إدارة الصراع في العراق



شاركت قبل ايام في دورة حول مفهوم الستراتجية وكان عنوانها "ادارة الصراع" وتناولت الدورة كيفية معالجة المشكلات المختلفة وايجاد الحلول المنطقية لها،  وكان من الاسس المهمة لأي تحليل استراتيجي لأية مشكلة يراد إيجاد حل لها، هو معرفة خلفية المجتمع، والتي يشار اليها بالسؤال الاتي، من نحن؟ثم تحديد المشكلة، ويشار لها بالسؤال: ما المشكلة؟، وبعد ذلك الرؤية، أي ماذا نريد، أي ماذا نريد أن ننجز؟
ثم القابلية على الانجاز هل نقدر أم لا، وأخيراً المشروع أو كيفية التنفيذ.
وفي ضوء هذه المعلومات التي كانت محور الدورة أردت أن أتناول المشكلة العراقية، أو الواقع العراقي في مرحلة ما بعد الاحتلال الامريكي الغاشم للعراق عام 2003، وكما هو معروف فالساحة العراقية إنفتحت على مصراعيها لتجمعات واحزاب وشخصيات سمعنا ببعضها وأغلبها لم نسمع بها من قبل.
ففي الجانب الأول وهو من نحن ؟ نلاحظ  الواقع العراقي مليء بالهويات التي تمثل الكيانات والاحزاب والتيارات والتجمعات التي جاءت مع الاحتلال، ومنها الدينية ـ الشيعية والسنية والمسيحية واليزيدية والصابئية، والعلمانية "الشيوعية القومية وغيرها، ومنها العرقية العربية والكردية.
ثم ماهي المشكلة في العراق اليوم بنظر الذين شاركوا في العملية السياسية التي يديرها المحتل؟ فهنالك من يرى أن المشكلة هي الصداميون والقاعدة والارهاب، وهنالك من يرى أن المشكلة هي منظمة بدر ،الجناح العسكري لحزب الدعوة الذي يتراسه رئيس الحكومة الحالية نوري المالكي، وجيش المهدي الذي يتزعمه مقتدى الصدر، وكذلك الخطر أو التدخل الايراني، وفريق آخر يرى أن المشكلة هي في كيفية تقسيم السلطات والثروات، وغيرها من الرؤى التي لم تحدد المشكلة الحقيقية في العراق، فكل فريق ينظر من زاويته الضيقة، وكأنه هو الآمر الناهي، ويتجاهل أو يتناسى وجود أكثر من 150 ألف جندي أجنبي على أرض العراق، وكان العراق بلد ذو سيادة بينما الواقع يؤكد أن السفارة الامريكية في العراق هي من تدير  شؤون البلاد.
 وكتحصيل حاصل فان هذا الاختلاف في تحديد المشكلة سيقود إلى اختلاف في تحديد الرؤيا؛ اي ماذا نريد؟ فالفريق  الأول يريد القضاء على الصداميين والقاعدة، والثاني يريد القضاء على او التحجيم بدر وجيش المهدي وكذلك الدور الايراني، والثالث يريد الحصول على أكبر قدر من السلطات والثروات وهكذا.
وفي المرحلة ماقبل الاخيرة من التحليل الستراتيجي للمشكلة وهي هل نقدر، أي هل نقدر على إيجاد حل للمشكلة، فإننا نرى أن الفريق الأول لايستطيع القضاء على روح المقاومة في العراق طالما هنالك إحتلال وبالتالي لا يمكن القضاء على مايسمونه الصداميين والارهاب، لان المقاومة في العراق غير منحصرة بطائفة معينة بل هي لكل العراقيين، والثاني لايستطيع القضاء تماما على الدور الايراني و لا إنهاء قوات بدر ولا تحجيم جيش المهدي، والثالث لايستطيع أن ينفرد بالسلطة أو يستخوذ على الثروات وهكذا، وبالنتيجة فإننا في المشروع أو كيف ننفذ؟ سنجد أنفسنا أمام حالة واضحة وثابتة من الفشل، وهذا مايثبته الواقع العراقي.

أما الحل أو المشروع الستراتيجي المضمون فهو الالتقاء على الثوابت التي لا خلاف عليها بين العقلاء في كل أرجاء المعمورة، وهي إننا عراقيون، بغض النظر عن الدين والعرق والطائفة والفكر، ومشكلتنا الأساسية هي الإحتلال، وهدفنا إخراجه من البلاد، لأنه أساس المشكلة، ومهمتنا هي العمل على ذلك ونحن قادرون على تنفيذ هذه المهمة إذا ماتكاتفنا وتعاضدنا وحينها سنرى أن الاحتلال سيندخر، وأن البلاد ستعمّر، وأن الخونة سيهزمون، ولا أظنه مطلباً صعباً.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى