العراق بعد ست سنوات من المقاومة والاحتلال و(الديمقراطية)// الجزء الأول



العراق بعد ست سنوات من المقاومة والاحتلال و(الديمقراطية)// الجزء الأول
09 /04 /2009م


كارثة احتلال العراق تمددت تداعياتها إلى اغلب دول المنطقة ، وبمناسبة الذكرى السادسة للاحتلال الأمريكي للعراق ، فإنني سأبحث عن تداعيات هذا الاحتلال على الشارع العراقي فقط ،
 وسأكتفي بحصر التصريحات والوقائع التي دارت خلال الفترة التي تلت يوم 1/3/2009 ، ولم أتناول الجوانب الأمنية ، ولا الانتهاكات الأمريكية ولا الاغتيالات ، ولا غيرها من صور الإجرام الأمريكي اليومي لأنها باتت بحكم الواقع الملموس للجميع ، والعالم كله يعرف من الذي يقف وراء قتل أكثر من مليون وربع  مليون ، وتهجير أكثر من خمسة ملايين في مختلف بلدان العالم بالإضافة إلى مليون معوق في عموم البلاد ، وغيرها من الخسائر التي ثبتت بالأرقام للقاصي والداني.
وسأتناول بعض الجوانب الأخرى ومنها:ـ

استمرار المقاومة العراقية :
المقاومة العراقية هي الرهان الذي لا ينكسر في العراق فما زالت المقاومة حتى الساعة هي اللاعب الأبرز على الساحة العراقية ، وهذا ما أكده أحد قادة الاحتلال ، وهو قائد الفيلق الثامن عشر في جيش الاحتلال الأمريكي الفريق ( لويد أوستين ) بتاريخ 30/3/2009 ، حيث أعترف بأن قواته في العراق تتعرض أسبوعياً لأكثر من 700 هجوم مسلح في الوقت الذي تحاول فيه أجهزة الإعلام المرتبطة بالاحتلال البغيض تهميش دور المقاومة العراقية .
وأكد أوستين " انه منذ قدوم هذا الفيلق إلى العراق في شهر كانون الثاني عام 2008 ، كان الطريق إلى النجاح بالنسبة للفيلق طويلاً ، إذ كان يجري في العراق ما يزيد عن 700 هجوما خلال الأسبوع الواحد)".
وهذه التصريحات كما يؤكد المحللون وقادة المقاومة العراقية لا تمثل سوى إلاحصاءات الرسمية لمعدل الهجمات التي يشنها رجال المقاومة العراقية ضد قوات الاحتلال الأمريكية ، كما يدحض الادعاءات الزائفة ، وما يشاع عن توقف العمليات المسلحة التي تستهدف جيش الاحتلال في هذا البلد الجريح.

الإصرار على النصر :
وكانت فصائل المقاومة العراقية قد أكدت من جديد - بمناسبة الذكرى السادسة لبدء الاحتلال الأمريكي البغيض - على أنها ستواصل عملها الشرعي والبطولي في مقارعة قواته حتى خروج آخر جندي محتل من ارض الرافدين وتسليم البلاد بيد أهلها وأبنائها لبنائها من جديد بعد التدمير الذي عانته زمن الاحتلال وأعوانه.

كلفة الحرب :
بتاريخ 31/3/2009 أكدت هيئة مراقبة الإنفاق الحكومي الأميركي إن وزارة الحرب الأميركية (البنتاغون) أنفقت ( 685 ) مليار و (700 ) مليون دولار على الحروب التي قادتها إدارة بوش ضد العراق وأفغانستان ومناطق أخرى من العالم .
ونقلت مصادر صحفية عن مكتب محاسبة الحكومة قوله في تقرير لها إن ( نصيب الحرب على العراق من إنفاق البنتاغون بلغ ( 533 ) مليار و (500 ) مليون دولار حتى شهر ديسمبر/ كانون الأول عام 2008 .
وأوضح التقرير أن المبلغ الذي أنفقته البنتاغون حتى الآن يعادل نحو 85% من إجمالي الميزانية التي خصصها الكونغرس للعمليات العسكرية ضد ما يسمى بالحرب على الإرهاب والتي بدأت منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول عام 2001 والبالغة ( 808 ) مليارات دولار.

أمريكا وكذبة النصر في العراق :
وبتاريخ 3/4/ 2009 ، حث تقرير صادر عن مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية الرئيس الأمريكي باراك اوباما على إظهار ما اسماه صبرا استراتيجيا في العراق ، معتبرا أن "التقدم" المحرز هناك في المدة الأخيرة لا يعد "نصرا" بعد بالنسبة للولايات المتحدة.
ورأى الباحث المختص في الشؤون الأمنية للشرق الأوسط ( انتوني كوردسمان ) في تقريره الذي صدر مؤخرا أن على إدارة اوباما إظهار "صبر استراتيجي" في العراق ؛ لأن "التقدم" المحرز هناك ليس نصرا في أي تعريف لهذه الكلمة ، مطالبا بمزيد من الاستثمارات لزيادة الإيرادات العراقية.
وأوضح كوردسمان أن الولايات المتحدة تحتاج إلى أن تتحول من التركيز على القتال و"إعادة الاعمار" إلى قياس تقدم العراق في التسوية السياسية والحكم والأمن والاقتصاد والتنمية ، حسب تعبيره.
وتساءل كوردسمان عن أسباب استمرار المسؤولين السياسيين والعسكريين الأمريكيين في وصف الوضع في العراق على أنه هش ، وزعم أن هناك انخفاضا كبيرا في أعمال العنف في جنوب العراق وشماله ، وأن أنشطة التنظيمات المسلحة انخفضت ، لكنها لم تنته .. بينا أن التنافس على السلطة يظهر أنه قد يكون مصدرا جديدا للعنف.
ولفت الباحث في تقريره الذي حمل عنوان (الأمن في العراق خرائط رئيسية وخطوط اتجاه) الانتباه إلى أن المساعدات الخارجية للعراق تقلصت ، وأن الاستثمار الأمريكي اقل من سائر البلدان في ظل اقتصاد يعتمد على القطاع العام الذي يدفع 70 % من الرواتب ، ويعتمد على النفط في 90 % من ايراداته.
وأضاف أن وفرة الأموال ساعدت الحكومة الحالية على تجاوز انقساماتها ، وأن الأزمة المالية تنذر بالحرمان من مكاسب كان عليها تحقيقها نتيجة "التحسن في الوضع الأمني"، على حد قوله.

كارثية قرار الحرب :
بتاريخ 27/3/ 2009أعرب ( نك كليج ) زعيم حزب الأحرار الديمقراطيين البريطاني المعارض عن قناعته في حق الشعب البريطاني أن يدرك الأسباب الخفية وراء الانسياق وراء إدارة الرئيس الأمريكي المجرم جورج بوش فيما يتعلق بالمشاركة في غزو العراق واحتلاله عسكريًا.
وقال كليج في مقاله بصحيفة الإندبندنت : " يجب إجراء تحقيق يتناول كل التفاصيل التي تحاول الحكومة تجاهلها بهذا الصدد  ".
وأضاف الزعيم السياسي البريطاني المعارض : " التقيت مؤخرًا بعدد من الآباء والأمهات الذين مات أبناؤهم في العراق وقد قاموا بحملات للمطالبة بتحقيق شامل في ملف حرب العراق ".
وأردف نك كليج : " لو كانوا قد فقدوا أبناءهم في حرب مشرفة دفاعًا عن الأمة فسيقيمون الحداد عليهم ولكن مع شعور بالفخر ، ولكنهم قالوا لي إن ما توصلوا إليه مدمر على كل الأصعدة فهل ضحى الأبناء بحياتهم بسبب معلومات زائفة وملفقة من الحكومة ؟ وهل دفعت الحكومة بشبابنا في حرب غير مشروعة ؟".
وقال في مقاله : " لقد قال لي أحد الآباء إن نجله كان يشعر بالإثارة على خلفية التدريبات المكثفة التي تلقاها لحماية نفسه من أسلحة صدام حسين البيولوجية ، والآن يعرف الأب أنه لم يكن لهذه الأسلحة وجود ، فكل ما حدث كان بمثابة العار ".
من جهتها قالت صحيفة الإندبندنت نفسها : " إن ما لا تستطيع هذه الأسر فهمه هو لماذا لم تتم محاسبة أحد على ما حدث ؟ ووصفوا قرار الحرب بأنه أكبر قرار كارثي في جيل بأكمله فكيف لا يحاسب أحد عليه ؟ وكيف لا يكشف حتى الآن عن السبب الحقيقي لذهابنا إلى هذه الحرب؟".
وأضافت الصحيفة " لقد تكاتف حزبا العمال والمحافظين على دفعنا إلى هذه الحرب غير المشروعة ، ومن حقنا أن نعرف كيف حدث ذلك حتى نتجنبه في المستقبل ، لقد رضخت الحكومة مؤخرًا بأنها لا يمكن تجنب إجراء تحقيق ولكن السؤال هو متى سيجرى وكيف ؟".
وفي مقاله قال كليج : " أعتقد انه يجب إجراء التحقيق على الفور ، ويجب أن يتناول كل التفاصيل التي تحاول الحكومة تجاهلها ، علينا أن نعرف ما يجب عمله لإزالة آثار هذه الكارثة العسكرية واستعادة تأثيرنا الإيجابي في العالم ".

حكومة بلير ومحاضر الاجتماعات قبل غزو العراق :
وفي يوم 1/3/2009 كشفت وزيرة التنمية الدولية في الحكومة البريطانية السابقة ( كلير شورت ) النقاب عن إن حكومة بلادها رفضت نشر محاضر الاجتماعات التي عقدتها قبل اندلاع الحرب التي قادتها الإدارة الأمريكية برئاسة بوش الصغير ضد العراق لأنه لم تجر أي نقاشات بشأن الموضوع.
وقالت كلير شورت إن ( السخرية المرة هي أن ما يفعله هؤلاء هو حجب حقيقة عدم وجود آلية لصنع القرار وحقيقة أن المحاضر ستكشف أن الحكومة لم تجر أي نقاش حقيقي حول حرب العراق ، وهذا يعد فضيحة حقيقية ).
وأصدرت محكمة المعلومات حكما أجاز نشر تلك الوثائق ، لكن الحكومة البريطانية اتخذت قرارا غير مسبوق يقضي بوقف نشر تفاصيل هذه المحاضر بدعوى أن ذلك سيثير مخاوف لدى الوزراء تجعلهم يحجمون عن التعبير بصورة حرة عن آرائهم في المواضيع التي قد تثير الجدل مستقبلا.
من جهتها نقلت صحيفة غارديان البريطانية عن جاك سترو قوله إن " وزارته استخدمت حق الفيتو الذي يخولها إياه القانون لوقف نشر تفاصيل هذه المحاضر لأن الضرر المحتمل من ذلك على الحكومة البريطانية يفوق بكثير المصلحة العامة التي قد تتحقق من وراء ذلك ".

مظاهرات ضد الحرب :
وفي 22/3/2009 نظم آلاف الأميركيين مسيرة بمناسبة مرور الذكرى السادسة لغزو العراق .. مطالبين إدارة الرئيس باراك أوباما بسرعة سحب جميع القوات من هناك ، مع ارتفاع عدد قتلى جنود الاحتلال الأميركي إلى أكثر من أربعة آلاف جندي .
وطالب المتظاهرون - الذين ينتمون الى تحالف من أكثر من ألف جماعة خلال مسيرتهم في ولاية فرجينيا بالقرب من وزارة الدفاع البنتاغون - بوضع حد لتلك الحرب،  وحملوا نعوشا رمزية ، ورفعوا لافتات تطالب بفرص للعمل وإنشاء مدارس بدلا من الحرب.
ودعا المشاركون أيضا الرئيس أوباما إلى سرعة سحب جميع قوات الاحتلال الأميركية من العراق .. رافضين سياسة الانسحاب بشكل تدريجي.
وفي هوليوود تجمع مئات المتظاهرين للاحتجاج ، وكان من بينهم داعية السلام ( سيندي شيهان ) التي قتل ولدها في العراق ، كما سيرت مسيرة أخرى في ولاية لوس أنجلوس ، ورفع المشاركون لافتات مناوئة للحرب ، وارتدوا قمصانا ترمز للحدث.

انسحاب تدريجي :
وأعلن أوباما في وقت سابق نيته سحب نحو 100 ألف جندي امريكي بحلول صيف 2010 ، ووعد بسحب آخر جنوده من العراق عام 2011.
ويوجد في العراق حاليا نحو 138 ألف جندي من قوات الاحتلال الأميركية حتى مارس / آذار الجاري ، وقد بلغت حصيلة قتلاها بالعراق حتى الأسبوع الجاري 4260 قتيلا ، وذلك حسب إدعاءات وزارة الدفاع الأميركية ( البنتاغون ).
ولا يزال أغلب الأميركيين يعتقدون أن غزو العراق كان خطأ ، فقد أيد ذلك الرأي نحو 53% حسب استطلاع للرأي أجراه معهد غالوب.

الأميركيون علموا العراقيين النهب :
وفي يوم 21/3/2009 قال احمد الجلبي في مقابلة مع صحيفة الحياة اللندنية - وهو إحد الشخصيات التي كانت مقربة جداً من الولايات المتحدة الأمريكية لدى احتلالها العراق قبل ستة أعوام - إن الأميركيين خلقوا ثقافة النهب المبرمج في العراق ، وان معظم النهب الحقيقي قام به من وصفهم بأنهم " عراقيون " ، حسب تعبيره.
لكن الجلبي نفى في المقابلة أن يكون زود وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية الـ( C I A ) بمعلومات مضللة تتعلق بأسلحة الدمار الشامل أو المختبرات الجوالة ، حسب ادعائه.

الموافقة الإيرانية على الغزو :
وأكد الجلبي في نفس التاريخ 21/3/2009 في مقابلة له مع صحيفة الحياة اللندنية  أن" نظام صدام حسين سقط بقرار أميركي وموافقة ضمنية إيرانية .. موضحا أن الإيرانيين كانوا على علم بالحرب قبل بدايتها ".
ورداً على سؤال عما إذا ساعدت إيران على إسقاط نظام صدام حسين ، قال الجلبي إن" طهران لم ترسل قوات ، لكنها سهلت عبور المعارضة ، ولم تضع عراقيل أمام تعاون من سماهم قادة المعارضة الإسلامية الموجودين على أراضيها ".

70 دعوى قضائية ضد رامسفيلد وشركات أمنية :
بتاريخ 24/3/2009 قال ( علي القيسي ) رئيس جمعية عراقية تعنى بالدفاع عن ضحايا التعذيب في المعتقلات الاحتلال الأميركية في العراق أن الجمعية سجلت  70 دعوى قضائية جديدة أمام المحاكم الأميركية ضد وزير الدفاع الأميركي السابق دونالد رامسفيلد ، وشركات أمنية كانت تعمل في العراق ، بتهم تعذيب عراقيين في معتقل أبو غريب ، قبل نحو ستة أعوام ، ليصل مجموع القضايا إلى 270.
وقال القيسي ان " القاضي الفيدرالي الأميركي وافق على النظر في عشر قضايا ، بينما قبل قضاة آخرون في محاكم الولايات الأميركية النظر في 30 أخرى ، ولا زلنا ننتظر موافقته على النظر في مجمل القضايا المرفوعة من قبلنا ".
واعتبر القيسي تحميل رامسفيلد مسؤولية التعذيب من قبل لجنة الدفاع في مجلس الشيوخ الأميركي ، تعزيزا لموقف " المعذبين " لتعويضهم عن الضرر المعنوي والمادي الذي لحق بهم جراءه.
وكانت اللجنة قد حمّلت في تقرير أصدرته نهاية العام الماضي رامسفيلد ، ومسؤولين كباراً آخرين في الإدارة الأميركية ، مسؤولية حوادث تعذيب المعتقلين في " أبو غريب "، ومعتقل غوانتانامو في كوبا.
وجاء في ملخص التقرير أن " رامسفيلد شارك في عمليات التعذيب ، عبر إقراره باستخدام تقنيات استجواب قاسية في معتقل غوانتانامو ، في الثاني من كانون الأول (ديسمبر) عام 2002 ".
كما ورد في التقرير أن " تعذيب معتقلي أبو غريب في أواخر عام 2003 لم يكن ببساطة ، نتيجة قيام بعض الجنود بالتصرف دون أوامر (...) وأن وسائل التعذيب ، مثل تعرية السجناء وإرهابهم بالكلاب ظهرت في العراق بعد أن تمت الموافقة على استخدامها في أفغانستان وغوانتانامو ".

التغلغل الإيراني :
وفي يوم 19/3/ 2009 وصف عضو مجلس النواب الحالي أسامة النجيفي اختراق الطائرة الإيرانية لأجواء العراق بأنه " أمر يدعو إلى الاستغراب "، أو " ربما جاء بالخطأ لأن إيران ليست بحاجة إلى مثل هذا الإجراء التجسسي على العراق ".
وأضاف النائب النجيفي " يبدو أن المشرفين على هذه الطائرة أخطأوا في توجيه الطائرة لمراقبة الحدود المشتركة ودخلت الأجواء العراقية بالخطأ لأن إيران ليست بحاجة إلى مثل هذه الأعمال وهي متغلغلة في أرجاء البلاد وبشكل لا يجعلها بحاجة إلى إرسال طائرة استطلاع وان أجهزتها الاستخباراتية والأمنية والعسكرية تعمل بحرية فضلا عن أن لديها أعوانا متنفذين داخل الحكومة العراقية ".
وللحديث بقية


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

العراقيّون وكِذْبَات نيسان والتناحر المُرتقب!

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!