مليون أرملة في العراق الجديد







مما لاشك فيه أن الحروب هي آكلة البشر والمال، بغض النظر عن كون هذه الحروب هي حروب ظالمة،
 أو شريفة، وكلما طال عمر الحرب، كلما زادت الخسائر الناجمة عنها، والواقع أن هذا الكلام لم يعد ينطبق على الحروب التي تقع في السنوات الأخيرة؛ لأنها حروب تستخدم فيها أسلحة فتاكة لها قابليات لم تكن متوفرة في الأسلحة القديمة، وبالتالي فان الخسائر البشرية والمادية قد تكون أضعاف نسبتها في الحروب التقليدية السابقة.
والعراقيون في العصر الحديث تعرضوا لأكثر من آكلة للبشر، فحرب الثمان سنوات مع إيران ذبحت مئات الآلاف، وخلفت أكثر من مليون أرملة ويتيم، واستمرت تداعياتها حتى اليوم حيث نسمع بوجود العشرات من أسرى تلك الحرب من العراقيين في المعتقلات الإيرانية، وهذه المعلومة أكدها النائب إحسان العوادي في يوم 23/8/2011، حيث أكد وجود حوالي (6000) أسير عراقي منذ الحرب العراقية - الإيرانية مازالوا محتجزين في السجون الإيرانية، منذ أكثر من (23) سنة، وحتى الآن !!!
وبعد انتهاء حرب الثمان سنوات، دخل العراق في حروب مستمرة منذ دخوله الكويت في آب/ 1990، وحتى اليوم، ومازلت آلة الحرب، وما يسمى " القضاء على الإرهاب، أو " الحرب على الإرهاب"، تحصد أرواح العشرات في كل يوم، والفلتان الأمني المستمر في البلاد صار من الأسباب الكبيرة لتزايد أعداد القتلى الذين هم في غالبهم من الرجال، وبالتالي ازدياد أعداد الأيتام والأرامل.
أسباب انتشار ظاهرة الأرامل في العراق اليوم عديدة، منها استخفاف قوات" التحرير" الأمريكية، ومن معها من القوات الأجنبية والحكومية والمليشيات، بأرواح الأبرياء من العراقيين، وكذلك التفجيرات اليومية المستمرة، والتغييب القسري، والإعدامات خارج نطاق القانون.
المعلومات التي ذُكرت في تقرير لصحيفة نيويورك تايمز، ونشرت يوم 25/11/2011، تؤكد أن عدد الأرامل في العراق ارتفع إلى نحو مليون أرملة؛ بسبب الحروب التي خاضها العراق، وقد شهد زيادة مطردة بعد الغزو عليه بقيادة أميركية عام 2003.
مما لا شك فيه أن هذه الأعداد التي ذكرتها  الصحيفة لا تمت إلى واقع الحال بصلة، وهي أعداد غير دقيقة؛ لأنه سبق لوزيرة شؤون المرأة ( نرمين عثمان) أن أكدت ارتفاع أعداد الأرامل  إلى مليوني امرأة، وهذا الكلام ذكرته الوزيرة العراقية بتاريخ 2/1/ 2008، فيما قدرت وزارة التخطيط العراقية للصحيفة بأن 9% من نساء العراق، أي نحو (900) ألف من الأرامل، في حين رفعت وزارة المرأة تلك التقديرات إلى نحو مليون.
فكيف يمكن تصديق هذه المهزلة، وزيرة شؤون المرأة تؤكد أن هنالك أكثر من مليوني أرملة في بداية عام 2008، وتأتي وزارة التخطيط اليوم لتقول إن أعداد الأرامل هو مليون أرملة فقط، ونحن لا ندري نصدق منْ؟!! وهذا يعكس حقيقة الخراب المنتشر في العراق اليوم.
وحتى لو قبلنا بالرقم الذي ذكرته الصحيفة الأمريكية، فهذا يعني أن قوات ( التحرير) الأمريكية قد خربت ودمرت استقرار وأمان ما يقرب من مليون عائلة كانت في يوم من الأيام تعيش راضية بأوضاعها العامة رغم صعوبتها أحياناً!!!
ولا يمكن ذكر مأساة الأرامل إلا ونذكر معها معاناة هؤلاء النسوة، وهمومهنّ مع الحياة، ومع  أولادهنّ اليتامى، حيث إن حسبة بسيطة يمكنها أن تقودنا إلى أرقام مخيفة،لا يمكن الاستهانة بها، فلو افترضنا أن متوسط عدد أولاد كل واحدة من الأرامل طفلين فقط، فإننا سنكون أمام اثنين مليون يتيم، تقدم لبعضهم مساعدات حكومية مالية تقدر بثمانين دولاراً أمريكياً شهرياً فقط، وهذا المبلغ لا يكفي كمصروف لأبسط  عائلة عراقية لأكثر من سبعة أيام، وهذا جزء من ضمن سلسلة الإهمال الحكومي لعموم الشعب، وفي كافة المجالات الحياتية والخدمية والأمنية.
هي دعوة لكل المنظمات الإنسانية المحلية، والعربية، والعالمية للاهتمام بهذه الشريحة المهملة؛ لأنهم يستحقون الإكرام لا الإهمال، وفي نفس الوقت لن ننسى مطالبة الحكومة الأمريكية بالتعويضات اللازمة لهذه العوائل التي قتل أربابها على يد قواتها الإجرامية.
أسمعت لو ناديت حياً، ولكن لا حياة لم تنادي!!!

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى