قمة عراق التفجيرات

القمة القادمة المحتملة في بغداد نهاية الشهر الحالي، حيّرت الكثير من المتابعين للشأن العراقي والعربي، هل ستُعقد أم لا؟ وما هو مستوى التمثيل الدبلوماسي للوفود العربية المشاركة، وذلك بسبب الأوضاع الأمنية المتردّية في بلاد الرافدين؟

وكلّنا نعرف أنّ الماء، أو عبور النهر هو الذي يثبت منْ الذي يجيد السباحة، ممن يدّعي القدرة على عبور المحيطات، وحكومة المنطقة الخضراء تصرّ على أنّ العراق مستعد لعقد القمة على كافة المستويات، بينما يشكك الكثيرون بهذا الاستعداد، حيث أنّ الأرضية الأمنية في العراق رخوة جداً، ولا يمكن الاعتكاز والوقوف عليها.

وحتى نتحدث بموضوعية وحيادية، سأحاول نقل صورة لصباح واحد فقط عاشته المدن العراقية، حيث أنّه وقبل سبعة أيام من انعقاد القمة العربية، عاش العراق يوماً دامياً جديداً يضاف لآلاف الأيام المليئة بالدم والقتل والخراب في "العراق الديمقراطي الجديد"، حيث قتل يوم 20/3/2012 أكثر من (60) شخصاً، وأصيب أكثر من (250) آخرين بجروح، في حوالي (20) هجوماً استهدفت (13) موقعاً حكومياً ومدنياً في بغداد وكركوك وكربلاء والحلة وصلاح الدين.

هذه التفجيرات جاءت بعد يومين من تأكيد الدكتور (نبيل العربي) الأمين العام للجامعة العربية بأنّ العراق استكمل كافة الإجراءات الفنية والإدارية والتنظيمية واللوجستية الخاصة بالقمة العربية الثالثة والعشرين، وقال العربي: "إنني تأكّدت بنفسي من هذه الاستعدادات خلال زيارتي السابقة للعراق، إضافة إلى زيارة عدد من الوفود الفنية للجامعة العربية، التي زارت بغداد وشاهدت بالفعل حجم الترتيبات الكبيرة التي توليها العاصمة بغداد لاستقبال الضيوف والزعماء العرب"، ولا أدري ما الذي يدفع السيد الأمين العام للجامعة العربية، وبعضاً من مساعديه للتأكيد على أنّ العراق مستعد للقمة، رغم أنّ الظروف الأمنية والنفسية تقول عكس هذا الكلام؟!

قيادة عمليات بغداد أكّدت من جانبها وعلى لسان رئيس أركان قيادة العمليات الفريق الركن (حسين البيضاني) أنّ خطة حماية الوفود المشاركة في القمة العربية بلغت مراحلها النهائية، وأنّ الاستعدادات الأمنية للقمة قد بدأت منذ أكثر من عامين، حيث كان من المقرر عقدها في العام الماضي، إلاّ أنّ الظروف كانت غير مناسبة حينها، وأنّ القطعات العسكرية مسكت زمام غالبية المناطق من الناحية الأمنية، وقامت بعمليات استباقية لكل ما من شأنه التأثير على انعقاد القمة!

إجراءات حكومة المنطقة الخضراء السابقة والمواكبة للقمة هي عمليات ترهيبية، ستحيل حياة العراقيين جحيماً، وستشلّ الحياة العامة في البلاد، حيث أمرت الحكومة الحالية تعطيل الدوائر الحكومية لمدة أسبوع، ولغاية مغادرة آخر الوفود العربية لبغداد، وستنشر أكثر من (100) ألف عنصر أمني؛ لتنفيذ الخطة الأمنية الخاصة بالقمة العربية، وأنّ الأجواء العراقية ستغلق لمدة خمسة أيام؛ وذلك لقناعة قادة الأجهزة الأمنية بعدم القدرة على ضبط الأمن، فيما تدّعي الحكومة أنّ سبب هذا التعطيل هو الإجراءات الأمنية التي قد تعوق أو تساهم في تأخير وصول الموظفين إلى دوائرهم!

وبعد التفجيرات أكّدت وزارة الخارجية "المالكية" أنّ التفجيرات التي شهدها البلاد، وبينها تفجير وقع قرب مبناها بوسط بغداد، لن تثني العراق وحكومته عن إنجاح القمة العربية واستقبال الضيوف من القادة والمدعوين!

أين هذه الاستعدادات التي تتحدث عنها حكومة المنطقة الخضراء؟ وأين هذه الجاهزية؟ وأين دور هذا "الجيش العرمرم" الذي فشل فشلاً واضحاً في السيطرة على الملف الأمني؟ وأين هي نتائج العمليات الاستباقية المزعومة التي نفّذتها الأجهزة الأمنية؟!

الظروف التي تمر بها الأمة عصيبة ومعقّدة، وخصوصاً في دول الربيع العربي، وسوريا، لكن في ذات الوقت فإنّ الأوضاع العامة في العراق سيئة، ولا توجد حتى شراكة حقيقية بين اللاعبين في المنطقة الخضراء، وهم مختلفون اليوم أكثر من أيّ وقت مضى، ناهيك عن موقف القوى المناهضة لهذه العملية التي ترفض كل مخلفات الاحتلال، ومنها العملية السياسية.

العراق عليه أن يحل مشاكله الداخلية قبل أن يكون "زعيماً" للحل العربي عبر ترأُس القمة القادمة ولعام قادم، وبالتالي السعي لتنفيذ الأجندات الإقليمية المسيطرة على سياسة حكومة المنطقة الخضراء على الدول العربية، بشكل أو بآخر!








تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى