الجريمة الرسمية في العراق




تفشي الجرائم في أي مجتمع من المجتمعات له العديد من الأسباب، وربما تكون الظروف العامة في البلاد هي العامل الأكبر في ازدياد معدلاتها، بالإضافة إلى الظروف الاجتماعية والاقتصادية.

والإنسان- أي إنسان- يولد على الفطرة، والعائلة والمجتمع هما اللذان يقودانه إما إلى الصواب، وإما إلى الخطأ والانحراف.

والأعمال الاجرامية، في أي مكان من العالم، ترتكب بعد موت الضمير الإنساني، وإلا فان الضمير البشري كفيل لوحده- إن كان حياً، ونظيفاً- أن يكون رادعاً للإنسان عن ارتكاب الخطأ، ناهيك عن الجرائم.

انتشار الجريمة في المجتمع العراقي اليوم، وصل لدرجات لا يمكن اعتبارها ظاهرة طبيعية يمكن أن تحدث في كل مجتمعات العالم؛ لأنها تقع لأتفه الأسباب، وفي كل مكان. وهذا الامر يتطلب وقفة جادة من الجميع لمعالجة هذه الظاهرة التي أخذت بالازدياد.

الجريمة في العراق يمكن تقسيمها إلى نوعين، النوع الأول هو الجريمة غير الرسمية، والثاني هو الجريمة الرسمية.

وضمن الجريمة غير الرسمية، أو المجتمعية، أفاد مصدر في شرطة محافظة الانبار، في يوم 22/5/2012، بأن طالباً في المرحلة المتوسطة قتل مدرسه رمياً بالرصاص غرب المحافظة، بعد طرده من قاعة الامتحان بسبب الغش. الحادثة وقعت بعد أن طرد المدرس الطالب من قاعة الامتحان أثناء محاولته الغش، في إحدى المدارس المتوسطة بقضاء القائم (350 كم غرب الانبار)، ليعود بعدها الطالب" المجرم" إلى المدرسة، ومعه سلاح رشاش ليطلق النار على المدرس، فيرديه قتيلاً في الحال!

جريمة استهداف المدرسين من قبل الطلبة هي الثانية من نوعها خلال العام الحالي (2012)، حيث وقعت الحادثة الأولى في الأول من آذار/ مارس، عندما أطلق الطالب (بياد الطالباني) في مدرسة (ميديا) النموذجية، النار من مسدس كان بحوزته على مدرسه الأميركي (جون مايا)، بحي (كاليز وشك)، وسط مدينة السليمانية شمالي العراق، مما أسفر عن مقتله في الحال.

وفي يوم 15/5/2012، عثرت مفرزة من الشرطة الحكومية على جثتي صيدليين داخل (الصيدلية الأهلية) التي يعملان فيها، في حي الجمهورية وسط البصرة، حيث قتلا من قبل مجهولين قبل يوم- على الأرجح- من العثور على جثتيهما. وبعد الحادث أغلق القتلة باب الصيدلية من الخارج، ولاذوا بالفرار!

وفي يوم 9/4/2012، ذكرت صحيفة المدى العراقية في تقرير لها حول الجريمة في محافظة كربلاء، أن الجرائم في المدينة أخذت بالتنوع، " فمرة نسمع أن زوجة قتلت زوجها ودفنته في حديقة المنزل، وأخرى أن أباً يقتل ابنه، أو العكس، وثالثة لصوص يقتلون رجلاً ويسرقون سيارته، أو يقتلون صائغاً ويسرقون محتويات متجره، وهنالك عصابة نساء يدخلنَّ المنازل، ويقتلنَّ من فيها من النساء في رابعة النهار"!

أسباب هذه الظاهرة المتنامية، تعود– في اغلبها- لضعف هيبة القانون و"الدولة" لدى المواطنين، وأيضاً لانتشار البطالة، وازدياد معدلات الفقر في بلاد انشغل ساستها بالمناصب، وتركوا المواطن ينحت الجبال من أجل لقمة العيش!

أما الجريمة الرسمية فهي التي تقع في داخل المعتقلات الحكومية، التي يفترض أن تكون محمية بالقانون، ففي يوم 19/3/2012، توفِّي المعتقل ( عامر احمد البطاوي) في أحد السجون الحكومية ببغداد؛ نتيجة التعذيب الوحشي الذي تعرض له من قبل العناصر المشرفة على السجن، وأكد أحد أفراد عائلة الضحية أن قوة من (لواء بغداد) التابع لـ"رئيس الحكومة" نوري المالكي، اقتحمت خلال الشهر الماضي منزل العائلة الواقع في قرية (الدرعية الأولى) التابعة لقضاء المدائن شرق بغداد، واعتقلت (عامر)، واقتادته إلى أحد السجون الحكومية في المنطقة الخضراء!

وآخر هذه الجرائم وقعت يوم 21/5/2012، حيث توفِّي المعتقل (كاظم لعيبي المحمداوي، 30 عاماً) في أحد السجون الحكومية في مدينة (العمارة)، مركز محافظة ميسان الجنوبية، بعد تعرضه للتعذيب الشديد من قبل المسؤولين عن ادارة السجن.

هذه الحوادث في السجون الحكومية لا تعدل شيئاً مقابل الجرائم التي ارتكبت- وما تزال- ترتكب في السجون السرية؛ لأنه كما يقال: ما خفي كان أعظم.

مصيبتنا إننا لا نعرف متى ستنتهي مهزلة القتل الرسمي في السجون الحكومية العلنية والسرية في "العراق الجديد الديمقراطي"؟!





























تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى