رسالة للقادة العرب من مواطن عراقي


إلى/ أصحاب الجلالة والسيادة والسمو، الملوك والرؤساء والأمراء العرب المحترمين:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

إني مواطن عراقي مهجر في "زمن الديمقراطية التي ينعم بها العراق الجديد"، قبل أن أكون صحفيا محباً للعراق وللأمتين العربية والإسلامية.
رسالتي لحضراتكم تتعلق بالقمة العربية القادمة المزمع عقدها في بغداد، عاصمة الرشيد، نهاية الشهر الحالي.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو:
تعرفون الظروف المأساوية التي يعاني منها الشعب العراقي، لا أقول منذ الحصار الأمريكي القاتل، عام 1991، ولكن لنتحدث عن العراق الجديد بعد عام 2003، فبعد أن احتلت الولايات المتحدة الأمريكية بلادنا المظلومة، وتسببت بمقتل مئات الآلاف من المدنيين الأبرياء العزل، ووصل الأمر إلى القتل على أنغام الموسيقى الأمريكية الصاخبة، بل إن المعتقدات الإسلامية قد دنست، وجعل جنود الاحتلال القرآن الكريم- دستور الأمة الخالد- هدفاً للرماية في أكثر من معسكر من معسكراتهم في بغداد والمحافظات العراقية الأسيرة الأخرى، حينها دخل العراق في نفق مظلم، لا تُعرف نهايته، ومازلنا في هذه المتاهة حتى الساعة.
ومنذ الأيام الأولى للاحتلال عملت الولايات المتحدة - وبخطة أعدت مسبقاً- على تفكيك الدولة العراقية السابقة بكل دوائرها العسكرية والأمنية والخدمية والاجتماعية والمؤسساتية، بحجة أنها جزء من إرث الحكم السابق.
وشجعت تلك القوات الغازية على التخريب والنهب، الذي طال كافة الوزارات والدوائر المدنية والعسكرية، والمتاحف. والنتيجة بلاد مخربة، محطمة، وبعد كل هذه المهازل المقصودة، سُلمت البلاد لرجال العملية السياسية الذين جاؤوا على ظهور الدبابات الغازية، من الذين أعدتهم أمريكا في لندن وباريس وصلاح الدين ممن يسمون أنفسهم "رجال المعارضة العراقية"، وأغلبهم اليوم من الجالسين في "جمهورية المنطقة الخضراء".
هؤلاء الساسة، أغلبهم من الحاقدين على العراق وأهله، ولا ينتمون للعراق انتماءاً حقيقياً، وقبضوا ثمناً لتعاونهم "الصادق" ووقوفهم "المشرف ضد العراق وأهله" هذه المناصب التي يتنعمون بها اليوم في العراق المغتصب.

أيها السادة:
حاولت أمريكا خداع العراقيين والعالم، عبر العملية السياسية الجارية، وعبر مهزلة الانتخابات التي لم تكن نزيهة، ولم تعترف بها القوى الوطنية المناهضة للاحتلال، وعليه تبقى هذه العملية لا تمثل العراقيين، بل تمثل الذين تريدهم الولايات المتحدة.
ولم يكتف ساسة المنطقة الخضراء بالنهب والتمتع بالمال العام، بل ارتكبوا أبشع الجرائم التي لم ترتكب في العصر الحديث حتى في "إسرائيل" ،أو أفغانستان، بل هي أبشع المجازر الإنسانية التي وقعت منذ الحرب العالمية الثانية، وحتى الآن، وكل ذلك بمباركة قوات الاحتلال الأمريكية "المحررة".

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو:
اتخذت حكومة المنطقة الخضراء حجة مكافحة الإرهاب، سلاحاً فتاكاً رفعته بوجه كل من وقف ضد مشاريعها التقسيمية الطائفية التخريبية، والنتيجة هنالك اليوم أكثر من مئة ألف معتقل، أغلبهم لم تقدم أوراقهم للقضاء، وهم معتقلون إدارياً فقط، وغالبيتهم يقبعون في سجون سرية داخل وخارج المنطقة الخضراء، ومن بينهم أكثر من عشرة آلاف امرأة، أغلبهن حملن سفاحاً في المعتقلات، واعتقلن للضغط على أزواجهن، أو إخوانهن، أو أبنائهن من المطلوبين ظلماً وزوراً حتى يسلموا أنفسهم.

أيها السادة:
هنالك اليوم في خارج العراق أكثر من أربعة ملايين مهجر في أكثر من ثمانين دولة في العالم، يعاني أغلبهم من إهمال حكومي واضح، وهم بالمقابل مطاردون ولا يمكنهم العودة للعراق؛ بسبب التهم الكيدية التي رتبت ضدهم من قبل عناصر المليشيات الطائفية المتغلغلة في أجهزة الأمن والاستخبارات ووزارة الخارجية.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو:
العراق اليوم دولة ميليشياوية، بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معان، مخيفة ومتخلفة، وهذا الكلام، لا أقوله افتراءاً أو تحاملاً، بل أنا على يقين أن أغلبكم يعرفون هذه الحقائق بالأرقام والتواريخ الدقيقة، وإنما أقول ذلك من باب عرض الحقيقة، حيث إن التقارير الدولية أكدت حجم الكوارث التي تقع داخل المنطقة الخضراء وخارجها، حيث السجون السرية، والعلنية, وسيطرة المليشيات على مجريات الأمور في البلاد، وانتهاكات الحكومات المتوالية على حكم بغداد لحقوق الإنسان، وهذه الصور المأساوية لم تقع في تاريخ العراق الحديث والقديم إلا في أيام التتار حينما استباحوا بغداد، والأمر لم يقف عند هذا الحد، بل إن بعض التقارير جعلت بغداد من أكثر مدن العالم اتساخاً، في الوقت الذي تُعد فيه الموازنة العراقية المهدورة من الميزانيات الكبيرة في المنطقة، وكل هذا الخراب يكون على حساب صحة وراحة الشعب العراقي، وفيما يتمتع أغلب ساسة المنطقة الخضراء وعوائلهم وأقربائهم بإهدار الأموال العامة.

أيها السادة:
لقد عانى العراقيون الأمرّين في ظل هذه الحكومات الطائفية التي لم تفلح حتى الساعة في تقديم أي شيء يذكر للعراقيين في كافة المجالات الأمنية والمؤسساتية والخدمية، وهم الذين أنفقوا أكثر من (500) مليار دولار منذ الاحتلال وحتى اليوم، ولم يفلحوا حتى في تقديم أبسط الخدمات للمواطن العراقي الذي لا يحلم اليوم إلا بالأمن والأمان، والماء الصالح للشرب، والكهرباء التي أنفقت عليها الحكومة أكثر من (27) مليار دولار ولم تنجح في توفيرها للمواطنين!

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو المحترمين:
أتمنى أن تتذكروا أن ذهابكم إلى العاصمة الأسيرة، بغداد، هو طعنة كبيرة في ظهر العراق الجريح، المحتاج لإخوانه العرب لمعالجة جراحه، ولكن ليس من خلال حضور القمة العربية في بغداد، وإنما بإنصاف العراقيين من حكوماتهم الطائفية، والعمل على ترتيب البيت العراقي من جديد، عبر الضغط من أجل إنهاء مخلفات الاحتلال، المتمثلة بالدستور والمحاصصة والمؤامرات التقسيمية التدميرية، والحفاظ على وحدة العراق وثرواته، وإنهاء التدخلات الإقليمية في الشؤون الداخلية العراقية، ومن ثم إجراء انتخابات حرة نزيهة، بمراقبة دولية، ليختار العراقيون – حينها- من يمثلهم.

ختاماً، أيها السادة، أود أن أقول لكم: إن الجالسين في المنطقة الخضراء لا يمثلون العراقيين، وهم لا يمثلون إلا أنفسهم، وأحزابهم.
وكان الله في عون العراق وأهله.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

العراقيّون وكِذْبَات نيسان والتناحر المُرتقب!

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!