المالكي والدفاع عن المعايير والقيم



منذ فترة ونحن نسمع نغمة جديدة في خطاب رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي يحاول من خلاله إظهار عدم انحيازه وموضوعيته في تعامله مع أبناء الشعب العراقي، وهذا الكلام الذي كنا نتمنى أن نسمعه ونرى تطبيقه من المالكي منذ أن استلم رئاسة الوزراء وليس الآن، وبعد خراب البصرة.
 وبالأمس يوم 18/9/2008 م، أكد المالكي في لقاءه مع مجموعة من علماء الدين في جامع أم القرى ـ مقر هيئة علماء المسلمين سابقا قبل اختطافه واغتصابه من قبل رئيس ديوان الوقف السني احمد عبد الغفور السامرائي ـ على أن الساحة العراقية تحتاج جميع أطياف الشعب.
وهنا أريد أن اعرض جملة من الحقائق أمام أنظار كل الشرفاء من أبناء الشعب العراقي حتى لا يغتروا ولا يضللوا بهذا الخطاب الذي ظاهره الوحدة وجمع الكلمة وحقيقته الطائفية والتفرقة بين بناء الشعب العراقي.
الحقيقة الأولى: إن المالكي إذا كان حريصا على جمع أطياف الشعب العراقي عليه أن يفرغ ويبيض السجون المليئة بعشرات الآلاف من الأبرياء من الذين لا ذنب لهم ،إلا أنهم رفضوا الوقوف مع الاحتلال أو أنهم كانوا ضحية لوشاية من حاقد هنا وهناك.
الحقيقة الثانية: التهجير الذي طال أكثر من 5 ملايين عراقي ،هجروا في مشارق الأرض ومغاربها بسبب الإجرام التي مارسته ـ وتمارسه ـ الأجهزة الأمنية الحكومية التي يقودها المالكي شخصيا، فمن يرد لهؤلاء فرحتهم بالعودة لبلادهم ووظائفهم، ـ أم أن هؤلاء لا يحتاجهم المالكي ولا الساحة العراقية؟
الحقيقة الثالثة: الاعتقالات العشوائية المستمرة يوميا في عموم البلاد بحجج " مكافحة الإرهاب"
والتي طالت مئات الآلاف من الأبرياء الذين يقبعون ـ حالياً ـ في سجون وزارتي الدفاع والداخلية.
الحقيقة الرابعة: ونحن لا ندري عن أي قيم يتحدث رئيس الحكومة بعدما صار الخونة والعملاء هم ساسة البلاد وقادتها وصار الرافضون للاحتلال هم الإرهابيون والقتلة ، حيث قال في خطابه"لا ننظر إلى معركة بدر على أنها معركة عسكرية فقط، إنما هي عملية تثبيت معايير وقيم، ومعركتنا اليوم أيضاً معركة دفاع عن المعايير والقيم في أمة أراد لها الله عز وجل أن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر".
وضمن كلمته قال المالكي "إن السياسة لابد من أن تكون هي المحور الذي يوحد الشعب ويحترم فيها الدستور، مشيرا إلى أن دور علماء الدين في المرحلة الحالية يرتكز بالدرجة الأساس على حث الناس على التوحد ونبذ الطائفية وترسيخ ودعم مشروع المصالحة الوطنية الذي أطلقناه، ولإيماننا بان السلاح وحده لا يصنع الأمن والاستقرار ما لم تدعمه الكلمة الطيبة" فأي سياسة هذه التي وحدت الشعب العراقي بعد الاحتلال؟!!
 وكل عاقل يعرف أن الاحتلال، ومن جاء معه،كانوا السبب الرئيسي في تمزيق وتشتيت النسيج الاجتماعي للشعب العراقي ،وهم الذين جاءوا بالطائفية وزرعوا التفرق ورسخوا الخلافات بين أبناء الشعب العراقي ،وهم من زرعوا ـ ويزرعون ـ الكلمة الخبيثة بين أبناء شعبنا الأصيل الذي عرف حجم المؤامرة التي تحاك ضده فوقف لها بالمرصاد حتى أفشلها. 
وقال رئيس الوزراء "إن العراقيين عرفوا بانتمائهم الحقيقي لبلدهم، ولكن اليوم وبعد التحسن الأمني نلحظ عودة اغلب المهاجرين إلى ديارهم ليشاركوا في بناء وطنهم، وعلينا أن نعمل مجتمعين لإعادة جميع المهجرين والمهاجرين إلى ديارهم. 
إن العراقيين عرفوا بانتمائهم لبلدهم العراق الأصيل؛ ولم يعرفوا بانتمائهم للعراق المغتصب والذي يصفق فيه الخونة والعملاء للاحتلال وأعوانه ،وان عودة المهجرين محفوفة بالخطر الواضح حيث تلقت العوائل العائدة لمنازلها تهديدات يومية من عصابات إجرامية تقف وراءها الحكومة تدعوهم لمغادرة منازلهم وإلا فان الموت بانتظارهم .
ونحن مع عودة كل العراقيين للعراق لكننا نريد عودة فيها ضمانات من جهات نثق بها لا من جهات تظهر البسمة في شفاهها بينما تشتعل قلوبها حقدا وكراهية على كل من لا

 يكون معها.
إن الخطاب الذي تحدث به المالكي في جامع أم القرى خطاب ينطلي على الذين لا يعرفون الواقع العراقي بينما نلاحظ أن الواقع على عكس ما تحدث المالكي ولا ندري إلى متى ستبقى هذه الحكومة تحاول تزييف الحقائق بالخطب والشعارات الرنانة بينما واقع الحال ينبأ بالطائفية والظلم والخراب.
·        كاتب عراقي.
·        للتواصل مع الكاتب:

الحملة العالمية لمناهضة العدوان

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

العراقيّون وكِذْبَات نيسان والتناحر المُرتقب!

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!