( آية الله الصدر ) في تركيا



17 /05 /2009م

منذ أن اختفى ـ عن الأنظار والإعلام وعن المشهد العراقي في حزيران عام 2007 ـ زعيم ما بات يعرف في الإعلام بالتيار الصدري، ( آية الله العظمى ) مقتدى الصدر ، أشيعت حول أسباب اختفاءه جملة من الشائعات ، وكذلك حول سفره المفاجئ إلى إيران.
 فهناك من يقول انه ذهب لإتمام دراسته الحوزوية للحصول على لقب آية الله ، وهذا الرأي ثبتت صحته حينما ذكر قادة في التيار الصدري في 5/5/2009 ، أن " الصدر حصل على لقب آية الله العظمى ، وأصبح مرجعا دينيا قبل أيام من وصوله إلى تركيا ، ولا يمكن ، بعد اليوم لقوات الاحتلال اعتقاله ".
وهناك من يقول انه وبسبب السياسات غير المتزنة للتيار الصدري في المرحلة السابقة والحالية في العراق ، عبر جناحه العسكري المعروف باسم جيش المهدي ، فانه ـ أي الصدر ـ وضع تحت الإقامة الجبرية بناءا على توصية من يتبعهم من المراجع والمؤثرين عليه ، ومنهم آية الله كاظم الحائري الموجود في مدينة قم الإيرانية ، والرئيس محمد الخاتمي وغيرهم ، وهذا الأمر لا يمكن نفيه ولا يمكن تأكيده ، إلا انه يحمل شيئا من المنطق ، لأنه ربما ـ وهذا شي مؤكد ـ سيكون للصدر في المرحلة القادمة دور أهم مما هو عليه الآن.
على العموم الزيارة المفاجئة التي قام بها الصدر إلى تركيا بداية الشهر الحالي ، تحمل في طياتها جملة من الرسائل ، منها :ـ وهذا الذي أرجحه ـ أن الرئيس الأمريكي باراك اوباما ، والذي جعل من تركيا محطته التي أطلق منها رسالته إلى دول العالم العربي والإسلامي ، ربما أعطى الضوء الأخضر لتركيا لتعلب دوراً مفصلياً في العراق ، في المرحلة التي تسبق وتلي الانسحاب الأمريكي المرتقب من العراق ، حيث إن أمريكا لا تريد أن تترك الساحة العراقية في هرج ومرج بعد الانسحاب ، وهذا لا يليق بها أمام دول العالم ، وهي لا تريد إن تضيف إخفاقاً آخر يضاف إلى إخفاقاتها ومبرراتها للحرب على العراق ، التي أثارت الكثير من اللغط في مرحلة ما قبل الاحتلال وبعده.
وفي نفس الوقت فان أمريكا تريد أن ترتب الأوضاع الداخلية في العراق ، وخصوصاً مع القوى المناهضة لها ، وهي مازالت تظن التيار الصدري واحداً منها ، بينما المتابعون للشأن العراقي مقتنعون أن التيار الصدري ، يعارض التواجد الأجنبي في العراق بالإعلام فقط ، بينما شارك نوابه وأتباعه في الحكومات التي نصبها الاحتلال ، وهذا الأمر تهدف أمريكا من وراءه أيضاً إلى ضمان عدم تعرض قواتها في العراق لهجمات المقاومة العراقية في مرحلة الانسحاب مما يظهرها وكأنها في حالة هزيمة ، كما صرح بذلك بعض قادة الاحتلال الأمريكي.
أما الرسالة الأخرى من الزيارة فهي إن إيران تريد أن تقول إن الصدر غير معتقل عندها ، وانه ليس تحت الإقامة الجبرية ، وعليه فهو يملك مطلق الحرية في السفر والترحال ، إلا أن الشيء الذي لا يمكن تفسيره هو عودة الصدر ثانية إلى إيران بعد انتهاء الزيارة ، وهذا الأمر يرجح الرأي الذي يقول إن إيران وافقت على زيارة الصدر لتركيا للوقوف على الأقل على حقيقة ما تم الاتفاق عليه بين البيت الأبيض وتركيا بعد زيارة اوباما ، وهل سيبقى لإيران أي دور يمكن أن تلعبه  في العراق أم لا ؟
أما قول قادة التيار بان الغاية من مجيء الصدر إلى تركيا كان للاجتماع بقادة التيار من اجل تفعيل مكاتبه في الداخل ، ومحاولة فتح مكاتب في العالم ومنها تركيا ، وكذلك الدخول في الانتخابات القادمة بقائمة مستقلة ، فهذا الأمر لا اعتقد انه يتعارض مع الترتيبات التي تحاول أنقرة بناءها في المشهد العراقي.
والمتوقع أن تركيا ستشهد زيارات مكوكية جديدة لقادة عراقيين سواء من الداخلين في اللعبة الأمريكية في العراق المسماة بالعملية السياسية أم من الذين هم خارجها.
على العموم ، وعلى الرغم من الدور الذي يمكن أن يلعبه مقتدى الصدر في بعض مناطق الجنوب العراقي ومدينة الصدر شرق بغداد ، إلا إنني لا اعتقد أن هذا الدور سيكون مؤثراً، وذلك لان التيار ضعفت شعبيته حتى في الشارع الشيعي ، حيث انه ارتكب العديد من الجرائم ضد الأبرياء من العراقيين ، وكان له أدواراً مشبوهة في نشر الفكر الطائفي في العراق ، والحل الأمثل الذي ينبغي أن تعمل عليه الإدارة الأمريكية ، هو التفاوض مع من يملك الندية لجيش الاحتلال على الأرض ، ألا وهي المقاومة العراقية ، ولا احد غيرها.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى