اللاجئون العراقيون من لهم؟!



تقول منظمة الأمم المتحدة أن مصطلح اللاجئ ينطبق على الأشخاص الذين اضطروا لعبور حدود بلدهم خوفاً على حياتهم، أما أولئك الذين اضطروا لمغادرة ديارهم [هرباً من خطر يهدد حياتهم] ليستقروا في أنحاء أخرى من البلاد نفسها فيندرجون تحت اصطلاح النازحين.
وبمناسبة اليوم العالمي للاجئين الذي يوافق 20/6/2009 من كل عام أكد تقرير الاتجاهات العالمية السنوي الصادر عن المفوضية في 16 يونيو/حزيران هذا العام، انه عدد "المهجرين" حول العالم بحلول نهاية عام 2008 حوالي 16 مليون لاجئ و26 مليون نازح، وان أعداد النازحين يزداد بوتيرة أسرع من عدد اللاجئين بسبب تغير طبيعة النزاع حيث أصبحت غالبية النزاعات في الوقت الراهن تدور داخل البلد نفسه مقابل تضاؤل عدد النزاعات بين الدول.
وأشارت المنظمة الدولية إلى أن العراق يقع في المركز الثاني من ناحية كثرة أعداد اللاجئين بعد كولومبيا، حيث أشارت إلى الدول التي يفوق عدد النازحين فيها مليون شخص، كولومبيا: 3 مليون، العراق: 2.6 مليون، باكستان: 2.5 مليون، السودان: 2 مليون، جمهورية الكونغو الديمقراطية: 1.5 مليون، الكونغو: 1.3 مليون، أوغندا: 1.2 مليون.
أما أكبر البلدان المضيفة للاجئين في عام 2008 فهي :باكستان: 1.8 مليون ،سوريا: 1.1 مليون ،إيران: 980,000،ألمانيا: 582,700 ،الأردن: 500,400 ،تشاد: 330,500 ،تنزانيا: 321,900 ،كينيا: 320,600.
مشكلة اللاجئين العراقيين الذين أجبرتهم الظروف الأمنية الصعبة التي تمر بها البلاد منذ عام 2003، هي من المشاكل المستعصية، التي لم تعالج بطريقة تضمن كرامة ومستقبل العوائل المهجرة سواء داخل العراق، أم خارجه، لا من قبل القوات الغازية، ولا من قبل الحكومات الاربعة التي نُصبت من قبلها.
اما عدم ايجاد حلول مناسبة لهذه القضية، فإن البعض يرجعها إلى عدم وجود بيئة آمنة يمكن للاجئين العراقيين العودة إليها، وسط انتشار المليشيات الطائفية في وزارتي الدفاع والداخلية، وكذلك عدم عمل ورغبة الحكومات المتعاقبة في العراق بعد الاحتلال على ايجاد حلول لها، بينما يرى البعض الآخر، أن العودة متعلقة بما يسمى المصالحة الوطنية، وعلل رئيس مجلس النواب الحالي أياد السامرائي يوم 21/6/2009، عدم وجود انجاز حقيقي ملموس في مشروع المصالحة الوطنية داخل العراق بوجود الأعداد الكبيرة للمهجرين خارج البلاد، بينما ترى القوى المناهضة للاحتلال أن دعوات مصالحة هي دعوات اعلامية فارغة من الحكومات الحالية في العراق، لا وجود لها على الارض، وان الحكومة الحالية في العراق غير جادة في انهاء معاناة الملايين من اللاجئين العراقيين.
وتقدر المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة أعداد العراقيين الذين نزحوا في أعقاب الاحتلال الأمريكي للعراق بحوالي 4.4 مليون لاجئ، ويتضمن هذا العدد 2.2 مليون نازح داخل العراق، بينما يتوزع حوالي 2,2 مليون لاجئ على دول الجوار، وبشكل أساسي في كل من سوريا والأردن ومصر، ويوجد حتى الآن، بحسب إحصائيات المفوضية، حوالي 1,4 مليون عراقي في سوريا، وأكثر من نصف مليون في الأردن، وأعداد أخرى في كل من مصر ولبنان وتركيا والخليج العربي.
مرصد الحقوق والحريات الدستورية طالب حكومة المالكي، بجميع مؤسساتها ذات العلاقة، باتخاذ الإجراءات الكفيلة بإنقاذ العوائل النازحة والمهجرة، كما طالب المرصد بتأسيس صندوق لتعويض العوائل والأشخاص المتضررين، فضلاً عن العمل على إزالة الآثار النفسية والاجتماعية، وتكوين لجنة تعنى برعاية هذه العوائل وتتابع جميع ما تعانيه من مشاكل وتقديم الدعم المادي والقانوني الكافي.
واجه العراق بعد عام 2003 تحديات كثيرة أدت إلى تعرض الأفراد إلى انتهاكات خلفت حزمة من المشاكل الاجتماعية والنفسية والاقتصادية والصحية، وغيرها، فضلاً عن فقدان الأرواح وزيادة أعداد الأيتام والأرامل بنسب كبيرة، اضطر كثير من العراقيين إلى الهجرة تاركين أعمالهم وممتلكاتهم ومصادر رزقهم، هرباً من أن تطالهم أيادي القتل والخطف والإذلال.
التقرير نصف السنوي عن أوضاع حقوق الإنسان في العراق الصادر بتاريخ 30/6/2009، عن فريق المنظمات غير الحكومية المساند للعراق، تناول موضوعة اللاجئين العراقيين، حيث ذكر التقرير تناول المنظمات غير الحكومية في بياناتها ونشاطاتها معاناة اللاجئين والمهجرّين العراقيين ومطالبتها المجتمع الدولي بوضع حدّ لهذه المعاناة وتقديم كل المساعدات الممكنة للملايين من العراقيين الذين وجدوا أنفسهم، بسبب الغزو والاحتلال وما نجم عنه، دون مأوى وبدون مصدر عيش.
التقرير ركز على حقيقة مهمة، وهي  أن معظم النازحين واللاجئين العراقيين قد نفد ما لديهم من مدّخرات جمعوها بعد بيع ممتلكاتهم، وهم الآن في ظروف بالغة السوء، حيث بينت أن إحصاءات الأمم المتحدة في حزيران/2009 تؤكد أن هنالك اكثر من خمسة ملايين عراقي بين لاجئ خارج البلاد او مهجّر داخلياً، تنقصهم ابسط مقومات الرعاية الصحية ويعيشون في ظروف بالغة الخطورة.
 وعبّرت منظمات المجتمع المدني العراقية في تقريرها عن استخفافها بما قاله رئيس وفد (العراق) في كلمته من أن المهجرين واللاجئين قد عادوا الى الوطن وهم ينعمون الآن برعاية حكومتة، الأمر الذي أثار سخرية الكثير من الوفود الحاضرة فاوضحت المنظمات غير الحكومية في بيانها كذب هذا الدعي، مؤكدّة أن من يقول ان المهجّرين قد عادوا انما يوجّه اهانة للمجلس، وللدول التي تستضيف هؤلاء اللاجئين.
واعتبرت أن هذا الادعاء هو جزء من سياسة التضليل والخداع التي تمارسها السلطات العميلة لإخفاء حجم المعاناة وفداحتها وللتنصل من مسؤولياتها في ضرورة توفير البيئة المناسبة التي تسمح بالعودة الطوعية للاجئين العراقيين دون ضغوط ووعود كاذبة. وطالبت الدول الأعضاء بالامتثال بالتزاماتها المنصوص عليها في الميثاق وفي الإعلان العالمي لحقق الإنسان والاتفاقيات الدولية والعمل ما وسعها لتقديم كل الحماية والمساعدة الواجبة للاجئين العراقيين وافراد أسرهم.
أما تجاهل الحكومة الحالية في العراق لهذه المشاكل، فلا يعتبر أمراً غريباً؛ فهي حكومة عُرفت بطائفيتها، وحقدها على نسبة كبيرة من الشعب العراقي بحجج كيدية، وعقد نفسية. 
فالى متى تتجاهل الولايات المتحدة، التي غزت العراق بلا مبرر شرعي وقانوني، وكذلك الدول الاخرى التي شاركت في ماسمي قوات "التحالف"؟!!
وإلى متى تبقى هذه المشكلة قائمة، والتي لم تُعرف في العراق إلا بعد أن جاءت قوات الاحتلال الأمريكية بثياب "التحرير" الممزقة؟!!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى