هل ستتورط أمريكا ثانية في العراق؟!


توالت هذه الأيام التصريحات شبه اليومية من قادة الولايات المتحدة والبنتاغون، وبعض حلفاء أمريكا في العالم حول إمكانية قيام تحالف عالمي موسع بحجة مكافحة تغول تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على الأراضي العراقية.
وقبل يومين أمر الرئيس الأمريكي باراك أوباما بإرسال (350) جندياً إضافياً إلى العراق لحماية المنشآت الأمريكية والموظفين العاملين فيها، ليرتفع بذلك عدد الجنود إلى حوالي (820) جندياً، بحسب ما أعلن البيت الأبيض.
وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، كشف في مقال له في صحيفة نيويورك تايمز، قبل أسبوع: «إن الرئيس أوباما سيقترح إستراتيجية ضد التنظيم خلال اجتماع مجلس الأمن الدولي، الذي ستتولى أمريكا رئاسته في أيلول، وأن تحالفاً عالمياً واسعاً يمكن أن يلجأ إلى الوسائل السياسية والإنسانية والاقتصادية والقانونية والاستخباراتية؛ لدعم التحرك العسكري ضد تنظيم ما يعرف بالدولة الإسلامية».
ويُفهم من هذا الكلام أن هذا التحالف العالمي يمكن أن يلجأ لكافة الخيارات، ومنها الاحتلال أو التدخل البري ثانية في العراق!
والسؤال الذي يطرح هنا: هل ستعيد الولايات المتحدة انتشارها مرة أخرى في بلاد الرافدين، بحجة مواصلة «دعم الحكومة العراقية في جهودها الرامية لمكافحة تنظيم «الدولة الإسلامية» الذي يشكل تهديداً ليس فقط للعراق، وإنما للشرق الأوسط برمته ولموظفي الولايات المتحدة ومصالحها في هذه المنطقة»، بحسب البنتاغون؟!
الحقيقة أن متابعة تطورات الأحداث في المنطقة، ربما تجعلنا نتوقع تدخلاً أمريكياً وشيكاً في العراق، وهذه الفرضية أكدتها مجلة الإيكونيميست البريطانية، قبل عشرة أيام حيث أشارت إلى أن: «عودة القوات البرية الأمريكية إلى العراق مسألة وقت، وأنه يجب أن يعمل على تحقيق استقرار سياسي بدعم حكومة قوية تستطيع أن تسيطر على البلاد وتمنعها من الوقع في النزاعات الطائفية».
هذا التدخل المرتقب، أكدته أيضاً تقارير صحفية نقلت عن النائب الديمقراطي اليوت أنجل، عضو لجنة الشؤون الخارجية لمجلس النواب الأمريكي قوله: «قد يصبح من الضروري للرئيس أوباما نشر قوات برية في العراق، وهو الشيء الذي طالما استبعده البيت الأبيض مراراً وتكراراً، وأن الضربات الجوية ربما تكون غير كافية ففي النهاية، ربما يجب أن تكون لدينا بعض القوات على الأرض، وهو ليس بالشيء الذي أرغب به، لكن يجب القول بصراحة أن لدينا خيارات سيئة، لكن الأسوأ منها ألا نفعل شيئاً».
والسؤال الذي يثار وسط هذه التصريحات المُنذرة بالحرب، هل ستتمكن أمريكا من بسطت سيطرتها على الأرض العراقية، بعد خروجها منكسرة، نهاية عام 2011، وتكبيدها خسائر هائلة في الأرواح والمعدات، على يد رجال المقاومة العراقية، وكانت تلك الهزيمة سبباً في زعزعة نظرية القطب الأوحد في العالم؟!
أظن أن العراقيين لا يُخيفهم عودة قوات الاحتلال مرة ثانية، لكن الذي يربكهم هو التآمر الداخلي مع تلك القوات بحجة مكافحة الإرهاب.
اختلاق الحجج الواهية –ومنها مكافحة الإرهاب- للتدخل في العراق لا يمكن أن يبرر -لا لأمريكا ولا لغيرها- هذا الاحتلال الجديد لبلاد سبق أن وقف غالبية أهلها ضد احتلالهم الأول عام 2003، وعلى الأمريكيين تفهم هذه القضية، وإلا فإن العراقيين قادرون على الوقوف بوجه القوات الأمريكية المحتلة مرة أخرى، وهذا ما ستثبته الأيام القادمة.
التورط الأمريكي المتوقع في العراق، لن يكون سبباً في فرض الأمن والاستقرار، وإلا لنجحت أمريكا في فرض (الاستقرار) خلال سنوات الاحتلال العجاف السابقة.
وهنا لا بد من التأكيد على أن الحل ينبغي أن يكون عراقياً، وذلك بإلغاء العملية السياسية الحالية؛ لأنها لا تمثل كافة أطياف الشعب؛ وتعديل الدستور عبر حكومة انتقالية؛ وإجراء انتخابات حرة نزيهة؛ وكذلك بناء الأجهزة الأمنية؛ بناءً مهنياً بعيداً عن التحالفات غير الوطنية؛ وتنقيتها من المليشيات الطائفية؛ وتحقيق مطالب أبناء المحافظات الثائرة؛ وبعدها يمكن أن نعمل معاً من أجل بناء العراق؛ عراقاً خالياً من الخونة والعملاء وأذناب المحتل.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى