العراقيون والارقام القياسية



العراقيون –كما هو حال أغلب أبناء العالم- يعشقون بلادهم إلى درجة الوله، وهم يتنافسون لإثبات هذا العشق، كل بطريقته الخاصة، وهم في هذا العشق فريقان؛ فريق صادق يعمل بكل الإمكانيات المتاحة لإظهار وطنه بأبهى صور الزينة والرفعة، والفريق الثاني يدعي الحب فيخرب ويدمر، بل يتعاون مع الغرباء لاحتلال البلاد وإهلاكها باسم ذلك الحب المزيف!
ومن ضمن الفريق الأول كل الأخيار من العراقيين الذين أثبتوا هذا الحب بالتضحية بأرواحهم وحرياتهم وكل ما يملكون، وآخر صور اثبات الحب للعراق ما ذكره موقع غينس للأرقام القياسية من أن العلم العراقي قد دخل في يوم (15/8/2012)، موسوعته الشهيرة للأرقام القياسية لأكبر علم، وذلك بواسطة المظلي العراقي المغترب (فريد لفته) الذي تمكن من تحطيم الرقم القياسي لأكبر علم، حينما قفز فوق منشأة شيكاغو بولاية الينوي في الولايات المتحدة الامريكية لينشر أكبر علم عراقي في الجو بقياس (4.023.2) متر مربع؛ أي ما يعادل مساحة (14) ألف قدم مربع تقريباً.
ومقابل هذا الانجاز العراقي، نجد أن أصحاب الفريق الثاني من الذين دمروا البلاد وخربوها، قد جعلوا العراق في مقدمة البلدان الفاشلة، حيث أعلنت مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية في تقرير لها في يوم 27 تموز/ يوليو 2012، بقاء العراق ضمن البلدان التي تحتل المراتب العشر الأولى من بين الدول الأكثر فشلا ضمن (177) دولة في العالم، وهذه الدول هي: الصومال وتشاد والسودان وزيمبابوي وجمهورية الكونغو الديمقراطية وأفغانستان والعراق وجمهورية إفريقية الوسطى وغينيا وباكستان.
الخراب القياسي لم يتوقف عند حدود الخسائر المادية، بل شمل الإنسان العراقي، وآخر هذه «الانجازات القياسية»، عزم حكومة المنطقة الخضراء على إعدام المئات من المعتقلين العراقيين والعرب في السجون الحكومية خلال هذه الأيام، وهذا ما أكدته بعض وكالات الانباء نقلاً عن مصادر في محاكم بغداد: «أن السلطات العراقية سوف تنفذ حكم الإعدام بحق (254) شخصاً يوم (29) آب/ أغسطس، بعد إدانتهم بالمشاركة في أعمال إرهابية»!
ولمن لا يعرف الأعمال الإرهابية بتعريف حكومة المنطقة الخضراء، فهو بعبارة بسيطة كل عمل وطني يقف ضد المشاريع الأمريكية والإقليمية في العراق، أما مسألة استهداف العراقيين فكلنا متفقون على أن من يستهدف الأبرياء من العراقيين فهو مجرم يجب أن ينال جزاءه العادل.
هذه الأنباء تأتي بعدما نفذت حكومة المنطقة الخضراء يوم 28/8/2012 حكماً بإعدام (21) عراقياً بينهم ثلاثة نساء، وفي اليوم التالي أعلنت وزارة العدل أنه «تمّ تنفيذ عقوبة الإعدام بخمسة أشخاص فقط»، وذلك بعد أن أثار اعلانها نيتها اعدام (254) معتقلاً ضجة كبيرة في داخل العراق وخارجه!
السلطات الحاكمة في بغداد نفذت خلال الشهر الجاري حكم الاعدام بحق (26) شخصاً من بينهم معتقلون من جنسيات عربية، وسبق لها أن نفذت عدة إعدامات جماعية هذا العام بينها إعدام (14) شخصاً في شهر شباط، وإعدام (17) آخرين في شهر كانون الثاني!
هذه الاعدامات الجماعية يسابق بها ساسة المنطقة الخضراء الزمن؛ لأنهم يحاولون قتل أكبر عدد من الأبرياء الذين، ربما سيشملون بقانون العفو العام، الذي سيصوت عليه البرلمان بعد غد الاثنين؛ لأن حكومة المالكي اضطرت إلى القبول بتمرير القرار؛ وذلك لتغطية بعض طائفيتها وحقدها على الشرفاء من العراقيين!
الإرهاب القضائي الذي تمارسه الحكومة اليوم في عموم العراق يعد امتداداً لمسلسل القتل والتهجير الذي بدأته المليشيات الطائفية تحت إشراف الحكومة وعلمها، وكانت الحجة -حينها- الفلتان الأمني في البلاد!
اليوم «يتقدم» العراق على بلدان العالم، ولكن في كل ما من شأنه الحط من قيمة الإنسان وكرامته، وحياته!
رغم كل هذه القسوة في إدارة البلاد، سيبقى الشرفاء من العراقيين يكافحون حتى الرمق الأخير من أجل تخليص البلاد من هؤلاء المخربين، الذين شوهوا سمعة العراق في العالم والمنطقة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى