ما هكذا تورد الإبل يا ساسة العراق



22 /10 /2009
«أقسم بالله العلي العظيم أن أؤدي مهماتي ومسؤولياتي القانونية بتفانٍ وإخلاص، وأن أحافظ على استقلال العراق وسيادته، وأرعى مصالح شعبه، وأسهر على سلامة أرضه وسمائه ومياهه وثرواته، ونظامه الديمقراطي الاتحادي، وأن أعمل على صيانة الحريات العامة والخاصة واستقلال القضاء، وألتزم بتطبيق التشريعات بأمانة وحياد، والله على ما أقول شهيد».
 بهذه الكلمات أدى الرئيس الحالي في العراق السيد جلال الطالباني القسم أمام مجلس النواب الحالي ليصبح رئيسا للعراق "الديمقراطي الجديد"، بعد احتلاله من قبل قوى الشر والظلام.

ورئيس الجمهورية في العراق حُددت مهامه في الفصل الثاني من الدستور الذي كتب من قبل رجال الاحتلال حيث عُرفت السلطة التنفيذية حسب ما جاء في المادة"64" : (تتكون السلطة التنفيذية الاتحادية من رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء، تمارس صلاحياتها وفقاً للدستور والقانون)، وهذا ما ردده من بعده رئيس الحكومة الحالية نوري المالكي.

ومما جاء في الفقرة أولا ـ رئيس الجمهورية من المادة” 65 “: رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن ويمثل سيادة البلاد، يسهر على ضمان الالتزام بالدستور، والمحافظة على استقلال العراق، وسيادته، ووحدته، وسلامة أراضيه، وفقاً لأحكام الدستور.، بينما ذكرت المادة"66" شروط المرشح لرئاسة الجمهورية ومنها أن يكون:

أولا ـ عراقياً بالولادة ومن أبوين عراقيين.

ثانياً ـ كامل الأهلية وأتم الأربعين سنة من عمره.

ثالثاً ـ ذا سمعة حسنة وخبرة سياسية ومشهوداً له بالنزاهة والاستقامة والعدالة والإخلاص للوطن.

رابعاً ـ غير محكوم بجريمة مخلة بالشرف.

وحتى لا نطيل الكلام على هذه الصلاحيات والقوانين التي ضرب بها الرئيس الطالباني عرض الحائط، وفعل ما لم يفعله غيره من قبله، حيث إنه وبتاريخ 9/10/2009، حضر الرئيس الطالباني في لندن قداسا أقيم على أرواح جنود الاحتلال البريطانيين الذين قتلوا على يد المقاومة العراقية البطلة في العراق، وحضرته أيضاً الملكة إليزابيث الثانية، ورئيس الوزراء البريطاني غوردون براون وسلفه توني بلير.

والرجل لم يحترم مشاعر الملايين من العراقيين من الشهداء والمهجرين والمعتقلين، بل كان مسروراً لهذا الحضور إلى ابعد الحدود!!!

والطالباني لم يكتف بالحضور فقط بل ألقى كلمة عبر فيها عن امتنانه " لقتل العراقيين من قبل البريطانيين، واحتلال بلادهم"، وقال الطالباني "إن كلماتي القليلة لا يمكن أن تكفي للتعبير عن العرفان بالجميل الذي يكنه العراقيون لهؤلاء الرجال والنساء الذي وحدوا جهودهم لتحرير العراق. إن الفرصة المتاحة لنا اليوم لإقامة عراق جديد وعراق أفضل، ما كانت لتكون لولا تضحيات العسكريين البريطانيين".

فمن من العراقيين غيركم أيها الساسة يريد أن يرد الجميل لقوات الاحتلال؟ فانتم أولى بهذا الرد من غيركم؛ لأنكم ولولا هذه القوات لم ولن تحلموا بوطء أرض العراق؟!!

وهذه الزيارة الغريبة ليست الأولى لمسؤول حكومي في العراق، بل سبقتها زيارة رئيس الحكومة الحالية نوري المالكي بتاريخ 25/7/2009، إلى المقبرة العسكرية في آرلينغتون بالقرب من واشنطن حيث وضع إكليلا من الزهور على قبر الجندي المجهول في بادرة تكريم للجنود الأميركيين الذين قتلوا في العراق.

وهي في الواقع المرة الثالثة التي يزور فيها المالكي هذه المقبرة، إلا أن الزيارتين السابقتين لم تكونا علنيتين.

مهزلة والله ما بعدها مهزلة أن ترى رئيس الدولة التي تمثلك ـ كما يدعون ـ يحتفل مع المجرمين الذين قتلوا أبناء شعبه، فهل الذين قتلتهم القوات الأمريكية والبريطانية كلهم من النظام السابق؟

وهل كل الذين عذبوا على أيدي الأمريكيين والبريطانيين في بوكا وأبي غريب والمطار والبصرة كلهم من الإرهابيين؟!!
على عكس المواقف المخجلة للساسة في العراق، الذين يحسبون أنفسهم من المناضلين ضد النظام السابق، نجد الكثير من المواقف المشرفة في العالم، والتي رفضت ـ ومازلت ـ ترفض الجرائم اليومية المرتكبة بحق العراقيين، وهذه المواقف ليست في دول عربية وإسلامية ـ مع حبنا وتقديرنا لكل موقف عربي وإسلامي مساند للعراق الجريح ـ بل هي من قبل دول ومنظمات وجمعيات وشخصيات من دول الاحتلال، بما فيها أمريكا وبريطانيا، ففي تاريخ 11/10/2009، اتهم محقق بريطاني جيش الاحتلال البريطاني بارتكاب جرائم قتل وتعذيب لمدنيين في العراق، مؤكداً فشل الشرطة العسكرية الملكية البريطانية في التحقيق بتلك الانتهاكات التي ارتكبها جنودهم في العراق وأفغانستان. ونقلت مصادر صحفية عن هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) أن المحقق السابق في الشرطة العسكرية الملكية، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن المئات من حوادث انتهاك المدنيين على يد قوات الاحتلال البريطانية لم يتم التحقيق بها على نحو مناسب أو جرى تجاهلها. وأن فرع التحقيق الخاص في الشرطة العسكرية البريطانية كان يحجب مزاعم خطيرة تتعلق بتعرض مدنيين للتعذيب والقتل على يد القوات البريطانية في العراق وأفغانستان لفترة طويلة، وسعى لتجنب الكشف عن الحقائق\'. هذه الجرائم يعترف بها أهل الدار من رجالات الاحتلال، بينما نجد الساسة في العراق يكرمون قتلة العراقيين، حيث إن جيش الاحتلال البريطاني ارتكب انتهاكات صارخة ضد معتقلين عراقيين منذ الأيام الأولى للاحتلال، وخصوصاً جنوب العراق، حيث تنتشر تلك القوات هناك، ومن ضمن هذه الجرائم التي تناقلتها حينها وسائل الإعلام الأجنبية والعربية والعراقية، هي قيام العريف \"دونالد باين\" بالصراخ والسب والشتم والتهديد وتوجيه ألفاظ بذيئة وخادشة للحياء لمجموعة من العراقيين المقيدين والمقنعيّ الرؤوس، وكان يجبرهم على البقاء في وضع جسدي مؤلم، إضافة إلى حوادث أخرى نشرتها وسائل الإعلام تفضح قيام جيش الاحتلال البريطاني بارتكاب تلك الانتهاكات ضد مواطنين عراقيين، ما دفع الجهات الحقوقية في بريطانيا إلى إجراء تحقيقات في تلك الانتهاكات. فإذا كان رجال القانون ـ وغيرهم ـ في بريطانيا يتهمون القوات البريطانية المحتلة بارتكاب جرائم حرب في العراق، فمن أي منطلق، وفي أي منطق، وفي أي قانون ودستور يذهب الرئيس الطالباني للاحتفال مع قتلة العراقيين؟!! وأنا هنا أسأل الرئيس الطالباني: لو كان الأمر يتعلق بالأنفال، هل ستذهب وتحتفل مع من يقتل إخوتنا من الأكراد، لا أظن ذلك، لأنك لست رئيساً للعراق، وهذا ما أثبتته الأحداث، وفي أكثر من موقف. فماذا نفعل إزاء هذه المهازل والمواقف التي نخجل نحن كعراقيين أن نكتب عنها؟ لعنة الله على \"ديمقراطية\" الخنوع والذل والاستخفاف بدماء أبناء البلد التي جاء بها هؤلاء الغرباء، والتي تجعل الحليم حيرانا؟!! وهنا أقول للساسة في العراق إن حكم العراق لن يستقر لكم بحال من الأحوال، وذلك لأكثر من سبب، ومنها:ـ 1 - أنكم لم تحترموا مشاعر الشعب العراقي، في عشرات المواقف، وما زلتم تجالسون وتمدحون قتلتهم. 2 - القادة الحقيقيون لكل أمة هم الذين يولدوا من رحمها، وأنتم غرباء عن المعاناة العراقية. 3 ـ كانت دماء العراقيين ـ ومازالت ـ أهون عليكم من كل شيء، ولم تهتموا بالعراقيين الذين يقتلون في كل ساعة من قبل قوات الاحتلال، ومن قبل قواتكم ومجاميعكم المسلحة المتغلغلة في المجتمع العراقي. 4 – بقاؤكم في بروجكم العاجية، وابتعادكم عن هموم الشعب، بعد كل الشعارات الزائفة التي ناديتم ـ وما زلتم ـ تنادون بها. القيادة ـ أيها الساسة المنعمون في المنطقة الخضراء ـ هي حب البلاد قبل حب المنصب. وهي عشق لتراب الوطن والتضحية في سبيله قبل عشق المال والجاه. فأين انتم من كل هذه الاعتبارات التي لم ـ ولن ـ تفقهوها ما دمتم لا تنتمون للعراق إلا بالاسم؟!! ولا أظن أنكم ستقدمون للعراق خيرا في يوم من الأيام.



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى