الخلايا النائمة ستفتك بالعراقيين من جديد




الأمن نعمة لا يعرف قدرها ألا من فقدها، وهي نعمة تشابه إلى حد كبير الصحة والعافية، لكن الأولى" الأمن والأمان" هي نعمة عامة قبل أن تكون خاصة، بينما الصحة هي نعمة خاصة، ولها مردودات عامة.

ونحن في العراق نتمنى أن يسود الأمن في بلادنا؛ لأن الاستقرار صحة عامة تعود بالخير والبركة على حاضر ومستقبل البلاد؛ ولأنه بدون الأمن لا يمكن أن تتطور البلدان، ولا يمكن أن تستمر الحياة في أي قطاع من قطاعاتها.

الأوضاع السائدة في العراق اليوم يظن البعض أنها هادئة ومستقرة، وأن الحكومة وأجهزتها الأمنية قد نجحت في ترتيب الأوضاع العامة في البلاد. ونحن نتمنى أن نرى العراق اليوم مستقراً آمناً، بغض النظر عن كوننا مع هذه الحكومة، أو ضدها؛ لأن الدم العراقي خط احمر لا يمكن الاقتراب منه، وجميع العراقيين من شيعة، وسنة، وعرب، وأكراد، ومسيحيين، وتركمان، ويزيديين هم أهلنا، نتمنى لهم السلامة والأمان، ولا يمكن أن نقف مع كل من يؤذيهم، مهما كانت هويته، أو دينه.

واليوم وبعد أن رحلت أغلب قوات الاحتلال الأمريكية من غالبية المدن، والقواعد، والأماكن الحساسة، فان الأجهزة الأمنية الحكومية العراقية أمام اختبار صادق وحساس في كيفية ضبط الأمن. وسبق أن أكد العديد من الخبراء، والمحللين، والعسكريين، والكتاب، والمتابعين للشأن العراقي بأن هذه القوات غير قادرة على هذه المهمة، وهذه الحقائق أُكدت من قبل قادة القوات البرية والجوية والبحرية الحالية في العراق، وذلك عبر تقارير قدمت لرئيس الوزراء نوري المالكي باعتباره القائد العام للقوات المسلحة، قبل شهرين تقريباً.

هنا سأتكلم عن واقعة جرت أحداثها في محافظة ديالى (45 كم شمال شرق بغداد)، الحادثة تتمثل، في انه وبعد إعلان مجلس محافظة ديالى المحافظة كإقليم مستقل يوم 12/11/2011، انتشر في اليوم التالي للإعلان، مسلحون يرتدون زياً مدنياً، وسيطروا على الطريق العام الذي يصل بغداد بشمال العراق، وسط عجز امني محلي واضح بالتعامل مع هذه المهزلة، وفي اليوم الثاني، استولى العشرات من المدنيين المدججين بأسلحة غير ظاهرة على مبنى المجلس المحلي في ديالى، وهم يرفعون رايات ترمز لمليشيات يعرفها القاصي والداني من العراقيين، والكارثة ليست في عجز الأجهزة الأمنية، وأجهزة ما يسمى مكافحة الشعب عن التعامل مع هذه المجاميع، لكن الطامة أن العشرات من رجال الأمن انضموا للمتظاهرين في إحداث هذه الفوضى العارمة، والمستمرة منذ ثمانية أيام ولحد الآن.

هذه الخلايا النائمة هي التي حصدت أرواح العراقيين في أيام الفتنة الطائفية السياسية، بعد عام 2005، التي راح ضحيتها الآلاف بين قتيل ومعوق ومهجر ومغيب.

والخلايا النائمة هي كوادر سرية تابعة لهذه الدولة الإقليمية، أو تلك، أو لهذه المنظمة، أو تلك، أو لهذا الحزب، أو ذاك، يدها على الزناد، ومستعدة للنزول إلى الشوارع متى ما أعطيت لها الأوامر، وهذا ما حدث في ديالى تماماً، قوات مدنية جاهزة، وشبه منظمة نزلت للشوارع خلال ساعات، لديها امتدادات داخل الأجهزة الأمنية، وفي اغلب الأحياء السكنية القريبة من المناطق الحساسة، وهي قادرة على إحداث الفوضى وزعزعة الأمن والأمان خلال ساعات!!، وهذه الحقيقة أكدها عبد الناصر المهداوي محافظ ديالى في أكثر من وسيلة إعلام.

أين دور القوات الأمنية الوطنية إذاً، ولمن ولاؤها؟! ينبغي أن يتنبه الأخيار من العراقيين أننا مقبلون على مرحلة، ربما ستكون فيها يد هذه الخلايا هي اليد الطولى في الشارع العراقي، وربما ستحاول إشعال فتنة طائفية باستهداف أماكن دينية، أو ثقافية لهذا الطرف، أو ذاك من أجل العودة إلى مربع الفتنة الطائفية، والذي أتمنى أن العراقيين قد غادروه إلى غير رجعة، لكن الحرص على الدم العراقي دفعني لهذه الكلمات.

اللهم سلم العراق والعراقيين. اللهم أمين.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى