اليوم العالمي لضحايا الإرهاب!

قبل أسبوع تمت دعوتي لإدارة ندوة في مركز الرافدين للدراسات الاستراتيجية، والتي كانت بعنوان (الاختفاء القسري جريمة لا تسقط بالتقادم)!

وقد عقد الندوة في مركز راسام للدراسات الاستراتيجية في إسطنبول، وتأتي أهمية الندوة في كونها تتعلق بالإنسان، وكل قضية تتعلق بالإنسان ينبغي الاهتمام بها لأن الإنسان هو الركن الركين في دوام الحياة واستمرارها، فكيف إن كان الحديث عن محاولات تضييع الإنسان وسحقه.

والاختفاء القسري جزء من ماكنة ترهيب المجتمعات الإنسانية في البلدان التي تفتر لتطبيق واضح للقانون، ولا تملك سيادة داخلية صافية!

وقد لاحظنا أن المجتمعات الإنسانية ركزت على قضية ضحايا الإرهاب، حيث يحتفل العالم في يوم الحادي والعشرين من كل عام باليوم الدولي لإحياء ذكرى ضحايا الإرهاب!

وقد اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بموجب قراراها 165/72 يوم 21 آب/أغسطس بوصفه اليوم الدولي لإحياء ذكرى ضحايا الإرهاب وإجلالهم، من أجل تكريم ودعم ضحايا الإرهاب والناجين منه وتعزيز وحماية تمتعهم الكامل بما لهم من حقوق الإنسان وبحرياتهم الأساسية.

وبنى ذلك القرار على الجهود القائمة التي تبذلها الجمعية العامة، ولجنة حقوق الإنسان ومجلس حقوق الإنسان، التي ترمي جميعها إلى تعزيز حقوق ضحايا الإرهاب وحمايتها.

وتوكد الجمعية العامة، بإعلان هذا اليوم الدولي، على أن تعزيز حقوق الإنسان وسيادة القانون وحمايتها على المستويين المحلي والدولي، هي من الضرورات عندما يتصل الأمر بالوقاية من الإرهاب ومكافحته.

وكانت استراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب، التي اعتمدت في قرار الجمعية العامة 288/60 المؤرخ 8 أيلول/سبتمبر 2006، أشارت إلى أن تجريد الضحايا من إنسانيتهم هي من الأسباب المؤدية إلى انتشار الإرهاب، وأن الطريقة الأكثر فعالية لمكافحة الإرهاب هي اتخاذ تدابير تُعنى باحترام كرامة الإنسان وتعلي من سيادة القانون.

وفي العراق لعب الإرهاب دورا سيئا في تفتيت المجتمع وتدمير الحياة الإنسانية، وقد ركزت الكثير من المنظمات الدولية على الإرهاب بكل أشكاله وأنواعه، وقد أصدرت مئات التقارير التي تؤكد تفشي الإرهاب في عموم البلاد، وفي نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر 2020 أصدرت لجنة الأمم المتحدة المعنية بحالات الاختفاء القسري نتائجها بشأن العراق، ودعت السلطات العراقية إلى إدراج جريمة الاختفاء القسري في التشريعات الجنائية المحلية، وضمان عدم احتجاز أي شخص في مكان سري.

ولكن اللجنة المعنية بحالات الاختفاء القسري أعربت عن أسفها العميق لاستمرار نمط الاختفاء القسري في معظم أراضي العراق، مشيرة إلى أن الإفلات من العقاب وتكرار الإيذاء يسودان في هذه الحالات.

 

عدم وجود بيانات موثوقة

 

كما أعربت اللجنة عن القلق إزاء عدم وجود بيانات موثوقة عن حالات الاختفاء القسري والكمية الكبيرة للجثث مجهولة الهوية والمقابر الجماعية. وأوصت العراق بإنشاء قاعدة بيانات موحدة على الصعيد الوطني لجميع حالات الاختفاء التي حدثت في البلاد منذ عام 1968.

وأفادت اللجنة المعنية بحالات الاختفاء القسري بتلقي مزاعم بشأن 420 مكانا للاحتجاز السري. وحثت السلطات العراقية على إجراء تحقيق في هذه الادعاءات، وإغلاق أي من هذه المرافق أو تحويلها إلى مراكز احتجاز عادية ومسجلة وخاضعة للإشراف، فضلا عن اتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان عدم احتجاز أي شخص، بصورة سرية، في المستقبل.

وسبق للمنظمة الدولية (الأمم المتحدة) أن دعت في 30 آب/أغسطس 2020 إلى إجراء تحقيقات مستقلة وفعالة لتحديد مصير نحو ألف شخص من الرجال والصبيان المدنيين، الذين اختفوا خلال العمليات العسكرية ضد تنظيم داعش في محافظة الأنبار الغربية في الفترة بين 2015-2016، ومحاسبة الجناة وتوفير العدالة والإنصاف لأُسر الضحايا.

وتزامنا مع اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري، أصدرت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) ومفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان تقريرا بعنوان "حالات الاختفاء القسري من محافظة الأنبار 2015-2016: المساءلة عن الضحايا وحق معرفة الحقيقة".

ويهدف التقرير، وفقا لبيان صادر عن يونامي، إلى تجديد الجهود الرامية لمعالجة القضية الأوسع للاختفاء القسري في العراق. 

وفي الثالث من حزيران/ يونيو 2021 قالت لين معلوف، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، بمناسبة حلول الذكرى الخامسة للاختفاء القسري لما لا يقل عن 643 من الرجال والصبيان العراقيين على أيدي ميليشيات هيئة الحشد الشعبي خلال العمليات العسكرية لاستعادة السيطرة على الفلوجة من أيدي ما يسمى بتنظيم "الدولة الإسلامية".

وكشفت منظمة العفو الدولية أنه وفي صباح الثالث من حزيران/ يونيو 2016، استقبلت مجموعة من الرجال، المسلحين بالرشاشات والبنادق الهجومية، آلاف الرجال والنساء والأطفال الفارين من منطقة الصقلاوية في محافظة الأنبار. وقد تعرف الشهود حينها على المسلحين على أنهم أعضاء في هيئة الحشد الشعبي بناءً على الشعارات الموجودة على بزاتهم الرسمية وأعلامهم. واقتاد المسلحون ما يقدر بنحو 1300 رجل وصبي، ممن يعتبرون في سن القتال، بعيداً عن عائلاتهم. وعند غروب الشمس، صعد ما لا يقل عن 643 رجلاً وصبياً إلى حافلات وشاحنة كبيرة. ولا يزال مصيرهم مجهولاً. واقتيد الرجال الباقون إلى ما وصفه الناجون بـ”المنزل الأصفر”، حيث أفادوا بأنهم قد تعرضوا للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة.

وفي 5 حزيران / يونيو 2016، شكل مكتب رئيس الوزراء آنذاك، حيدر العبادي، لجنة للتحقيق في حالات الاختفاء والانتهاكات المرتكبة في سياق العمليات العسكرية لاستعادة السيطرة على الفلوجة. ولم يتم الإعلان عن النتائج التي توصلت إليها اللجنة. ولم ترد السلطات العراقية على طلب منظمة العفو الدولية للحصول على معلومات في ذاك الوقت!

وحتى الساعة تستمر تلك الممارسات المليئة بالحقد والكراهية على الأبرياء من العراقيين بحجج محاربة الإرهاب ولا أحد يتكلم عن الإرهاب الرسمي الذي ينفذ في وضح النهار.

إن المسؤولية القانونية والأخلاقية فيما يتعلق بالإرهاب المستمر في العراق تقع على لجنة اليونامي والحكومة والبرلمان ولذلك ينبغي عليهم العمل على:

-       تشكيل لجنة من كافة الوزارات المعنية والقطاعات المجتمعية لحصر وتدقيق قضية الغياب القسري وبقية صور الإرهاب المتعلقة بالإنسان العراقي.

-       تمتلك هذه اللجنة صلاحيات قانونية من خلال الفريق القضائي المنضوي تحتها يمكنها من ملاحقة القتلة والمجرمين دون النظر لمكانتهم.

-       تدمير كافة المعتقلات التابعة للقوى غير الرسمية في البلاد.

-       تعويض عوائل الشهداء والمختفين تعويضا مجزيا، وضمان حياة حرة كريمة لعوائلهم.

إن البلاد القائمة على ظلم المواطنين لا يمكن أن تُعمّر، ومن يريد عمارة الأرض عليه أن يخلصها من الإرهاب، وأن ينشر الأمن والأمان في ربوعها، وأن يلجم القوى الحاقدة على الإنسان والوطن.

الإرهاب هو السوسة الآكلة لسلامة الوطن والمواطنين، فمتى نقضي عليه؟

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

السفارة البريطانيّة ببغداد... ودبلوماسيّة (الأكلات العراقيّة)!

العيد وسياسات التغريب عن الأوطان!