المستنقع العراقي وورطة الاحتلال الأمريكي



الانزلاق الواضح والكبير لقوات الاحتلال الأمريكية  في هوة المستنقع العراقي أصبح واضحاً للجميع ولا يمكن تجاهله ؛ هذا الانزلاق قاد إلى عدة أمور ؛ منها التغيير الذي حصل لقيادة  قوات الاحتلال في العراق والذي له الكثير من الاعتبارات ، ومنها فشل سياسة كيسي في ترتيب الأوضاع في الواقع العراقي ، الذي أصبح شائكاً ؛ ولا يمكن لأي خطة أمنية دخيلة أن تعيد تريب الأوراق ، وكذلك محاولة انتشال ما تبقى من قوات الاحتلال لتخرج بأقل الخسائر وبوجه على الأقل مقبول أمام الشعب الأمريكي الذي لم يعد غافلاً عما يجري بأبنائه على يد المقاومة العراقية الباسلة .
والغريب في الأمر إن الإدارة الأمريكية ورغم أنها حريصة على الهروب من حقيقة ما يجري في العراق فإنها تحاول رسم صورة وردية للأوضاع هناك  ، الجنرال ديفيد بتريوس قائد القوات الأمريكية المحتلة  في العراق الذي  أدلى بشهادة مشتركة مع السفير الأمريكي في العراق رايان كروكر ، أمام الكونغرس ، قال فيها "إن جزء كبيراً من الأهداف التي تمت من أجلها زيادة القوات الأمريكية، هو قيد التحقيق أو تحققت فعلا"، بينما قال كروكر  في شهادته انه "يمكن للولايات المتحدة أن تحقق أهدافها في العراق"، فأي أهداف هذه التي تم تحقيقها في العراق ؟ وكل من يعيش في العراق اليوم يعرف ما يجري فيه من وضع امني متدني وخدمات معدومة وجثث منتشرة هنا وهناك ، أم  هل يسمي الساسة الأمريكان انخفاض عدد الجثث التي ترمى في طرقات بغداد تطوراً؟  وبالنتيجة فان هذا التطور المزعوم يراد توظيفه للاحتلال أولاً ثم لحكومة السيد المالكي ؟!
بتريوس أبلغ الكونغرس أن نشر 30.000 جندي إضافي في العراق قد حقق نجاحا لدرجة يمكن معها سحب القوات الإضافية القتالية بحلول الصيف القادم ،إلا انه حذر من "الإسراع إلى الفشل" عند الإقدام على انسحاب متعجل وواسع.
صحيفة "واشنطن بوست" قالت إن "خطة بتريوس تتمثل بنقل 2.200 عنصر من المار ينز إلى خارج محافظة الانبار هذا الشهر من دون استبدالهم بقوات أخرى، وبعدها يبدأ بسحب 17.500 من قطعات الجيش و2.000 عنصر إضافي من قوات المار ينز في منتصف كانون الأول القادم".
وأضافت "لو جرى أيضاً سحب الكادر اللوجستي وقوات دعم أخرى، فسيعود مستوى القوات إلى ما قبل الزيادة، أي بحجم 130.000 جندي بحلول منتصف تموز المقبل".
ثم لا ننسى تأثير ما جرى في العراق على شعبية الرئيس بوش والتدني الواضح لشعبيته وانهزام الجمهوريين أما الديمقراطيين في داخل أمريكا ، كل ذلك كان بفضل الله أولاً ثم بفضل الضربات الفولاذية للمقاومة العراقية التي جعل الدول العظمى الأولى في العالم تخضع وتعترف بالاندحار في العراق .
الأمر المهم الذي أود الإشارة إليه كيف يمكن استثمار واستغلال الوضع المتردي لقوات الاحتلال الأجنبية في العراق؟  وكيف يمكن لفصائل المقاومة العراقية وللقوى العاملة في الداخل أن تستثمر هذا الأمر؟
 
لأن مسألة الانسحاب من العراق باتت مسألة وقت ، وأصبحت لا تغيب عن معظم تصريحات المسئولين سواء من الأمريكان أم من غيرهم ،بما فيهم الرئيس بوش في خطابه الأخير بعد تقرير بتريوس - كروكر .
السؤال هو ما المطلوب من المقاومة العراقية في هذه المرحلة ؟ أو بتعبير آخر كيف يمكن للمقاومة العراقية استغلال هذا الترنح الأمريكي ؟
في تقديري إنه  ينبغي على المقاومة العراقية - التي كانت الفيصل المقدام في ما وصلت إليه أحوال قوات الاحتلال في العراق - عليها أن تعيد ترتيب أوضاعها الحالية وتنسيق الجهود فيما بينها بعيداً عن المسميات وذلك  من خلال تنسيق الجهود بين فصائل المقاومة العراقية بكل مسمياتها ثم تكوين مجلس قيادة مشترك يتخذ له رئيساً ؛  ثم يتم  اختيار متحدث رسمي واحد باسم المقاومة العراقية ، على أن لا تعلن عن نفسها إلا في الوقت المناسب حيث ستضطر قوات الاحتلال إلى محاورة القوى الرافضة له - مع الاعتراف بالهزيمة إن عاجلاً أم آجلاً - وهذا الأمر ينبغي أن يكون على درجة كبيرة من السرية بحيث يكون على مستوى القيادات فقط .
ثم إن على قيادات المقاومة العراقية أن تعمل على التغاضي عن أي سبب للخلاف بينها وبالذات الإسلامية منها لان الأمور في البلاد معقدة  ولا يمكن أن ترتب بين ليلة وضحاها ، والتضحيات أحياناً تكون بالموقف وليس بالمال والنفس فقط .
وهذا الأمر لا يمنع منه احتفاظ كل مكون من مكونات المقاومة بما هو عليه من اتجاه فكري وتكتيكي .
ثم على المنظمات العاملة في داخل العراق ، بكل مسمياتها ، أن لا تحاول إثارة النعرات الطائفية التي يثيرها البعض فهؤلاء  سيرحلون إن لم يكن قبل الاحتلال فمعه ، وحينها نحن لا نريد أن ندخل أهلنا في متاهات الحرب الأهلية لا قدر الله .
وبعد رحيل الاحتلال أنا أظن إن الحل سيكون سهلاً لأنه لا وجود للخونة والعملاء بيننا هذا أولاً ، ثم إن الحكماء بفضل الله كثر في بلادنا وحينها سيتم ترتيب البيت العراقي بحكمة وعقلانية ويعود العراق إلى سابق عهده إنشاء الله تعالى . 
المصدر : صحيفة الحقائق الدولية
21/9/2007

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى