العيد والغربة والموت في الوطن!


27 /11 /2009
عشرة أعياد مرت، وخمس سنوات إنقضت بعيدا عن العراق الحبيب، حرمنا خلالها من حنان أمهاتنا، وعطف ونصائح آبائنا، وصلة أرحامنا، ولطف أحبابنا وأصدقائنا، كنا شعبا متعايشا بعضه مع بعضه الآخر رغم الحصار والعدوان والمؤامرات.
 وفي دهاليز السياسة الظالمة، وفي مؤامرة خبيثة دبرت بليل مظلم، تآمر فيها المحتلون، وكذلك الذين يدعون أنهم من العراقيين، ووقعت المصيبة الكبرى والغربة العظمى، وكان الاحتلال.
ورغم هذا الاحتلال البغيض ومؤامراته الخبيثة استمرت الحياة بحلوها ومرها، ووقفنا مع بعضنا البعض، نقاتل المحتل بيد ونعمر البلاد، ونحميها باليد الأخرى، فانزعج الأشرار من هذه الصور الرائعة، وتآمروا مجددا علينا، وكانت الخطة أن يضربوا بعضنا ببعض، فقتلوا شباب هذا الحي وذاك، لإثارة بعضنا على بعض، ونجحوا ردحا من الزمن، وكل ذلك بتشجيع الاحتلال وحكوماته، وهذا الأمر تزامن مع فتح الباب على مصراعيه للمليشيات الإجرامية التي نشرت الرعب والموت بين ظهرانينا، وتسلحت بثياب القانون لتقتل الأبرياء.
فعلوا ما لم يفعله غيرهم في أسوء الأزمنة الدكتاتورية في العالم، قتلوا آباءنا، انتهكوا الأعراض، سرقوا البسمة من شفاه أطفالنا، هجرونا من ديارنا، سرقوا أموالنا، ثم بعد ذلك يقولون ـ وبلا حياء ـ إنهم جاؤوا ليحررونا وينشروا في ربوع عراقنا حياة جديدة، وليتهم صدقوا، والحقيقة أنهم كَذبوا على العلماء والمثقفين، افتروا على الدعاة والعلماء والمخلصين، نشروا الخراب في كل ركن من أركان العراق.
فكل من لا يصفق للاحتلال هو إرهابي مستهدف.
كل من ينتقد الخراب والفساد والحقد والطائفية والسلب والنهب هو خارج عن القانون، لا مكان له في دولة الــ"لا قانون"، ولا مكان له في بلاده.
حاولوا بكل السبل الشيطانية زرع الفتن بيننا، لكنهم بفضل الله وكرمه ومنته فشلوا وبقي النسيج العراقي متماسكا رغم المؤامرات الكبيرة.
في الغربة تتمنى شربة ماء من يد طفل يعبث بحنفية الماء في العراق، وتتحسر على رغيف خبز من تنور ويد أمك، وتتألم لفراق حتى الذين لم تكن على وفاق معهم في يوم من الأيام، فكلهم في ذاكرتك وضميرك، ولا يمكنك أن تنسى صور الخير والبركات في بلادنا، ودواوين العلم والمحبة، التي تنتشر في ربوع عراقنا الحبيب، ومساجد الفلاح والتقوى، وغيرها من المواقف والأماكن التي لا طعم لها إلا في بلادي. 
خمس سنوات انقضت ملّت فيها الكلمات وضاعت؛ بسبب حسرتنا على الفراق، وملّت فيها القلوب من حرقتها على فراق الأهل والأحبة، ولا ندري متى نعود للوطن الذي يسري عشقه في أعماقنا، فنحن متعطشون لدجلة والفرات ومشتاقون لبغداد المنصور والبصرة الفيحاء والموصل الحدباء ولجبالنا الشامخة؟!!
ليكن العيد موسماً للعهد من جديد مع الوطن الغالي، بأننا سنعود إليك يا عراق، وسنعمل بكل السبل من اجل تحريره من الاحتلال والغرباء، فداك المال والأهل والولد يا عراق.
سأعود إليك يا بيتي الحبيب رغم الخراب الذي نشر في ربوعك من مجرمي الاحتلال وعملاءه، سأعود إليك ونعيش بقية أيامنا فيك، بعد أن نعمرك بأرواحنا وقلوبنا، وفي الغربة القاتلة ليس لنا أمنية إلا... الموت في الوطن.
سلام على العراق في كل حين، سلام على أهلي وأحبابي وأخوتي، سلام على مسجد الحي العزيز على قلبي، سلام وسلام وسلام، حتى الرمق الأخير، وحتى التحرير والنصر.
أيام الغربة بمرارتها ستنقضي، وسنعود إلى بلادنا وسيهزم الاحتلال وتحرر البلاد ونعود ونعانق أهلنا ونعانق دجلة والفرات.
وسنحتفل حينها معا بعيد تحرير البلاد من الاحتلال ومن الذين جاؤوا معه .
اللهم لا تجعله بعيدا، اللهم أمين.



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى