وهل أكذوبة الاعمار تعيد الفرحة للعراقيين؟


10 /07 /2010

المعروف في السياسة الخارجية للدول أن بعض الدول تعمل على مساعدة البعض الآخر في اعمار الخراب الذي يقع بسبب كارثة طبيعية، أو إنسانية،
 وهذا يقود بالتالي - في أغلب الأحيان - إلى تحقيق مصالح معينة للدولة المانحة، أي بصريح العبارة  لا يوجد في  دنيا السياسة مساعدات لوجه الله تعالى، ومن غير انتظار ثمار مستقبلية.
وأمريكا منذ تسعينات القرن الماضي إحتضنت ما يسمى قوى "المعارضة العراقية"، وعملوا جميعا على تخريب وتدمير العراق، وصار العراق، بعد عام 2003، وبفضل جهودهم الشريرة، يحتل المرتبة الثالثة من بين الدول الأكثر فساداً في العالم بعد الصومال وميانمار، حسب ما أشارت منظمة الشفافية الدولية.
وبحجج باطلة كاذبة قادت أمريكا تحالفا دوليا لاحتلال العراق، بدعوى تهديده لأمن المنطقة، وامتلاكه لأسلحة الدمار الشامل، وفي يوم 15/12/2009، استنتج هانس بليكس رئيس لجنة التفتيش الدولية عن أسلحة الدمار الشامل في العراق (بشكل متأخر) في مقال كتبه بصحيفة الغارديان أن" التفتيش عن أسلحة الدمار الشامل لدى نظام صدام حسين لم يكن إلا ذريعة لتبرير احتلال العراق".
وجاء استنتاج بليكس، بمثابة رد على تصريحات رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير الذي أكد على أن احتلال العراق كان لتغيير نظام صدام حسين، وليس بسبب أسلحة الدمار الشامل.
والولايات المتحدة بعدما أعادت العراق إلى القرون الوسطى، تتحدث اليوم عن اعماره، وليتها فعلت، بل على العكس من ذلك ما زال العراق بعد سبع سنوات من الاحتلال يعاني من سوء الخدمات والفساد المالي والإداري، أما مهزلة "الإعمار" فان مشاريعه ما زالت حبرا على ورق، وفي يوم 5/7/2010، ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز"الأمريكية أن الولايات المتحدة الأمريكية فشلت في إكمال عدد كبير من مشروعات إعادة الإعمار التي أعلنت عن عزمها تنفيذها بعد احتلال العراق، بل لجأت إلى تقليص عددها، وأن مدينة الفلوجة - على سبيل المثال - كانت تحتاج إلى طرق جديدة، ومياه نظيفة، وكهرباء، ورعاية صحية وغيرها، وذلك بعد ما دمرتها القوات الأمريكية المحتلة عام 2004.
وضمن هذا المسلسل السقيم قررت سلطات إعادة الإعمار الأمريكية أن تبدأ في أكبر مشروع لها، وهو مشروع لمعالجة مياه الصرف الصحي على مستوى مدينة الفلوجة، وبعد مرور أكثر من ست سنوات من العمل، وإنفاق (104) ملايين دولار، ودون توصيل منزل واحد بمشروع الصرف، قرر المسؤولون أن يتركوا هذا المشروع الذي يواجه متاعب قبل الانتهاء منه.
ومشروع معالجة المياه يعتبر مجرد مشروع بسيط، من بين عدد كبير من المشروعات قررت الولايات المتحدة تقليصها، أو في بعض الحالات التخلي عنها.
المسؤولون الأمريكيون قدموا أسبابا كثيرة لقراراتهم بتقليص عدد المشروعات، أو التخلي عن بعضها، حيث قالوا إنهم اكتشفوا في بعض الحالات أن هذه المرافق تختلف عن الاحتياجات الأكثر الحاحا للعراق، أو أن العمل المبدئي الذي يشرف عليه مقاولون أمريكيون وينفذه عمال عراقيون يواجه مشاكل كثيرة تتطلب وقتا طويلا لحلها.
وهذا يؤكد أن خطة الإعمار المزعومة والمرسومة قبل الاحتلال - في الحقيقة -  هي مجرد دعاية إعلامية لتغطية الإجرام، والتخريب الأمريكي الذي لحق بالدولة العراقية؟!!
أما الفساد المالي والإداري بسبب كذبة الاعمار فقد بلغ مديات مخيفة، وعلى سبيل المثال فقط نذكر ما نشرته صحيفة النيويرك تايمز في 25/11/2009، أن مشروع مستشفى الأمراض السرطانية في البصرة من أكثر مشاريع إعادة الاعمار العراقية سوءاً في سمعته، حيث كلف (168) مليون دولار، وتأخر استكمال بنائه لأكثر من أربع سنوات، وأضيف إليه مبلغ (115) مليون دولار على الميزانية المخصصة له، دون أن يعمل؟!!
شعبنا العراقي لن تنطلي عليه مثل هذه الأكاذيب التي تطلقها قيادة قوات الاحتلال بخصوص الاعمار، وهي - وإن حصلت -  وهذا ما لا نتوقعه - فهي ليست منة من الاحتلال وأعوانه، وهذا من حق عراقنا المدمر على قوات الاحتلال؛ لأنها من تسببت بهذا الخراب والدمار، والقاصي والداني يعرف أن القوات الأمريكية الحاقدة خربت البنى التحتية والفوقية للدولة العراقية، ودمرت مفاصل الدولة العامة، والخاصة الخدمية، والصناعية والإستراتيجية، ثم يتحدثون اليوم عن الاعمار؟!!
وهنا نقول للعالم إذا كانت أمريكا قادرة على إعادة بناء المؤسسات التي هدمتها آلتها الحربية في عموم العراق، هذا إن صدقت بوعودها، فهل تستطيع تلك القوات أن تعيد الفرحة لأكثر من مليون ونصف عائلة عراقية فقدت أولادها على يد قوات الاحتلال المجرمة؟
وهل تستطيع أن ترسم الفرحة على شفاه أكثر من مليون أرملة؟ وأكثر من خمسة ملايين يتيم، ومثلهم من المهجرين في بقاع الأرض؟!!
حقيقة إن ما جرى – ويجري - في العراق يعد الجريمة الأولى في التاريخ الحديث للمنطقة ؟!!





تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

العراقيّون وكِذْبَات نيسان والتناحر المُرتقب!

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!