أنفلونزا المليشيات!



20 /05 /2009 م

العالم كله منشغل هذه الأيام بكيفية وقاية البشرية من أخطار أنفلونزا الخنازير المرعبة التي فتكت حتى الآن بأرواح العشرات ، وأعلن المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض والوقاية منها إن هناك نحو عشرة آلاف حالة إصابة مؤكدة بالسلالة الجديدة من أنفلونزا (اي .إتش1.إن1)
 في مختلف أنحاء العالم نصفها تقريبا في الولايات المتحدة ، في حين أعلنت منظمة الصحة العالمية إن 40 دولة سجلت حالات إصابة مؤكدة بهذا الوباء .
وقد اتخذت الحكومات إجراءات أمنية مكثفة سواء في المطارات أو في التعامل التجاري مع الدول التي انتشر فيها الفيروس.
وهذا الأمر وقع مع أنفلونزا الطيور التي حصدت أراوح العشرات من الناس أيضاً ، وأدت الحكومات التي تعرض مواطنوها لهذه الآفات واجباتها على أتم وجه وذلك لتفهمها بأن حمايتهم من هذه الأخطار الفتاكة التي لا تبقي ولا تذر هو جزء من مسؤولياتها.
والعراق كغيره من دول العالم تعرض لبلوى الأنفلونزا ، لكن الأنفلونزا العراقية كانت من نوع خاص.
فإذا كانت أنفلونزا الخنازير قد قتلت العشرات وأصابت أكثر من تسعة الآلاف مواطن في أنحاء العالم ، فإن الأنفلونزا العراقية أدت إلى مقتل أكثر من 500 ألف عراقي ، وتهجير أكثر من خمسة ملايين ، وترميل أكثر من مليون امرأة ، ناهيك عن الاستيلاء على المنازل التي اضطر اهلها الى مغادرتها هربا من جحيم العنف الطائفي ، وبإختصار فان المليشيات الطائفية المختلفة نزعت الثياب المليشياوية التي كانت ترتكب بها جرائمها بصورة علنية وبلا خجل ، ولبست الثياب الرسمية في " العراق الجديد " ، واصبحت تمارس جرائمها اليوم باسم القانون ومكافحة الإرهاب وتطهير المدن والحملات الأمنية وغيرها من الأساليب التي لحقت الأذى بأهلنا في العراق.
الأنفلونزا العراقية تترك ضحاياها في الشوارع وعلى المزابل ، ثم تعلن الجهات الحكومية في اليوم التالي عن عثورها على جثث تسميها جثث " مجهولة الهوية " وهذه الصورة لا تقتصر على مناطق محددة بعينها ، بل إن المليشيات الإجرامية تستهدف كل القوى الوطنية التي تقف ضد الاحتلال الغاشم وما نتج عنه ، بينما المصاب بأنفلونزا الخنازير في العالم تقدم له أفضل الخدمات الطبية والإنسانية.
وعلى عكس الحكومات في العالم التي تقدم الرعاية والخدمات لمواطنيها نلاحظ ان الأنفلونزا العراقية في ظل حكومات الاحتلال الأربع ، وبماركة الاحتلال تهدف إلى زعزعة التكاتف العراقي ، وإشعال الحرب الأهلية من أجل إشغال العراقيين بعضهم ببعض بعد أن أجبرت ضربات المقاومة العراقية الموجعة ادارة الاحتلال على تغيير إستراتيجيتها في هذا البلد الجريح ، أما محاولات حكومة المالكي الأخيرة ، حينما استهدفت مليشيا جيش المهدي في حملتها على مدينة الصدر شرق بغداد ، ومحافظة البصرة ، فالجميع يعرف أن اهدف تلك الحملة كانت انتخابية بحتة ، وكان القصد منها إضعاف التيار الصدري في جنوب العراق وفي مدينة الصدر نفسها ، وإستبدال مليشيات جيش المهدي بمليشيات بدر التابعة لحزب الدعوة الذي يترأسه المالكي نفسه .
أن العلاج الوحيد للأنفلونزا العراقية لن يكون الا عبر تطهير الأجهزة الأمنية الحكومية من العناصر المليشاوية المتنفذة ، وإعادة الجيش العراقي السابق ، الذي يحترمه جميع العراقيين لمواقفه الوطنية ونزاهته وعدم تحيزه الى فئة أو طرف معين.
وحينها سنلمس أثر هذا العلاج الشافي للأنفلونزا العراقية ، ونطرد الاحتلال البغيض وننعم ببلادنا ، وننبذ الحقد والطائفية والكراهية ، ونعيش كباقي شعوب المعمورة .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

العراقيّون وكِذْبَات نيسان والتناحر المُرتقب!

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!