السرطانات في العراق (3-3)![1]

نواصل كلامنا عن السرطانات في العراق وتداعياتها في الجزء الثالث والأخير عن السرطانات في العراق وتداعيتها.

وسبق أن تحدثنا عن السرطانات في الأنبار والبصرة، وسنحاول هنا المرور على بعض الإحصائيات في عموم العراق، ونختم هذه الدراسة ببيان تداعيات السرطانات في الدولة العراقية.

وفي نهاية العام 2015، صدر كتاب مهم جدا للدكتور كاظم المقدادي تحت عنوان "التلوث الإشعاعي والمضاعفات الصحية لحروب الخليج":

ونقل فيه كلاما خطيرا للبروفسور كاتسوما ياغازاكي (Katsuma Yagasaki) من الهيئة العلمية في جامعة ريوكيوس في أوكيناوا في اليابان- والذي قدر أن "اليورانيوم المنضب الذي استعمل في العراق يساوي في ذريته ما يعادل 250 قنبلة ذرية، وأنه أُطلقت على العراق خلال الحربين 1991 و2003 كمية هائلة من ذخائر اليورانيوم خلفت أكثر من 2200 طن متري من اليورانيوم المنضب، وأن العراق صاحب أعلى معدل لوفيات الأطفال في العالم، ويشكل 8 % من حالات السرطان كافة في العراق، مقارنة بـ1 % في الدول المتقدمة".

وعلى الجانب المحلي نقلت وكالة يقين الإخبارية في يوم 21/9/2021 عن عضو مجلس النواب العراقي جمال المحمداوي قوله بأن عدد وفيات مرضى السرطان في العراق بلغ 10% من مجموع الوفيات بالأمراض، داعيا رئيس الوزراء لإجراءات تحد من حدوثه أو والوفيات الناجمة عنه.

ودعا المحمداوي إلى القيام بالإجراءات التالية للحد من معدلات حدوث السرطان والوفيات الناجمة والتي منها ضرورة قيام مجلس السرطان العراقي بوضع استراتيجية وطنية شاملة مصممة لمدة (5 سنوات) وتحديد نقاط مراجعة لتلك الخطط بنسبة مئوية للإنجاز تهدف للحد من معدلات حدوث السرطان والوفيات الناجمة عنه”.

وفي ضوء هذا التفشي الواضح للسرطانات في العراق سنحاول بيان بعض تداعيات هذه الآفة القاتلة.

بداية ننقل بعض تعليمات مركز ( Memorial Sloan Kettering Cancer Center) المختص بالسرطانات الذي أك بأن تقبُّل مرض السرطان أمر صعب. وقد يساعدك التواصل مع العائلة والأصدقاء وفريق الرعاية الصحية على التكيُّف معه.

وبين المركز أنه كلما زاد اعتمادك على الآخرين، يمكن لعائلتك وأصدقائك العمل سويًا لمساعدتك. وعلى الرغم من صعوبة التحدث مع العائلة والأصدقاء عن رغباتك ومشاعرك عند اقتراب الأجل فإنك قد تجد فائدة ومنفعة من هذا الأمر. إذ سيوفر ذلك مساحة لك ولعائلتك وأصدقائك لمشاركة المشاعر والدموع والضحك. وقد يمنحك أيضًا الفرصة للإفصاح عن أشياء لطالما كنت ترغب دومًا في الإفصاح عنها.

وعن أخطر المراحل في مرض السرطان بين المركز أن التحدث بصراحة عن اقتراب الأجل والموت يساعدك وعائلتك وأصدقاءك على التخطيط لهذه المرحلة، الأمر الذي قد يكون بدوره مفيدًا للغاية. يمكنك مساعدة عائلتك في التخطيط للدفن والعزاء، والأمور المالية، وأشياء أخرى كثيرة.

وما يهمنا في هذا المقال هو بيان المركز أن تشخيص حالة أحد أفراد الأسرة بالإصابة بمرض السرطان يؤثر على باقي الأفراد، وخاصة الأطفال. حيث تمثل مرحلة نهاية الحياة فترة مرهقة نفسيًا للأطفال. وقد تكون لديك غريزة حماية طفلك من الحزن والارتباك الذي تشعر به مهما كان كبيًرا أم صغيرًا ومع ذلك يُفضل تحرى الصدق بشأن ما يحدث. إذ ينبغي إبلاغ الأطفال أن هذا الشخص المحبب إليهم مريض جدًا وقد يموت قريبًا. ويجب معرفة أن استيعاب الأطفال لهذه الحقيقة يختلف تبعًا لفئتهم العمرية ودرجة نضجهم.

وسيشعر جميع الأطفال بالأسى والألم بطريقتهم الخاصة. وقد يكون من المفيد أن تسمح لهم بالمشاركة بدور معين أثناء الاحتضار. كما أن التزامك أمامهم بقول الحقيقة يساعدهم على تصديقك والثقة بك. ومن ثم يجب عليك قضاء بعض الوقت للإجابة عن أسئلتهم. كما يجب عليك محاولة توضيح أنه إذا كانت لديهم أية أسئلة أخرى لاحقًا، فإنك ستجيب عنها. لمزيد من المعلومات.

ومع كل ما تقدم من توعية ضرورية ركزها عليها المركز يمكن بيان بعض تداعيات السرطانات على المجتمع العراقي ومنها:

-       الآثار العائلية

لا شك أن وجود مريض بمرض عضال وقاتل مثل السرطان في أي عائلة سيكون سببا في الكثير من المشاكل العائلية المركبة.

ويمكن القول إن من أهم تلك المشاكل هي المشاكل المالية والنفسية.

وقد سمعنا بقصص خيالية اضطرت فيها بعض العوائل لبيع منازلهم والسفر إلى الهند وغيرها من البلدان للعلاج!

وكذلك ربما تصل تلك التداعيات ربما الى الطلاق وترك الزوجة لزوجها، وانهيار النظام الأسري بسبب تداخل الظروف والمشاكل نتيجة ضيق ذات اليد!

-       الآثار النفسية: ومعلوم أن الآثار النفسية لا تقتصر على المريض فقط بل على كافة أفراد العائلة!

وقد ذكر ( Memorial Sloan Kettering Cancer Center ) أن قد يكون الوقت الذي يسبق الموت صعبًا للغاية. والشعور بالحزن والقلق يعد أمرًا طبيعيًا ومتوقعًا. وإذا شعرت أن الاكتئاب والقلق ينغصان عليك معظم جوانب حياتك، فتحدث مع مقدم الرعاية الصحية الخاص بك.

ولهذا يفترض توعية المواطنين وتهيئة العائلة والمريض على حد سواء نفسيا للتعايش مع هذا المرض الفتاك!

-       الآثار التعليمية: قد تضطر بعض العوائل من اجل معالجة مريضها في الأمراض المستعصية ومنها السرطان أن توقف بعض الخطوات اللازمة لبقية أفراد الأسرة ومنها التعليم، وذلك بسبب التكاليف المرتفعة لعلاج هذا الداء القاتل داخل العراق وخارجه.

-       الآثار المستقبلية: وهذه من أخطر وأكبر تداعيات هذا المرض الخطير على المجتمع عموما وعلى العائلة خصوصا، وذلك لأنه ربما يتسبب بفقدان العوائل لمصادر رزقها، وأماكن سكنها وربما يدخلها في مستنقعات الفقر والضياع!

في حين لا تتدخل الحكومة في دعم هذه الطبقات إلا في بعض مراحل العلاج الكيمياوي.

وهذه الآثار المستقبلية تتمثل في كافة الجوانب المعاشية والاقتصادية والتعليمية والثقافية وغيرها.

إن من الأهمية الإشارة إلى ضرورة التكاتف الشعبي للوقوف بوجه التداعيات الخطيرة لهذا المرض الساحق، ووجوب العمل الجماعي ويفترض بكل بالوزارات ذات العلاقة ومؤسسات المجتمع المدني والأوقاف بكافة فروعها، والمساجد والنوادي التثقيفية والنقابات المهنية والقنوات الثقافية والمواقع الإلكترونية والشخصيات الفاعلة على مواقع التواصل الاجتماعي أن يتكاتفوا جميعا لدعم العوائل الفقيرة التي تعاني من وجود أمراض فتاكة، وهذا الدعم يمكن أن يكون نفسيا وماديا ومعنويا وإعلامياً!

الدولة الصافية هي التي توفر الأمن والغذاء والدواء لمواطنيها وإلا فهي دولة مليئة بالشوائب.

 



[1] مركز راسام للدراسات // تاريخ النشر// 1/11/2021.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

السفارة البريطانيّة ببغداد... ودبلوماسيّة (الأكلات العراقيّة)!

العيد وسياسات التغريب عن الأوطان!