ماالذي جناه شيعة العراق بعد الاحتلال الأمريكي؟



إن فكرة المظلومية هي من الأفكار التي حاول ويحاول الكثير من الساسة ـ سواء قبل الاحتلال أم بعده ـ من الذين جاءوا على ظهر الدبابة الأمريكية أن يثقفوا لها ويبرزوها في عقول عموم الشيعة في العراق وهذه الفكرة مبنية على أسس طائفية مقيتة يراد منها أن تكون اللبنة الأولى لما يسمى النظام الفيدرالي في عراق التحرير والديمقراطية.
بل إن أحد قادة الأحزاب الشيعية العراقية المعروفة بولائها المطلق لإيران نقل عنه تأكيده " إن هذه الفرصة لم تتح للشيعة منذ أكثر من ألف عام وعليه ينبغي استغلالها على الوجه الأكمل "ويقصد مرحلة ما بعد الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003.
ومن الواضح أن هذه الفكرة ـ المظلومية وغيرها ـ آتت ثمارها عند بعض ضعاف النفوس وليس عند عموم شيعة العراق، وهذا ما يشهد به الواقع العراقي اليوم، حيث أن هنالك الكثير من الشيعة الرافضين لهذه الممارسات التي نفذت بأجندات خارجية، سواء في داخل العراق أو خارجه.
ومنذ احتلال العراق توالت المخططات الطائفية من أجل إظهار أن الفيدرالية وتقسيم البلاد هي الحل لكثير من المشاكل، وبداية المخطط كانت بالاعتقالات العشوائية التي طالت الأبرياء على يد المليشيات الحكومية في وزارتي الداخلية والدفاع وكانت بداية عام 2005 هي نقطة التحول الخطيرة في مجريات الأوضاع في السجون العراقية التي صارت مقابر جماعية للأبرياء.
وتلت هذه العمليات الاستفزازية العديد من الجرائم المنظمة وفي وضح النهار وفي العديد من المدن العراقية وخصوصاً العاصمة بغداد وضواحيها، وكان من أبرز واخطر هذه المحاولات التقسيمية التجزيئية هي تفجير قبتي الإمامين العسكريين في سامراء، والتي كانت الشرارة التي انطلق منها ضعاف النفوس، وبمؤازرة جهات إيرانية، بالإضافة إلى العديد من القوى الإقليمية المستفيدة من استمرار الأوضاع السائدة في العراق، ولتنفيذ مخطط طائفي لعين ؛ وكانت النتيجة الآلاف الاغتيالات لأبرياء لا ذنب لهم إلا كونهم من مكون معروف من أبناء الشعب العراقي، ولكن حكمة الأخيار من العراقيين أطفات تلك الشرارة المخيفة وفوتت فرصة مهمة وخطيرة للأعداء في سبيل تقسيم البلاد وإشعال نار الحرب الأهلية، وبالتأكيد أن الطرف الشيعي دفع بالمقابل ثمنا لهذه الاعتداءات، من دماء الأبرياء من الشيعة العرب.
ولم تتوقف محاولات الفتنة الطائفية بل استمرت على أشكال مختلفة منها الاعتقالات البشعة بحق الأبرياء الذين تمت تصفية المئات منهم ليكونوا طُعما للكلاب السائبة على قارعة الطريق وعلى المزابل،( الجثث المجهولة ) وكذلك نقاط التفتيش التي كانت تبتز الناس وتهينهم وتعتدي على الأرواح والأعراض، بالإضافة إلى الاستفزازات المستمرة للأجهزة الأمنية والتي كانت تستخدم مكبرات الصوت أثناء حملاتها للسب على الأعراض وعلى رموز الأمة من اجل استثارة الطرف الآخر ومن ثمَّ استهدافه بحجة الإرهاب والدفاع عن النفس وغيرها من الحجج.
ورغم كل هذه المحاولات الشيطانية، ورغم الصور البشعة التي رسمها الاحتلال ومن جاء معه على جبين المشهد العراقي اليوم، ومحاولاته المستمرة لتفتيت أي رابط بين مكونات الشعب العراقي إلا انه والحمد لله استمرت روح المقاومة الإسلامية والوطنية الرافضة لوجود الاحتلال في البلاد.
والحق أن كل هذه الممارسات السيئة أظهرت أن شيعة العراق من العرب هم الخاسر الأكبر مما يجري في البلاد، وذلك من عدة وجوه منها :ـ
1-السخط الشعبي المتزايد على هذا المكون ـ بسبب ما ارتكبته آلة الشيعة الصفوية القادمة من إيران بحق أبناء الشعب العراقي من اغتيالات واختطاف وجريمة منظمة ـ سواء في الأوساط الوطنية العراقية أم في الأوساط القومية العربية.
2- تكبد الشيعة العرب بالمقابل العديد من الخسائر البشرية حيث تم تصفية الآلاف الأبرياء من عموم الشيعة في مناطق الثورة (مدينة الصدر) والحلة والديوانية وكربلاء وغيرها من مدن العراق بحجج مختلفة، سواء من قبل المليشيات الحزبية الشيعية الأخرى أو غيرها.
3- ظهور شيعة العراق بموقف اللامنتمي للأمتين الإسلامية والعربية ومحاولة إظهار الولاء والتبعية لإيران، وهذا مما سيجعل وجود شيعة العراق وموقفها في الشارع العراقي هشاً في المستقبل البعيد والمتوسط .
4- محاولة قتل الروح الوطنية الرافضة للاحتلال عند الشيعة بواسطة الفتاوى التي دعت إلى عدم محاربة الأجنبي للخلاص من الحاكم المستبد، والتي قال بها الخامنئي في إيران وغيره من المرجعيات الشيعية في العراق ـ مما جعل البعض يتهم شيعة العراق بالعمالة والجاسوسية .
وعليه وفي ظل هذه الضبابية الواضحة فإن على شيعة العراق من العرب أن يثبتوا ويبنوا موقفهم بكل وضوح في العديد من القضايا، وتسمية الأشياء بمسمياتها، ومنها الاحتلال وكيفية النظر إليه هل هي قوات احتلال أم قوات تحرير؟ وكذلك مسألة التبعية لإيران والدوران في فلك السياسة الإيرانية،وضرورة تأكيدهم لانتمائهم العربي والإسلامي ،لأن هذه المواقف ـ إن لم يتم استدراكها ـ ستجعل شيعة العراق في موقف ضعيف لا يحسدون عليه، وهم يعرفون قبل غيرهم، أن الأيام والمواقف لا يمكن أن تنسى بسهولة من ذاكرة الشعب العراقي الصابر المجاهد .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* كاتب عراقي.
الحملة العالمية لمناهضة العدوان
17/5/2008

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى