خرج الاحتلال . . لم يخرج الاحتلال

 منذ خمس سنوات وحتى الساعة وقوافل الشهداء وضحايا الاحتلال الأمريكي في العراق مستمرة وفي نفس الوقت، وعلى الرغم من هذه التضحيات الجسام ما زالت عجلة الجهاد والمقاومة تؤكد للجميع أن المقاومة لن ترضى بغير خروج الاحتلال من العراق حلا للقضية العراقية مهما كلفها هذا الحل من تضحيات غالية في الأرواح والأموال.

وفي هذه الأيام نسمع عن المعاهدة الأمنية التي تنوي الحكومة العراقية إبرامها مع الإدارة الأمريكية والتي بموجبها سيبقى العراق تحت وصاية أمريكية إلى ما شاء الله من الزمن.

ونحن نسمع في كل يوم من الساسة الذين نصبهم الاحتلال ـ والذي يحاول بكل السبل الدبلوماسية وغير الدبلوماسية الضغط على الدول العربية للاعتراف بها وإرسال سفراء لها في العراق ـ أن العراق بلد ذو سيادة كاملة, وليس لأحد القدرة على أن يفرض إرادته على الإرادة الوطنية العراقية؛ ونحن لا نستطيع أن نفهم جملة من المسائل التي نسمع بها بخصوص هذه المعاهدة ومنها على سبيل المثال لا الحصر: هل يمكن لحكومة المالكي أن تفسر لنا ماذا يعني أن يكون للقوات الأمريكية المحتلة، بعد إبرام المعاهدة, صلاحية ان تعتقل كائناً من يكون بحجة الإرهاب والمساس بالأمن الداخلي؛  وهنا أريد أن أسأل الحكومة العراقية: أين السيادة وأين دور الدولة المفترضة والأجهزة الأمنية إن كان الاحتلال هو من يعتقل ومن يحافظ على الأمن الداخلي للعراق؟!

فهل هذه الإجراءات حقيقة لها مساس بالأمن الوطني العراقي أم أن راعية الأمم " أمريكا" لا تريد لنا إلا الخير والأمن والأمان؟! أم أنه ركض أمريكي وراء مصالحها في المنطقة على حساب الشعب العراقي ودول المنطقة؟!

وماذا يعني بعد هذه المعاهدة أن تخرج أمريكا من العراق؛  هل نضحك على أنفسنا بأن أمريكا خرجت من العراق وبقيت قواتها في أكثر من 400 قاعدة, وهي التي تسيطر على مجريات الأمور كما هو عليه الحال الآن؟

هل تريد الولايات المتحدة ومعها حكومة المالكي (الضحك على أذقان) العراقيين والعالم بمعاهدة ملتوية تحمل في طياتها الكثير من علامات الاستفهام وظاهرها الرحمة وداخلها العذاب، وهذه المعاهدة ستجعل من العراق في مرحلة ما بعد الخروج الوهمي للاحتلال من العراق الشرطي الأمريكي في المنطقة, وهذا الشرطي ستبقى عصاه تلوح للإيرانيين ولكل من يحاول المساس بأمن إسرائيل بالمنطقة, وهذا مطلب مهم للسياسة الخارجية الأمريكية التي لا تخفي وعلى أعلى المستويات وقوفها العلني والواضح مع اليهود ضد قضية العرب المركزية "قضية فلسطين" وتحاول أمريكا أن تخرج حكومة المالكي من البند السابع من المعاهدة الدولية حتى تتمكن حكومة المالكي من توقيع هذه المعاهدة.

والسؤال المهم هو هل تملك حكومة المالكي الصلاحية الدستورية لتوقيع هذه المعاهدة؟

في هذا السياق قال خالد عيسى طه رئيس جمعية محامون بلا حدود في تصريحات صحفية نشرت قبل أيام "لا يملك رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أية صلاحية للتوقيع على اتفاقية من هذا النوع، ليس فقط لأنه جاء إلى هذا المنصب عبر عملية انتخابية تم فيها التزوير واستخدام القوة والنفوذ، وإنما أيضا لأنه يمثل حكومة احتلال، وبموجب نظام الأمم المتحدة لا يملك المالكي أية صلاحية لتوقيع أية معاهدة مع أية دولة، وهو أمر متفق عليه، هذا فضلا عن أن المالكي يدين باستمرار وجوده في هذا المنصب إلى الدعم الأمريكي، إذ في غياب هذا الدعم فإنه لا يستطيع الاستمرار يوما واحدا،  ومن ثم فإنه في حال تم التوقيع على هذه المعاهدة فإنها بالنسبة للعراقيين وللقانون الدولي كما لو أنها لم تكن", حسب قوله.

المهم أن الشعب العراقي سيقف وقفة رجل واحد ضد هذه المعاهدة وإن مررت لأنها مرفوضة من عدة وجوه منها:

•        استمرار الاحتلال الأمريكي للعراق بثوب آخر ظاهره السيادة وحقيقته التبعية والاحتلال.

•  تحميل العراق مسؤولية حماية المصالح الأمريكية في المنطقة وهذا ما يحمل الدولة العراقية المستقبلية الوطنية عبئا هي في غنى عنه.

•  استمرار ملاحقة الوطنيين والمخلصين من العراقيين بحجة الحفاظ على الأمن الداخلي وهذا سيفتح المجال الحكومات الطائفية أن تنفذ مخططاتها الضيقة بحجة الحفاظ على الأمن الداخلي.

•  إقامة القواعد الأمريكية سيبقي العراق بؤرة ساخنة في المنطقة مما يهدد بالنتيجة أمن واستقرار الدول المجاورة للعراق.

وعليه فإن من مصلحة العراق والدول المجاورة له أن لا توقع هذه المعاهدة مهما كانت الأسباب الموجبة لها، ولا أظن أن الشعب العراقي سيرحم الذين يحاولون تسليم البلاد لعقود عديدة على طبق من ذهب لأمريكا ومن معها, وسيأتي اليوم الذي يدفع هؤلاء ثمن ما ارتكبوه من جرائم فعلية وسياسية بحق الشعب العراقي ولا أظن أن هذا اليوم بعيد.



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى