مجلس عربي لحقوق الإنسان



هل السياسة كذب على الآخرين?، وهل هي استهزاء بعقول الجمهور، وقلب الحقائق الظاهرة وضوح الشمس في رائعة النهار؟!

اعتقد أن القائد الناجح هو مثل الطبيب الماهر ينبغي عليه أن يعرض الحالة المرضية الواقعية كما هي، بدون رتوش، وبلا لف، أو دوران؛ لأنه كما يقال، إن حبل الكذب قصير، والقادة الذين لا يُقيمون وزناً لعقول ومشاعر أبناء الوطن مصيرهم السقوط إن عاجلاً، أم آجلاً.

ومنذ أن تسنمت حكومة المنطقة الخضراء مهامها، وهي تزور الحقائق في بلاد الرافدين، حتى بات الناطق باسمها يعرف عند العراقيين باسم (كذاب بغداد)، ويا ليت تزويرها وتزييفها للحقائق يقف عند حدود الداخل العراقي، لكان الأمر هيناً، لكن هي اليوم تريد قلب الحقائق حتى على الدول العربية!

وزير حقوق الإنسان (محمد شياع السوداني) ذكر يوم 15/5/2012: " أن العراق عازم خلال الأيام المقبلة، على تقديم ورقة عمل إلى مجلس الجامعة؛ لتطوير واقع حقوق الإنسان، تتضمن مقترحاً لتشكيل مجلس عربي لحقوق الإنسان، وأن تجربة العدالة الانتقالية في العراق كانت ناجحة ومميزة، كما أن العديد من الدول العربية اطلعت على هذه التجربة، والوزارة عملت أيضاَ على نشر ثقافة حقوق الإنسان بين أوساط المجتمع عبر إعداد الدورات والنشرات، وإدخال مادة حقوق الإنسان في المناهج الدراسية في الكليات والمعاهد".

وعلى العكس من هذه "التجربة الناجحة والمتميزة" في مجال حقوق الإنسان لحكومة المنطقة الخضراء، وفي ذات اليوم، قال (جو ستورك) نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة (هيومن رايتس ووتش): "إن الحكومة العراقية تنفذ اعتقالات جماعية، وتحتجز أشخاصاً بطريقة غير قانونية في منشأة سجن “معسكر الشرف” في داخل المنطقة الخضراء ببغداد، وأن منظمته وثقت أعمال التعذيب التي تجري فيه."، هذا الكلام يأتي بعد أن أكدت حكومة المالكي- قبل عام- وفي أكثر من مناسبة، أنها أغلقت السجن!

(ستورك) أكد – أيضاً- أن السلطات العراقية نفذت منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2011، موجات عدة من الاعتقالات، وأن قوات الأمن طوّقت مرات عديدة ضواحي في بغداد وغيرها من المحافظات، ونفذت حملات تفتيش ومداهمة من منزل لمنزل، وقد احتجزت الحكومة مئات المعتقلين لشهور، رافضة الكشف عن عددهم، أو هوياتهم، أو الاتهامات الموجهة إليهم، أو أماكن احتجازهم، وأن قوات الأمن العراقية تعتقل أناساً خارج نطاق القانون، من دون محاكمة، أو اتهامات معروفة، وتخفيهم بمعزل عن العالم الخارجي!

المنظمة الدولية نقلت عن مسؤولين أثنين في وزارة العدل قولهم: "إن قوات الأمن- في الغالب- لم تحول المعتقلين بشكل كامل إلى إشراف النظام القضائي، كما يشترط القانون العراقي، و"أنها نقلت عشرات السجناء ما بين منشآت احتجاز متعددة، وأحياناً من دون إتباع الإجراءات الرسمية، أو إبداء تفسيرات واضحة لأسباب الاعتقال والإنتقال، وكل ذلك تحت إشراف المكتب العسكري لرئيس الوزراء نوري المالكي".

قمة الاستهزاء بالرأي العام كان عبر تصريح وزير العدل الذي قال: "إن تجربة العدالة الانتقالية في العراق كانت ناجحة ومميزة، وإن العديد من الدول العربية اطلعت على هذه التجربة"!

فإذا كانت التجربة العراقية، كما يقول وزير العدل، فلماذا هَجَر البلاد أكثر من خمسة ملايين مواطن، منذ الاحتلال وحتى الآن، هم اليوم متفرقون بين أكثر من ثمانين دولة؟!

هذه السجون السرية اكتشفتها جهات محايدة ومعتبرة؛ ولا يمكن التشكيك بمصداقيتها، ولا يمكن القول إنها تهم مفبركة، ثم يتم تكذيبها، من قبل حكومة المنطقة الخضراء، وهذا ديدنها في إنكار وتكذيب حتى التقارير الصادرة من منظمات معتبرة ومحايدة!

تناقضات لا يمكن تفهمها بسهولة، حيث إن بلاد الرافدين اليوم مليئة بالسجون السرية، وربما في ذات المبنى الذي تعقد فيه جلسات مجلس الوزراء هنالك معتقلات سرية، وفي نفس الوقت تقدم حكومة المنطقة الخضراء مقترحاً للدول العربية لتأسيس مجلس عربي لحقوق الإنسان!

أسلوب قلب الحقائق إن تم تمريره على العراقيين بالحديد والنار، فإنه لا يمكن أن يمرر على الدول العربية التي تعرف حقيقة الأوضاع المتردية في العراق، وينبغي على الدول العربية أن تقترح على حكومة المنطقة الخضراء تطبيق العدالة، وتحقيق أبسط حقوق الإنسان للعراقيين قبل أن تقدمه كمقترح لجامعة الدول العربية!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى