العراق بعد سبع سنوات من الظلم والاستهتار الأمريكي والحكومي (2)



واستمراراً لما ذكر في الحلقة الأولى من مسلسل الظلم والاستهتار الأمريكي والحكومي في العراق، نورد الحقائق التالية:ـ
 
آلاف النازحين العراقيين يعانون أزمة إنسانية خطيرة
 
بتاريخ 18/3/2010، أفادت منظمة لاجئون دوليون “ريفوجيز إنترناشيونال” غير الحكومية ومقرها الولايات المتحدة، عشية الذكرى السابعة لاجتياح العراق أن مئات الآلاف من العراقيين الذين نزحوا من ديارهم بسبب الحرب إلى مخيمات يعمها البؤس، يعانون أزمة إنسانية خطيرة، وطلبت مساعدة واشنطن.
وأن "بين المليون ونصف المليون عراقي الذين اضطروا إلى مغادرة منازلهم في 2006 و2007 أي حوالي 500 ألف، يعيشون في الأكواخ".
وأفاد التقرير بأن الحكومة العراقية لا تبذل الكثير وربما لا تفعل شيئاً لمساعدة النازحين. ودعا الولايات المتحدة “التي تتحمل مسؤولية خاصة” في هذه الأزمة الإنسانية إلى الاهتمام بالنازحين[1].
 
عشرات الآلاف من الأرامل في مدينة الفلوجة
 
وبتاريخ 28/12/2009، أعلنت منظمة "البر" لرعاية الأيتام في مدينة الفلوجة، وعلى لسان أمينها العام عبد جبار العلواني، أن عدد الأرامل ازداد بشكل مخيف في مدينة الفلوجة وضواحيها، خلال الأعوام القليلة الماضية، ليبلغ أكثر من 30 ألف أرملة، قضى أزواجهن في العمليات العسكرية والتفجيرات والمعارك التي شهدتها الفلوجة بعد الاحتلال الأميركي للعراق. وأوضح التقرير "أن %66 من الأرامل لا تتجاوز أعمارهن 25 عاماً، ومنهن من ترملن وهن عرائس".
ويقول: "قمنا بإجراء مسح سكاني مضنٍ على مدى أربعة أشهر، تبين لنا في خلاله وجود أكثر من 30 ألف أرملة في المدينة، %70 منهن لا يتقاضين أي مرتب من الحكومة أو إعانة مالية، و%30 منهن يتقاضين مبلغ 100 ألف دينار فقط، وهو لا يكفي لتغطية أسبوع واحد من الشهر، علماً بأن معظمهن لا يمتلكن بيوتاً، ولديهن أطفال في مراحل التعليم، ويعانين من أمراض". ويبدي أمين عام المنظمة أسفه لأن "الحكومة تستكثر على الأرامل مبلغ الحماية الاجتماعية، في حين أنه يخصص أحيانا لمن لا يستحقه، بسبب الوساطة والمحسوبية"، مضيفا أن الحكومة "تتغاضى عن الموضوع ولا تكلف نفسها عناء تشكيل لجان تهتم بصرف مبالغ شهرية للأرامل تساعدهن على المعيشة وحفظ كرامتهن.[2]
 
انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان في العراق
 
وبتاريخ 11/6/2009، استعرضت منظمة العفو الدولية في تقرير لها الممارسات التعسفية والانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان العراقي منذ الاحتلال الغاشم، مؤكدة أن مئات الآلاف من المدنيين العراقيين بينهم آلاف الأطفال سقطوا بين قتيل وجريح خلال السنوات الست الماضية بسبب الجرائم الوحشية التي ترتكبها قوات الاحتلال الأمريكية والقوات الحكومية بشكل شبه يومي ضد المدنيين الأبرياء.
وأشارت إلى جرائم الاختطاف والقتل والتعذيب والاغتصاب التي طالت المعتقلين في سجون الاحتلال والسجون الحكومية، إضافة إلى تهجير أكثر من مليوني عراقي خارج البلاد ونزوح أكثر من مليونين آخرين من مناطق سكناهم الأصلية بالداخل إلى أماكن أكثر أمنا هربا من جحيم أعمال العنف الطائفي التي راح ضحيتها مئات الآلاف من الأبرياء .
وأوضح التقرير أن الوضع الإنساني في العراق ظل طوال السنوات الماضية يبعث على القلق، حيث أفادت تقديرات الأمم المتحدة بأن أكثر من أربعة ملايين عراقي لا يتوفر لهم الطعام الكافي، وأن نحو 40 بالمائة من السكان لا يستطيعون الحصول على مياه نظيفة للشرب، وأن نحو 30 بالمائة من السكان لا يستطيعون الحصول على خدمات الرعاية الصحية الملائمة، كما كان النظام التعليمي على شفا الانهيار، حيث تفتقر المدارس والجامعات إلى إمكانات أساسية مثل الكتب والمدرسين والأساتذة ، فضلاً عما يتعرض له الطلاب من ترويع بسبب أعمال العنف حيث تعرضت العديد من المدارس للقصف ، فيما ظل معدل البطالة مرتفعاً بشكل كبير ، حتى بلغ أكثر من 50 بالمائة.
وشدد التقرير على أن القوات الحكومية ارتكبت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ، بما في ذلك التعذيب والإعدام خارج نطاق ألقضاء موضحة أن عدداً من المعتقلين ، وبينهم أحداث ، تعرضوا للتعذيب وشتى صنوف المعاملة السيئة على أيدي الحراس وعناصر القوات الأمنية التي تشرف على السجون والمعتقلات .
وأشار التقرير إلى أن من بين أساليب التعذيب التي استخدمت ضد المعتقلين لدى وزارة الداخلية في الحكومة الحالية ، الضرب بالأسلاك الكهربائية وخراطيم المياه ، والتعليق لفترات طويلة من الأطراف ، والصعق بالصدمات الكهربائية ، وكسر الأطراف ، ونزع أظافر القدمين بكماشات ، وثقب الجسم بمثقاب .. مؤكدا أن عددا من الأحداث الذكور في سجن ( الطوبجي ) غرب العاصمة بغداد تعرضوا إلى شتى أنواع الإيذاء البدني والجنسي من قبل الحراس ، فيما عثر المحققون على أدلة واضحة تثبت أن اثنين من الأحداث قُتلا على أيدي حراس السجن المذكور مطلع عام 2008.[3]
 
ولكردستان نصيب من الظلم
 
وفي منطقة كردستان العراق ، التي تخضع الآن إلى إدارة شبه ذاتية أكدت منظمة العفو الدولية أن المنطقة شهدت العديد من الحالات الخاصة بانتهاكات حقوق الإنسان من قبل عناصر قوات الأمن الكردية المعروفة باسم "الأسايش"، الذين يمارسون عملهم وهم بمنأى تام عن العقاب والمساءلة ، حيث تقوم تنتهج تلك القوات أساليب الاعتقالات التعسفية بعد أن تقاعست السلطات هناك عن إيضاح مصير ضحايا الاختفاء القسري ، كما تمارس شتى أنواع التعذيب وصنوف المعاملة السيئة ضد المعتقلين. وفي ختام تقريرها أشارت المنظمة الدولية إلى أن عددا من الصحفيين تلقوا تهديدات بالقتل أو واجهوا المحاكمة بعد أن كتبوا مقالات عن الفساد المالي والإداري أو انتقدوا السياسات التي ينتهجها المسؤولون في ما يسمى بإقليم كردستان .. موضحة أن الصحفي (سوران مامه حمه ) قُتل اثر نشره مقالات تنتقد مظاهر الفساد ومحاباة الأقارب لدى الحزبين الكرديين الرئيسيين ، كما صدر حكم بالحبس لمدة ستة أشهر وبالغرامة المالية على طبيب يُدعى ( عادل حسين ) ، بعد أن نشرت صحيفة "هاولاتي" الكردية مقالاً كتبه عن الجنس والعلاقات الجنسية المثلية من وجهة نظر طبية ، لكنه أُطلق سراحه إثر احتجاجات دولية[4].
 
البيئة في العراق
 
وبتاريخ 4/مايو/2009، حذرت وزارة البلديات والأشغال العامة العراقية، من ظهور "تلوث ونسبة أملاح عالية" في شط العرب نتيجة قطع إيران مياه الأنهر والجداول القادمة من أراضيها.
ونقل بيان للمركز الوطني للإعلام عن الوزارة "أن حالة انخفاض المنسوب تسببت بتلوث وملوحة عالية في المياه الخام، ما استدعى بذل جهود إضافية للحد من تأثير ذلك على المواطنين".
وأكد البيان حدوث "انقطاع كامل للمياه الواردة من نهر الكارون القادم من إيران ويصب في مجرى شط العرب، ما أدى إلى عدم صلاحية مياه الشرب في منطقه الفاو".
وأضاف "أن الحد من مخاطر التلوث يكون عن طريق نصب وحدات التحلية بدلا من المشاريع ومجمعات التصفية العادية.[5]
 
تلوث العراق بمادة اليورانيوم المنضب
 
وبتاريخ 26/8/2009، كشفت وزيرة البيئة نرمين عثمان أن الحكومة العراقية لم تطمر أكثر من 10% من الدبابات والآليات العسكرية الملوثة باليورانيوم المنضب، وأن الحطام المشع وحوالي عشرة ملايين لغم ما زالت تلوث البلاد بسبب النقص في الميزانية وهشاشة الوضع الأمني،مؤكدة أنهم رصدوا 80% من المواقع الملوثة ولكن بسبب انعدام الأمن، ما زالت هناك مناطق تعذر عليهم الوصول إليها، موضحة أن الأموال المخصصة للوزارة ضئيلة جدا ولاتكفي لمواجهة التحديات البيئية في البلاد[6].
 
الفساد ينخر جسد العراق الهشّ         
 
بتاريخ 29/10/2009، حذّرت صحفية نيويورك تايمز الأمريكية من أن الفساد بات يستشري في جسم حكومة الاحتلال الرابعة بشكل أسوأ مِمَّا كانت عليه بكثير،مهددًا الوضع الأمني الهشّ للعراق
ومن مظاهر ذلك ما جاء في تقرير حديث للمفتش العام لوزارة الداخلية الحكومية سلط فيه الضوء بشكل خاص على ظاهرة الرشوة المستشرية بين حراس الحواجز ونقاط التفتيش.
فهناك من يستولي على مبالغ من رواتب الموظفين وهناك من يتلاعب بالعقود للاستفادة منها بمكاسب شخصية،بل إنّ بعض قادة الشرطة يضيفون لقوائم من يدفعون رواتبهم ضباط شرطة وهميين لأخذ رواتبهم،وقد يخبر هؤلاء القادة بعض من يتبعون لهم أنهم فصلوا من العمل لكنهم لا يقطعون رواتبهم بل يستمرون في أخذها عوضًا عنهم.
وقد يتم إطلاق سراح مجرمين مقابل رشوة كبيرة، بل قد تشطب سجلاتهم الجنائية مقابل رشى تقدم إلى الضباط وفي بعض الأحيان يقوم الحراس بابتزاز المعتقلين لأخذ مبالغ مالية من ذويهم.
وفضلاً عن الفساد المالي هناك أيضًا الفساد السياسي،فالأحزاب السياسية الطامحة للوصول إلى السلطة تتنافس، حسب المسئولين الغربيين والعراقيين لتأمين ولاء أكبر قدر من الأجهزة الأمنية، وقد أيّد عدد كبير من ضباط الشرطة ما جاء في تقرير المفتش وأعطوا أمثلة أخرى عن أشكال من الفساد الذي يهدد استقرار قوات الأمن نفسها[7].
 
تسييس قضية كركوك
 
وعملت قوات الاحتلال الامريكية ومعها قوات الاحتلال الامريكية واعوانها من الساسة في العراق المحتل على اثارة النزعات الطائفيةوالعرقية بين العراقيين ومن ذلك قضية كركوك، وبتاريخ 17/1/2010، أكدت الباحثة العراقية الدكتورة ( وصال العزاوي ) مدير المركز العراقي للدراسات الإستراتيجية أن مشكلة كركوك لم يعرفها التاريخ السياسي العراقي سابقا، ولم تكن هناك مشكلة اسمها كركوك، أو قضية كركوك، ولو استقرأنا التاريخ السياسي العراقي منذ تأسيس دولة العراق عام 1920 وحتى عام 2003 لم نجد أي أحداث تشير إلى وجود احتراب طائفي، أو قومي، أو صراع بين العرب والتركمان والأكراد حول كركوك، بل العكس من هذا كانت كركوك نموذجا للتعايش السلمي، ومدينة التنوع والاختلاط ومدينة الحب والتآخي بين كل القوميات والطوائف والمذاهب، وكان هذا التنوع هو تنوع متميز عبر عن نفسه بالانتماء إلى الوطن أولا وأخيرا.
إن قضية كركوك ظهرت بعد الاحتلال الأمريكي البريطاني للعراق عام 2003، حيث قامت الإدارة الأميركية بتعيين حاكم مدني أمريكي هو بول بريمر، الذي قام بعدة إجراءات للسيطرة على الوضع في العراق، من بينها تأسيس مجلس الحكم الانتقالي الذي ضم 25 عضوا على أساس طائفي وعرقي، وكانت هذه البداية لتأسيس المحاصصة الطائفية لبناء المؤسسة السياسية الحكومية .
وأضافت العزاوي: يخلص أي فاحص منصف للتقرير الاممي إلى انه جانب الحيادية بين الإطراف ذات العلاقة وطروحاتها ، وبدا منحازا بشكل جلي إلى الطرف الكردي وهذا واضح من خلال طروحاته التي كانت بصورة مباشرة وصريحة مرة ، وبالالتفاف والمناورة مرة أخرى ، الأمر الذي افقد التقرير فرصة أمساك العصا من منتصفها وقوض فرصة التعاطي الايجابي معه أن لم نقل منح فرص الارتياب والتشكيك في دوافعه وغاياته.[8]
 
الجارديان: عطش العراق غير مسبوق
 
وبتاريخ 27/8/2009 وصف تقرير لجريدة "الجارديان" البريطانية النقص الحاد في المياه في العراق بـ"غير المسبوق"، وتنقل "الجارديان" عن محافظ الناصرية قوله: ولا حتى في أيام صدام حسين واجهنا مستقبلًا بهذا السوء.
ففي أسوأ نقص للمياه في آلاف السنين من عمر العراق، فهناك 2 مليون شخص مهددون بالعيش دون كهرباء، ومثلهم دون مياه للشرب.
ويصف التقرير كيف جفت الأهوار، وكيف بدأ تهجير مئات الآلاف من حول شط العرب بعدما فقدوا مصدر الحياة وهو المياه، فالأرض لم تعُد تصلح للزراعة، والحيوانات تنفُقُ من شرب المياه الراكدة، والتي زادت ملوحتها نتيجة انخفاض منسوب النهر، الذي يصب في ممر شط العرب الذي يربطه بالخليج.
ولم يعد الفرات، الذي كانت تحيط به الخضرة عبر مجراه في العراق سوى جدول صغير تنساب في نهايته كميات ضئيلة من المياه أغلبها طمي وتكاد تكون راكدة قرب المصب[9].
 
المصالحة الوطنية
 
أما مهزلة المصالحة الوطنية التي تغنت بها الحكومات التي نصبها الاحتلال فلا أساس لها على أرض الواقع، وبهذا الخصوص قال الشيخ حارث الضاري لمجلة لواء الشريعة الأردنية إنه" من المعلوم لدينا ولدى كل عراقي متابع لما جرى ويجري في العراق بعد الاحتلال، أن المالكي كان من رؤوس الطائفيين، بل كان من المشرفين على كثير من الأعمال التي جرت في العراق ووُصفت بالطائفية، أي الأعمال التي عُرفت بالتصفيات على الهوية، فهو كان مساعدًا لإبراهيم الجعفري رئيس وزراء الحكومة الثالثة، ثم لما أصبح رئيسًا للوزراء، كان يدير الميليشيات بنفسه على مدى السنتين الأوليين من رئاسته، من أوائل سنَّة 2006 إلى أواخر سنة 2007.
أما أن يتظاهر اليوم بالوطنية ويدعو إلى إعادة النظر في الدستور، والمحافظة على الأراضي العربية في كلٍّ من كركوك والموصل وغيرهما! فأعتقد أنها مواقف ليست جدية، وإنما هي محاولة لتركيز السلطات في يديه، ودعوى يريد أن يكسب بها عواطف البسطاء من أبناء شعبنا، ويوهمهم بأنه هو الغيور على العراق وعلى أرض العراق وعلى وحدة العراق[10].
بدوره قال السياسي العراقي المعارض صلاح عمر العلي بهذا الخصوص:" لا اعتقد بذلك؛ فخطاب المالكي السياسي يتناقض تماما مع روح المصالحة الوطنية، وهو يكرس جهده هذه الأيام لبناء المزيد من الأجهزة الأمنية المرتبطة به شخصيا، مستغلا أموال الدولة كي يكرس نفسه حاكما أوحدا للعراق، أما ما يروجه هذه الأيام من الأحاديث المملة عن المصالحة الوطنية فيعود سببه إلى أن الإدارة الأمريكية تهيئ نفسها للانسحاب من العراق، ولكن لا تريد ان يكون انسحابها انسحاب من خسر المعركة، هذا أولا، وثانيا فإنها تسعى من أجل ضمان عدم إنهيار عمليتها السياسية التي أسستها في العراق بأعقاب الانسحاب. ومن اجل ذلك فهي تمارس ضغطا شديدا عليه من أجل احتواء أكبر عدد من القوى السياسية المناهضة للاحتلال، إلا أننا نراهن بان المالكي وكل أطراف العملية السياسية القائمة حاليا في العراق، لا ترغب ولا تؤمن بالمصالحة الوطنية، فخطاب القوى الوطنية يتعارض تماما مع خطاب القوى المتحالفة مع المحتلين".[11]
وللحديث عن الظلم والاستهتار الأمريكي والحكومي في العراق تتمة
 




[1]   صحيفة القدس/ http://web.alquds.com/node/243441
[5]/ صحيفة الشرق الأوسط اللندنية/http://www.aawsat.com/details.asp?section=4&issueno=11115&article=517781&feature=

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

العراقيّون وكِذْبَات نيسان والتناحر المُرتقب!

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!