الأستاذ لماني حيث انه وافق على الذهاب للعراق في قمة الفوضى الأمنية في البلاد وذلك بتاريخ 4 مارس 2006، على الرغم من الضغوط التي سلطت عليه من قبل عائلته وغيرهم، إلا أنه إحترم إرادة الجامعة العربية وقبل المهمة وذلك لإهتمامه الكبير بالشأن العراقي، وهو لا ينظر إلى العمل الدبلوماسي كما ينظر إليه البعض على أنه حياة مترفة منعمة، بل هو ينظر للعمل الدبلوماسي عمل فدائي، كما  ذكر في لقاء مع صحيفة اليوم السياسي بعد قبوله بالمهمة بأن " الدبلوماسي فدائي ولذلك فانا لست قلقا على حياتي الشخصية ولذلك يمكن القول إنني في غاية الخوف من سوء عاقبة الوضع المتأزم في العراق".
والرجل صاحب قضية حيث قال في نفس اللقاء "إنني متفائل جدا وقناعتي شديدة في الشعب العراقي بمختلف طوائفه واتجاهاته في أن يتغلب على هذه المحنة التي يمر بها في الوقت الحالي"
والذي أعجبني في الرجل هو حبه الكبير للعراق حيث قال إن كلمة الاحتلال بحد ذاتها بغيضة جدا ونعلم مسبقا حجم التحديات ولكننا سنفعل المستحيل من أجل مساعدة الأشقاء العراقيين.
الحالة العراقية المعقدة والمتمثلة في بلاد أحتلت بعد تجييش أمريكا لدول العالم في ما أسمته التحالف الدولي والذي انتهى بإحتلال العراق في بداية عام 2003  من دون الحصول على تفويض أممي؛ هذه المسألة بحد ذاتها تتطلب من المنظمة الدولية أن تكون على الأقل حيادية في معالجة الملف العراقي، الذي يشوبه الغموض من حيث شرعية الاحتلال وغيرها من القضايا التي يعرفها المتابع للشأن العراقي، وهذا الكلام ينطبق على مبعوثها الخاص إلى العراق السويدي استيفان دي مستورا حيث إن مهمته في العراق كان فيها العديد من دلالات الخروج عن اللياقة الدبلوماسية منها، على سبيل المثال لا الحصر،  أن دي مستورا هو أول من استخدم مصطلح "الأراضي المتنازع عليها" في تقريره الأول الذي كتبه بخصوص كركوك والذي" أسماه المناطق المتنازع عليها بين بغداد واربيل"؛ والمعروف أن مصطلح المناطق المتنازع عليها يكون بين الدول، وليس بين المحافظات في الدولة الواحدة؛ مما يعني أن دي مستورا يعمل على إشاعة روح الإنفصال التي يطبل لها الساسة الكرد، وهذا يتناقض مع أساس مهمته التي يدعي فيها انه جاء من أجل الشعب العراقي.
وكان دي مستورا قدم توصيات للحكومة الحالية في العراق تنص على إدراج 4 من المناطق المتنازع عليها ضمن إدارة كل من الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان وشملت التوصيات وضع كل من الحمدانية وناحية مندلي تحت إدارة الحكومة المركزية، ومنح الأكراد حق إدارة قضائي مخمور وعقرة، مما أثار حفيظة الساسة في العراق بما فيهم الكرد لأنها أضافت لهم مناطق وسحبت منهم مناطق أخرى، وهو بذلك يضع الحطب على النار، ولا يدري كيف يجد الحلول لهذه القضية، التي يراد منها تقسيم العراق، أو تفكيكه على الأقل، بل على العكس من ذلك هو يحاول توسيع دائرة ما يسمى "المناطق المتنازع عليها" من أجل تعقيد المسألة أكثر؟!!
وفي يوم 21/6/2008 قال النائب أسامة النجيفي إن دي مستورا تصرف بنحو غير دستوري عندما لم يحصل على موافقة هيئات الرئاسة الثلاث بالبدء بالإجراءات التي نصت عليها المادة 58 من قانون إدارة الدولة، وأن توصياته ستخلق أزمة اكبر من الأزمة الحالية حسبما قال النائب عز الدين الدولة وان هنالك أكثر من 100 نائب في البرلمان الحالي من مختلف الكتل البرلمانية معترضون على نشاط الأمم المتحدة في هذا الشأن.
وخلاصة القول بخصوص هذه النقطة انه لا يوجد غطاء قانوني يدعم نشاط دي مستورا حول ما اسماه المناطق لمتنازع عليها حيث أكد مجموعة من البرلمانيين العراقيين أنه " لا قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1770 بمفرده يتيح له هذا ولا هو إستعان بمجلس رئاسة الجمهورية للقيام بهذا لان المناطق  المتنازع عليها التي تناولها نشاط دي مستورا تحديداً من صلاحيات مجلس الرئاسة وفقا للدستور وليس من صلاحيات دي مستورا".
وكل هذه المؤشرات تظهر التدخل السافر للدبلوماسي السويدي بمهام هي خارج مهمته المناط بها  في العراق.

وللحديث بقية

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى