حكومة المالكي والاحتفال بالانسحاب الأمريكي



في الماضي القريب وتحديداً السنوات الثلاث التي سبقت عام 2003 تداعى الأشرار ممن سموا أنفسهم " المعارضة العراقية"، على التحالف مع أمريكا ومن  لف لفها لتشجيعهم على غزو  العراق بدعوى تخليصه من "الدكتاتورية الصدامية "، وحصل ما حصل، وحلت بالعراق كارثة الاحتلال التي دفعنا ضريبتها من أرواح وشرف العراقيين، وكذلك تهديم وتخريب بلادنا، وكل ذلك لإرضاء أطماع الراغبين بالحكم في العراق اليوم.
ورغم كل الجرائم التي راح ضحيتها أكثر من مليون ونصف قتيل، ومثلهم من الجرحى والمعاقين، وأكثر من أربعة ملايين مشرد في أرجاء المعمورة، وعشرات آلاف من المعتقلين وأكثر من مليون ونصف يتيم وأربعة ملايين أرملة، إلا أنه وبرغم كل هذه المآسي المثبتة من قبل جهات دولية، لم نسمع من أي احد من الساسة الذين يحكمون العراق، ويلعبون بثرواته ومقدراته اليوم، لم نسمع منهم حتى الساعة أنهم أطلقوا لفظ قوات الاحتلال على القوات الأمريكية والبريطانية وغيرهما، بل هي في نظرهم "قوات تحرير" و"قوات صديقة" و"قوات تحالف"، وأقسى لفظ أطلق من بعضهم عليها هو "قوات أجنبية".
وقبل أيام وبمناسبة قرب رحيل قوات الاحتلال الأمريكية من المدن العراقية الصامدة أعلن رئيس الوزراء الحالي في العراق  نوري المالكي "الانتصار"، وذلك لان القوات الأمريكية المقاتلة ستنسحب، في إطار الاتفاق الأمني الموقع بين حكومته وواشنطن العام الماضي من المدن بحلول 30 يونيو حزيران".
وقال المالكي أمام مؤتمر لقادة تركمان انه" انتصار عظيم للعراقيين أن يتخذوا الخطوة الأولى نحو إنهاء الوجود الأجنبي في العراق".
هذا الانسحاب المزعوم، والذي اعتبره المالكي نصراً لحكومته، هو مجرد خدعة ومناورة إستراتيجية أمريكية وحكومية جديدة لإضعاف روح المقاومة في البلاد، وهو مجرد صفحة جديدة في مسلسل الاحتلال الأمريكي للعراق.
وهو انسحاب صوري لا حقيقة له على ارض الواقع، حيث ذكرت مجلة "فورين بوليس آن فوكس" الأميركية بتاريخ 26/6/2009، أن عشرات الآلاف من الجنود الأميركيين سيبقون داخل المدن العراقية بعد انتهاء المهلة المقررة، وهو ما يشير إلى أن" الولايات المتحدة تعتزم الانسحاب بالاسم فقط". وتحت عنوان انسحاب بالاسم فقط كتبت المجلة المتخصصة بالشؤون الدولية على موقعها على الانترنت أن" خمسين ألف جندي أميركي سيبقون داخل المدن العراقية بعد الموعد المحدد"، معتبرة أن ذلك يعني أن خريطة الطريق للانسحاب التي وقعها وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري والسفير الأميركي ريان كروكر في 17 تشرين الثاني 2008، "مليئة بالثغرات وتشير إلى الفشل في الالتزام بالاتفاق، وان الولايات المتحدة تقول إنها تلتزم ببنود الاتفاقية المعروفة باتفاقية وضع القوات"، مضيفة أنها تغير معاني الألفاظ من دون تغيير السياسات، مشيرة على سبيل المثال إلى عدم وجود خطة لنقل ثلاثة آلاف جندي أميركي من قاعدة "فالكون" في بغداد، لأن القادة العسكريين قرروا اعتبار هذه القاعدة موجودة خارج المدينة؟!!
وهنا أريد أن أتساءل منْ الذي جاء بهذه القوات الأجنبية إلى العراق، ثم تعلنون الانتصار عليها؟
أليست هذه القوات التي تدعون أنكم من انتصر عليها هي التي رتبت لكم ما سميّ بالعملية السياسية في العراق اليوم؟
 وإنها هي التي نصبت المالكي وقادة الحكومات التي سبقته؟
منْ ـ غيركم ـ الذي شجع قوات الاحتلال على ضرب الآمنين من العراقيين في بيوتهم بحجة القضاء على الإرهاب والإرهابيين؟
النصر الذي يحاول المالكي ـ وبلا أدنى حق قانوني أو عرفي ـ أن ينسبه لنفسه هو من ثمرات الجهاد العراقي، الذي ما زال يلحق الخسائر الفادحة بقوات الاحتلال في كل يوم.
 والانسحاب الأمريكي ـ إن حصل ـ هو نصر جديد يضاف لسجل المقاومة العراقية، ووصمة عار في جبين الخونة والعملاء، الذين عبدوا الطريق لاحتلال العراق.

الشعب العراقي سينسى الخسائر الفادحة التي تكبدها، والاحتلال سيندحر وسيخرج من أرض العراق صاغراً، لكن الأمر المهم الذي ينبغي أن لا يغيب عن بال الذي جاؤوا مع الاحتلال هو أن العراقيين لن يرحموهم وأن مصيرهم سيكون إلى مزبلة التأريخ.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى