حتى لا ننسى الإجرام الأمريكي بحق العراقيين



المؤسف أننا نعيش اليوم في عالم تزوير الحقائق حتى من قبل أغلب قادة الدول العظمى، وفي ضوء هذا التزوير جرى تغيير خارطة الشرق الأوسط بأكملها؛ لأن التغيير الذي حصل في العراق تبعته تداعيات خطيرة وكبيرة في المنطقة لا زال العالم يدفع ثمنها حتى الساعة، وستستمر سنوات عديدة.
في مثل هذه الأيام قبل ثماني سنوات وجد العراقيون أنفسهم أمام حمم بركانية قاتلة لا ترحم، تهبط عليهم من كل حدب وصوب، من السماء ومن الأرض، ومن المحيطات، ومن القاذفات الأمريكية والبريطانية العملاقة، ولتعلن انطلاق حرب الاحتلال الأمريكي للعراق بحجج امتلاكه لأسلحة محرمة دولية وتهديده أمن المنطقة، وهذا ما أثبتت الأيام كذبه وزيفه.
ويبدو أن صفات "الشيطان" و"النازي" و"الغبي"، التي وجهت إلى الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش، من شعبه قد أشعرته بالألم، وهذه الصفات اكتسبها بسبب الحروب الكاذبة والمدمرة التي خاضتها أمريكا في عهده، وحينما حلّ بوش ضيفاً على برنامج " أوبرا وينفري"، في بداية تشرين الثاني/ نوفمبر 2010 على (MBC4)، اعترف بأن" صدام لم يملك أسلحة دمار شامل".
وسبق لبوش أن أعلن بتاريخ (12) أيلول/ سبتمبر 2002: "إن صدام حسين يملك أسلحة دمار شامل، والطريقة الوحيدة لنتأكد من ذلك هي أن يستعملها لا سمح الله"، فيما قال ليلة الحرب (17) مارس 2003 ليلة الحرب: "إن أجهزة الاستخبارات الأمريكية وغيرها وجدت أن صدام حسين ينتج ويخفي بعض أخطر أسلحة الدمار الشامل".
وفي ضوء هذه الأكذوبة دُمر العراق، وعادت البلاد، وكما وعد كولن باول إلى عهود ما قبل الصناعة، وذلك بفضل "الديمقراطية التخريبية" التي دمرت المصانع والمعامل والمنشات والعديد من المدارس والمساجد والجامعات وغيرها من الأماكن الحيوية.
ولتأكيد زيف الفرية التي بموجبها احتلت أمريكا وبريطانيا العراق، فقد أعلن (تشارلز ولفر)، وهو المستشار الخاص لوكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي أي) وقائد عمليات التفتيش الأمريكي عن أسلحة الدمار الشامل، بعد ستة أشهر من الاحتلال "أن العراق لم يكن لديه مخزونات من أسلحة الدمار الشامل".
فيما اعترف اللفتانت جنرال (جيمس كوناي) قائد كتيبة الاستطلاع بقوات المارينز بتاريخ 3 من تشرين الثاني/ نوفمبر 2008، أن (التقارير الصادرة عن المخابرات الأمريكية حول أن" صدام حسين قد قام بنشر أسلحة كيماوية حول بغداد قبل الحرب على العراق كانت مزورة").
وفي يوم (15) كانون الأول/ ديسمبر 2009، أكد هانس بليكس، المفتش الدولي السابق، الذي تابع موضوع أسلحة الدمار الشامل في العراق في مقال له بصحيفة "الجارديان" البريطانية أن حديث الولايات المتحدة وبريطانيا عن أسلحة دمار شامل لدى العراق لم يكن إلا ذريعة لغزو العراق، ويأتي تأكيد بليكس بعد تصريحاتٍ لرئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، جاء فيها أنه "كان سيغزو العراق حتى لو لم تتوفر أدلة عن أسلحة الدمار الشامل"؟!!
فإذا كان الرئيس العراقي السابق قد أعدم بتهمة قتل العشرات من أهالي الدجيل، فإن الرئيس جورج بوش الابن، ورئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، ووزير خارجية أمريكا -حينها-  كولن باول وغيرهم من رؤوس الشر والفتنة والقتل والإرهاب ينبغي أن تتم محاكمتهم على اعتبار أنهم من مجرمي الحرب في العصر الحديث؛ لأنهم قتلوا أكثر من مليوني عراقي، وتسببوا بإعاقة أكثر من ثلاثة ملايين، وتهجير أكثر من أربعة ملايين في الداخل والخارج، وتدمير البلاد من أقصاها إلى أقصاها، بالسلاح ونشر الجهل والأمية، وعليه يجب ملاحقتهم كمجرمي حرب سواء عبر المحكمة الجنائية الدولية التي تأسست سنة 2002 كأول محكمة قادرة على محاكمة الأفراد المتهمين بجرائم الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب، أو غيرها من المحاكم التي ينبغي أن تعيد للناس الثقة بأنهم لا يعيشون على كوكب فيه خلل واضح في الموازين والقوانين.
الشعب العراقي شعب أصيل وطيب، ويتسامح مع منْ أخطأ بحقه، وفي ذات الوقت هو شعب عنيد لا يمكن أن ينسى منْ ظلمه، والعراقيون مستعدون لتناسي ما سال بينهم من دماء، إلا أنهم لن يتهاونوا بقطرة دم واحدة أراقها محتل حاقد، أو عميل متخاذل، وهذا ما سيسجله التاريخ القريب.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى