من ذكريات معركة الفلوجة الاولى


«لقد واجهت قواتنا أسبوعا قاسياً.. وأنا أصلي كل يوم من أجل أن تتراجع الخسائر.. لقد ملأت أرقام الموتى قلبي بالعذاب»؛ بهذه الكلمات تذكر الرئيس الأمريكي الابن، المطلوب للانتربول بسبب جرائمه في العراق، (جورج دبليو بوش) خسائر فلوله المندحرة في معركة الفلوجة الأولى.

والمعركة، التي باتت تعرف باسم معركة الفلوجة الأولى، واستمرت لأكثر من (35) يوماً، حيث بدأت فجر يوم 4 نيسان/ أبريل 2004، وانتهت في 1 مايس/ مايو 2004، بخسارة أمريكية واضحة أمام الصمود الخرافي لأهالي الفلوجة، ومن ورائهم كل الشعب العراقي، هذه المعركة حدثت بعد أن قُتل أربعة من قوات المرتزقة من شركة (بلاك وتر) الاجرامية الأمريكية في مدينة الفلوجة، وذلك تعبيراً عن الرفض الشعبي لاستهتار القوات الامريكية ومرتزقتها، واستخفافها بأرواح العراقيين.

الإعلامي (أحمد منصور)، قال في كتابه: معركة الفلوجة.. هزيمة أمريكا في العراق»، الذي سطر فيه ذكرياته في المدينة، أثناء تلك المعركة التاريخية، حينما كان يعمل مراسلاً لقناة الجزيرة القطرية، إن: «الفلوجة دخلت السجل العسكري الأمريكي )على أنها رمز للمقاومة.. وأنها المدينة التي هزمت الجيش الأمريكي... التي حطمت المشروع الأمريكي في العراق والمنطقة)».

العقلاء يؤكدون أن المحن والشدائد التي تمر بها الشعوب هي مختبر للكثير من المعايير والمقاييس والأخلاق التي لا تُعرف في وقت الأمن والرخاء. ففي الشدائد يميز الكريم عن البخيل، والمحب عن المبغض، والصادق عن الكاذب، والوفي عن الخائن، والصبور عن المتهور وغيرها من الصفات التي تُميز الأخيار عن الأشرار.

ما جرى في معركة الفلوجة الأولى، التي تعد أول مواجهة مباشرة وشرسة بين العراقيين الرافضين للاحتلال وبين قوات الاحتلال الأمريكية المدعومة من قوات الاحتلال البريطانية والجيش الحكومي، يُعد جريمة بكل المقاييس الشرعية والإنسانية والقانونية والدولية،أُرتُكِبَت بحق المدينة.

وبهذه المناسبة، أحيا الآلاف من أهالي الفلوجة وذوي شهداء معركتها الأولى، الذكرى الثامنة لهذه الملحمة البطولية، والملفت للنظر أن أهالي المدينة احتفلوا هذه المرة مع الشهداء في مقابرهم، حيث كانت الاحتفالية في مقبرة شهداء المدينة؛ ليعلنوا للعالم أجمع: أن النصر الذي تحقق بالعراق مطرز بدماء رجاله، الذين علموا البشرية كيف يمكن للشعوب الحرة أن تهزم الطغيان المتمثل بالجيش الأول في العالم، الجيش الأمريكي.

معركة الفلوجة الأولى عكست جملة من الصور الزاهية البراقة، ففي الوقت الذي كانت فيه المذابح الأمريكية والبريطانية والحكومية مستمرة بحق المدنيين في المدينة، كانت المقاومة العراقية تلقن القوات الغازية دروساً لا تنسى في حب الوطن والتفاني والبذل والتضحية.

ومقابل هذه الصور الدموية المؤلمة في مدينة الفلوجة الصغيرة في مساحتها، والكبيرة في صمودها ودخولها تاريخ المقاومات من أوسع أبوابه، نجد أن مدن العراق كافة- من أقصاه إلى أقصاه- شهدت ثورة تكاتفية عكست أروع نماذج التكاتف والتلاحم مع إخوانهم أهالي الفلوجة.

صور التعاضد مع الفلوجيين كانت من جميع الفئات والقوميات والطوائف، ولصقت في ذاكرة الانسانية صور الرجال والنساء والأطفال، وهم يتسابقون لإيصال المعونات المالية والمادية والغذائية لإخوانهم في الفلوجة.

حينما فُتحت المساجد للتبرع، كان المتبرعون من المسلمين والمسيحيين، والسنة والشيعة، والعرب والأكراد وتم إيصال المساعدات سيراً على الأقدام، أو عبر الطرق الفرعية التي لا يعرفها العدو، وذلك في واحدة من أروع قصص التفاني والتلاحم الوطني، التي لا يمكن أن يشوهها أدعياء الطائفية من السياسيين الذين لا همَّ لهم سوى تكبير كروشهم، وامتلاك العقارات، وإطلاق الوعود الفارغة التي سأم منها الشعب العراقي.

وصح لسان الشاعر العراقي (عبد الرزاق عبد الواحد)، إذ يقول واصفاً معركة الفلوجة:

دَمعٌ لِفَلُّوجَـةِ الأبطال.. مـا حَمَلَـتْ

مَدينَة ٌمِـن صِفـاتٍ، أو عَناويـن ِ

لِلكِبرياءِ..لأفعـال ِالـرِّجـال ِبِـهـا

إلى الرَّمـادي .. هَنيئـا ًلِلمَياميـنِ!

وَمَرحَـبـا ًبِجِـبـاه ٍ لا تُفارِقُـهـا

مَطالِعُ الشَّمس ِفـي أيِّ الأحاييـن ِ

لـم تَـألُ تَجـأرُ دَبَّاباتُهُـم هَلَعـا ً

في أرضِها وهيَ وَطْفاءُ الدَّواويـن ِ

ما حَرَّكوا شَعرَة ًمِن شَيبِ نَخوَتِهـا

إلا وَدارَتْ عَلَيهِـم كالطَّواحـيـن !

أولاءِ مَفخَـرَة ُالأنبـارِ .. هَيْبَتُهـا

وَسادَة ُ الكَون ِفـي كـلِّ المَياديـن ِ

واللهِ لَو كلُّ أمريكا تَجيـشُ لَمـا اهـــــــ

ـتَزَّتْ أصابِعهُـم فـوقَ الفَناجيـنِ!



















































تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!