بلاد الرافدين بلا سلام!



يعتبر اليوم الدولي للسلم، أو السلام، والذي يتم الاحتفال به في الحادي والعشرين من أيلول/ سبتمبر من كل عام، دعوة عالمية لوقف إطلاق النار وإنهاء العنف،
 والتوجه نحو التنمية والسبل الكفيلة بالرقي الحضاري للمجتمعات.
ويذكر العلماء أن هناك تصنيفين للسلام هما:
- السلام السلبي: ويُعرف بأنه غياب العنف في التجمعات الإنسانية الرئيسية كالأمم (الدول)،  وأيضاً بين التجمعات العرقية والعنصرية، أو ما يمكن تسميته التعايش السلمي.
- السلام الإيجابي: ويُعرف بأنه نموذج للتعاون، والدمج بين التجمعات البشرية الرئيسية.
وغياب العنف يجب أن لا يكون مربكاً مع غياب الصراع؛ إذ أن العنف ربما يحدث بدون صراع، والصراع ربما يُحل بآليات غير عنيفة.
وفي الواقع انه ما يذكر السلم، أو السلام إلا ويذكر ما يقابله من حالة الحرب، أو الاحتلال، وهي المأساة التي يعاني منها الشعب العراقي منذ الغزو الأمريكي – البريطاني عام 2003، بل ومنذ عام 1991، أي مع بداية حرب الغذاء التي شنت عليه عبر الحصار الظالم الذي طال الأبرياء، وفتك بأرواح أكثر من مليون شخص أغلبهم من الأطفال والشيوخ.
وبمناسبة اليوم الدولي للسلام، حذر المجلس العراقي للسلم والتضامن في بيان بالمناسبة، من تعرض البلاد، والسلم الأهلي للخطر ما لم تتوحد الإرادات الوطنية لبناء ما اسماه" عراق ديمقراطي يكفل العيش الكريم للمواطنين"، وذكر المجلس في بيانه انه" يراقب بقلق ما وصلت إليه أزمة تشكيل الرئاسات الثلاث وفق الاستحقاقات الوطنية، والدستورية، وعلى قاعدة الديمقراطية والتفاهمات المشتركة وفق المصالح الوطنية العليا".
ما يجري في العراق اليوم هو حرب شعواء على السلم، حيث إن العنف يمارس من قبل أكثر من مليون ونصف عنصر من عناصر الأجهزة الأمنية الحكومية بحجة مكافحة الإرهاب، ونشر السلم بين المواطنين.
وأي سلام ينشده رجال المنطقة الخضراء، وهنالك اليوم أكثر من (150) ألف مقاتل من سفاحي الاحتلال الأمريكي في عموم البلاد.
السلام الذي يجب أن يعم في العراق، هو سلام حقيقي، وصادق يبنى على أسس احترام النفس البشرية، وعدم إزهاقها لأبسط الأسباب من قبل قوات الاحتلال التي تقتل كل ما يتحرك على الأرض أمامها، أو من قبل الأجهزة الأمنية التي تنحر الناس كنحرها للخرفان، وهذا ما جرى في مدينة الجبيل في الفلوجة قبل أيام(14/10/2010)، وتحديداً من قبل مجرمي الفرقة القذرة التابعة لرئيس الحكومة المستقتل على كرسي الرئاسة نوري المالكي، والتي قتلت أكثر من عشرة أشخاص من المدنيين العزل بدم بارد، من بينهم رجل يبلغ (64) عاماً، وطفل، وامرأة تبلغ من العمر (125) عاماً، وبالمقابل، تقف الحكومة إلى جانب القتلة، ولا ندري هل هؤلاء الأطفال والشيوخ الذين قتلوا هم من الإرهابيين، والذين تتخذ الحكومة من ملاحقتهم حجة لارتكاب جرائمها في عموم البلاد؟!!
ويبقى مفهوم السلام في بلاد الرافدين، فارغا من محتواه طالما انه لا يطبق على الأرض لا من قبل القوات الأمريكية المحتلة، وذلك بانسحابها الكامل من أرض العراق، وترك العراق للعراقيين، ولا من قبل الحكومات التي نصبها المحتل، وذلك من خلال إيقاف المداهمات، والاعتقالات المنظمة، والاغتيالات، وكذلك تنفيذ مطالب القوى المناهضة للاحتلال، والمتمثلة بإعادة كتابة الدستور، وبناء جيش وطني على أسس موضوعية، وإجراء انتخابات نزيهة تحت مظلة دولية محايدة، وحينها يمكن أن نتحدث عن سلام، وأمن، وإستقرار في بلاد فقد أهلها السلم، والأمان، والاستقرار مع أول اطلاقة أمريكية حاقدة انطلقت عام 2003.
ويمكن أن نحتفل باليوم العالمي للسلم والسلام؛ لان شعبنا العراقي شعب يعشق السلام، ويكره الحروب، والدماء، واعتقد أن تجربتنا المريرة مع الاحتلال الأمريكي الذي ذاق ذل وهوان الهزيمة على يد العراقيين كافية لأن نقول لكل الدنيا: اتركوا العراق للعراقيين، وكفاكم قتلا ونهباً وخراباً لبلادنا، اتركونا نعيش كبقية شعوب الأرض بحب وسلام.




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى