الانتحار حصاد الجيش الأمريكي في العراق



رغم الادعاءات الأمريكية والعراقية بتحسن الوضع الأمني في العراق، إلا أن معدلات الانتحار في صفوف القوات الأمريكية المحتلة في العراق لعام 2008 سجلت أعلى مستوى منذ عام 1981.
وتكشف الأرقام التي حصلت عليها شبكة السي أن أن الأمريكية أن" الجيش الأمريكي أكد وقوع ( 128) حالة انتحار خلال العام 2008، إلى جانب ( 15) حالة انتحار قيد التحقيق ـ وإذا تأكدت فان هذا سيرفع إجمالي عدد حالات الانتحار للعام الماضي إلى( 143)ـ وذلك من بين عناصر القوات المسلحة ممن لا يزالون في الخدمة، أو العاملين في الحرس الوطني، أو عناصر الاحتياط".
وتصل نسبة حالات الانتحار المؤكدة إلى( 20.2) من كل( 100) ألف حالة، وإذا ما تأكدت الـ(15) حالة الأخرى، فهذا يعني ارتفاع النسبة.
في العام 2007، كشف جيش الاحتلال الأمريكي عن( 115) حالة انتحار، وهو المعدل الأعلى الذي تم تسجيله ـ حينها ـ منذ عام 1980، وهو العام الذي بدأ فيه الجيش الأمريكي رصد حالات الانتحار في صفوفه.
وكشفت دراسة لجيش الاحتلال الأمريكي هذه المشكلة، وتحديد أسباب فشل برنامجه الخاص بمنع الانتحار بين عناصر، وكذلك مدى تأثير مشاركة الجنود في المعارك في تفاقم هذه الظاهرة، حيث تشير الدراسة إلى أن أغلبية من قاموا بالانتحار هم" من العائدين من ميادين المعارك".
وفي 17 يناير 2009ذكرت صحيفة يو أس أي تو دي أن" عدد الجنود الأمريكيين الذين خدموا في العراق وأفغانستان وأقدموا على الانتحار ارتفع من( 52) شخصاً في عام 2004 إلى( 110) في عام 2006". 
و قال سلاح مشاة البحرية الأمريكية إن عدد حالات الانتحار بين أفراده ارتفع بنسبة( 24) في المائة إلى (41) حالة انتحار في 2008 من( 33) حالة انتحار في 2007، ويبلغ معدل الانتحار بين مشاة البحرية( 19) حالة لكل( 100) ألف جندي. 
وقال جيش البر إن عدد المنتحرين بين الجنود في الخدمة يزداد كل سنة منذ أربع سنوات, في موازاة تكثيف الجهود العسكرية في العراق وأفغانستان.
وتفيد إحصاءات الجيش أن 30% من عمليات الانتحار قام بها جنود لدى إرسالهم في مهمات, وان ثلاثة أرباع هؤلاء الجنود كانوا يقومون بأولى عملياتهم.
لكن مسؤولي الجيش اعترفوا بان الاتجاهات المتزايدة للانتحار بين الجنود العاملين وأفراد الاحتياطي منذ 2004 استعصت على جهودهم لتفهم تلك الظاهرة القاتلة ودفعها للتراجع.
ومما لاشك فيه أن هذه الخسائر لا تعد ضمن خسائر الاحتلال المستمرة في العراق، والتي تجاوزت الأربعة الآلاف قتيل ، بالإضافة إلى عشرات الآلاف من المعوقين والجرحى والمجانين.
وقال جيش الاحتلال الأمريكي إن عدد حالات الانتحار بين جنوده قفز بنسبة (11) في المائة إلى أعلى مستوى له على الإطلاق في 2008؛ مع تزايد وطأة الآثار النفسية الناتجة عن الحرب المستمرة في العراق وأفغانستان على الجنود الأمريكيين.
وأكد الجيش "انتحار جندي من كل ثلاثة (35%) لدى عودته من مهمة".
ودفعت أرقام أولية, تظهر أن معدل الانتحار بين جنود الجيش فاق للمرة الأولى نظيره بين المدنيين الأمريكيين, قادة الجيش إلى الإعلان عن حملة جديدة للتدريب والوقاية لتعريف الجنود بالخطر.
وللتهرب من الأسباب الحقيقة لحالات الانتحار، فقد حدد جيش الاحتلال في السابق الضغوط الشخصية، بما فيها المشاكل المالية والزوجية والإدمان، باعتبارها المسببات الرئيسية للانتحار، غير أنه بدأ بدراسة الدور الذي يلعبه نشر القوات الأمريكية المحتلة في الخارج بعد تنامي هذه الظاهرة.
الكولونيل كارل كاسترو الباحث والاختصاصي في الأمراض النفسية وحالات الانتحار في الجيش الأمريكي قال إن" عدد الجنود الأمريكيين والمحاربين القدامى الذين أقدموا علي الانتحار بسبب اتساع رقعة انتشار القوات الأمريكية في العالم وصل إلى رقم قياسي".
وأوضح أن" نشر القوات خارج الحدود لفترات طويلة وتكليفها مهمات متعددة يسبب ضغطاً نفسياً كبيراً لها ويخلق شرخاً بينها وبين عائلاتها".
وقال الخبير بعلم الأوبئة هان كانغ الذي يعمل في قسم شؤون المشاة أن عدد الجنود الأمريكيين الذين أقدموا علي الانتحار في كل من العراق وأفغانستان يفوق عدد نظرائهم الموظفين المدنيين في البلاد.
ويمكن في ضوء الحالة الموجودة في الشارع العراقي اليوم، إرجاع ارتفاع نسبة الانتحار في صفوف قوات الاحتلال الأمريكية إلى الأسباب الآتية:
      1- تواصل الضربات الموجعة للمقاومة العراقية، ضد قوات الاحتلال في العديد من المدن ، والتي تتكتم عليها وسائل الإعلام المختلفة، ولم يعلن منها إلا نسب قليلة جدا.
2- الكبت الذي تتعرض له القوات الأمريكية المحتلة في الشارع العراقي بسبب الرفض الشعبي من عموم الشعب.
3- عدم وجود مكان آمن لهذه القوات في العراق، فعلى الرغم من تمركز هذه القوات في الثكنات العسكرية، التي تعتبر بالنسبة لهم ملاذاً آمناً، فهم يتوقعون سقوط قذائف المقاومة العراقية، مما يجعل الجندي الأمريكي في حالة شد عصبي مستمر.
4- بعض هؤلاء الجنود الرافضين للحرب يشعرون بالذنب بسبب الظلم الذي تمارسه قواتهم يومياً تجاه الأبرياء من العراقيين، مما يجعلهم يتهربون من الحياة بـ"الانتحار".
الدرس الأهم الذي ينبغي على الإدارة الأمريكية الجديدة الانتباه إليه، والذي يعتبر في نفس الوقت الحل الأمثل للخلاص من الخسائر اليومية في العراق وأفغانستان، هذا الدرس هو أن جنودهم أهداف يومية للشعب العراقي من أقصاه إلى أقصاه، وما قرار الانسحاب من العراق إلا في الحقيقة خلاص لهذه القوات من القتل أو الانتحار أو الجنون، ولا أظن أن هذه الخيارات ترضي الشعب الأمريكي، ولا الإدارة الأمريكية. 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى