أطفال العراق تحت انقاض المدارس!



القتل أبشع الجرائم المتوقع وقوعها على الأرض؛ لأنه تخريب متعمد لأعظم المخلوقات، وهو هدم وتدمير لكيان معتبر ومحترم، له عقل وروح وقلب ينبض، ومن أصعب اللحظات تلك التي يتجرأ فيها المجرمون على قتل الإنسان، والقتل في حقيقته هو نشر للرعب في المجتمعات الإنسانية الآمنة.
والقتل العشوائي- على وجه الخصوص- يُعد من أبرز سمات المجتمعات البربرية المتخلفة التي لا تعرف معنى الحب والصلاح والرقي وبناء الحضارات، بل من يرتكب جريمة القتل العشوائي وغير العشوائي، هم ثُلة من المتخلفين والهمج، الذين لا يعرفون قيمة للإنسان والحياة وحرمة النفس البشرية، وليس لديهم وازع من دين، أو ضمير، أو خلق، أو مبدأ، وهم بكلمة دقيقة مختصرة: وحوش بأشكال بشرية.
وقبل أيام، وبينما كنت أتصفح موقع التواصل الاجتماعي (الفيسبوك)، قرأت هذه الكلمات الجميلة من مشترك يُسمي نفسه:- ( السلام عليكم)، يصف فيها حب العراقيين لبلدهم، ومما جاء في كلامه:- ( أيها الموت فارق العراق؛ لقد سرقت منا كل الأحباب، فارقنا حتى يبقى العراق، فالناس هناك بين معتقل وجريح وآخرون ينتظرون، تعبوا جميعهم، فكل الظلم تجمع في العراق، ووطني منذ بداية التاريخ يقاوم الأوغاد، ارحل أيها الموت إلى حيث من غدر بالعراق، وخذ منهم ما تشاء، ارحل؛ لأننا لن نترك العراق)!
والعراقيون منذ سنوات واجهوا وحوشاً بشرية، تزن الأمور بميزان ملئت كلتا كفتيه بالدم والظلم والحقد والبغضاء، وهؤلاء هم مجرمون- غالبيتهم- رسميون، يعملون في الأجهزة الأمنية، والمليشيات التي تكتم على أنفاس العراقيين، وخصوصاً في العاصمة بغداد، وتتحكم بأمورهم، وأيضاً هنالك المليشيات غير الرسمية التي امتهنت القتل وإرعاب الآمنين في منازلهم، وهؤلاء مجرمون تعرف الأجهزة الأمنية أماكنهم؛ لكنها إما تهابهم، أو منسقة معهم لإشعال نار فتنة طائفية بين العراقيين، وبالمحصلة النهائية المتضرر الأكبر هو المواطن العراقي الذي لا يجد منْ يحميه من حمم الديناميت، والسيارات المفخخة والاغتيالات غير العشوائية المستمرة في البلاد!
السيارات المفخخة صارت هي السمة الأبرز للمشهد العراقي، وصار انفجار عشر سيارات يومياً من الأمور الطبيعية في حياة العراقيين، لكن أن تنفجر هذه السيارات على أطفال في عمر الزهور، فهذا ما لا يمكن تفهمه، أو قبوله بأي حال من الأحوال، وإلا كيف يمكن تبرير استهداف مدرسة ابتدائية في يوم 6/10/2013؟! وهذه العملية الجبانة استهدفت مدرسة ابتدائية في قرية قبك في ناحية العياضية في قضاء تلعفر غربي الموصل، ولشدة الانفجار هدمت المدرسة على رؤوس الطلبة   الأطفال، وأن نحو (50) طالباً ومعلماً قتلوا وأصيبوا في التفجير، لازال بعضهم تحت الانقاض!
وفي يوم 8/10/2013، حذر مصدر إعلامي في محافظة ديالى أهالي الطلبة والمدرسين من وجود بوادر لاستهداف المدارس، حيث أشار إلى أنه: " اليوم الساعة الخامسة صباحاً تم العثور على عبوة صاروخ نمساوي مزروعة في مدرسة ثانوية النهروان المختلطة في قرية صنكر التابعة لناحية المنصورية"!
لا أعرف من أي منطلق انطلق هؤلاء القتلة الأشرار لينحروا مجاميع الأطفال والشباب، الذين لا يجد أغلبهم قوت يومهم! وهل هذه الأفعال الإجرامية يمكن أن تخدم العراق؟!
من المؤكد أنها تصب في روافد الخراب والحرب الأهلية، والاقتتال الطائفي، وبالتالي- لا قدر الله- إلى تقسيم العراق وإخراجه من المعادلة نهائية في منطقتنا!
الإجرام الذي تنفذه المليشيات الرسمية لا يمكن السكوت عليه أكثر، وأعتقد أن الحكومة تعرف أن هذه الاستفزازت يمكن أن تقود إلى ما لا يحمد عقباه!
فأي حكومة هذه التي لا تعرف كيف تحمي شعبها؟! وأي قوات أمنية هذه، التي يصل قوامها إلى أكثر من مليون وربع مقاتل، وهي في ذات الوقت، عاجزة عن حماية نفسها أولاً، فضلاً عن حماية الناس في منازلهم، ومدراسهم، وأماكن عملهم، وفي الأسواق، والطرقات، وفي كل مكان، وفي كل زمان؟!

هذا القتل والإرهاب والإجرام لا يمكن أن يكون باعثاً لموت الأمل في نفوس العراقيين، بل على العكس تماماً، فمثل هذه الأفعال اللاإنسانية هي من أكبر أسباب تشبث العراقيين بالحياة والأمل والإصرار على تغيير الأوضاع المتردية في بلادنا الحبيبة!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى