صور مؤلمة في بغداد " المحررة"

تطالعنا الأخبار العالمية والعربية والمحلية هذه الأيام بكم هائل من الأخبار التي تحدثت عن نهاية التواجد الأمريكي على أرض العراق، وذلك وفقاً للاتفاق الأمني الذي وقع في نهاية عام 2008، بين حكومة نوري المالكي وإدارة البيت الأبيض.


وبغض النظر عن حقيقة الانسحاب، والذي يمثّل في الواقع حقبة جديدة من الاحتلال، إلاّ أنني سأتكلم عن بعض الصور المؤلمة التي رُسمت في المشهد العراقي على يد القوات الأمريكية «المُحررة»، وذلك بمناسبة رحيلها الرسمي المعلن، حتى يعرف العالم حقيقة الإجرام الأمريكي بحق العراقيين.

حجج سخيفة، تخبئ وراءها أهدافاً إستراتيجية، وعليه انطلقت حرب التخريب عام 2003، قاذفات للموت ترسل صواريخها العابرة للقارات لتهلك الأبرياء، وكأن التقنية الأمريكية جُربت بأبهى صورها في العراق، ونشرت القتل والخراب في كل البلاد من أقصاها إلى أقصاها، منْ يعوّض تلك الأم الثكلى بأولادها الأربعة أو الثلاثة أو ابنها الوحيد، منْ؟ الديمقراطية الكاذبة، أم الحرية المزيفة؟!

لعنة الله على الديمقراطية والحرية التي تنشر الموت بين الناس بلا سبب يذكر!

منْ يعوّض العراقيين عن الذل والهوان الذي تجرّعوه في بيوتهم وأحيائهم السكنية على يد قوات التحرير الإجرامية الأمريكية، والقوات الحكومية المليشيات، منْ؟

أكثر من مليون شهيد سحقتهم آلة الحرب الأمريكية المجنونة، تركوا وراءهم أكثر من مليوني يتيم، وأكثر من مليون أرملة، منْ يعوّض هؤلاء، منْ؟

ملايين المهجرين في أرجاء العالم سُلبت بيوتهم، من قبل عصابات حكومية، وتركوا وظائفهم، ومصادر رزقهم، وهم اليوم في أكثر من ثمانين دولة، أغلبهم لا يعيشون حياة حرة كريمة، منْ يعوّض هؤلاء، منْ؟!

شباب العراق اليوم بلا مستقبل واضح، وهم لا يعرفون إلى أين يتجهون في حياتهم، فمنْ سيتكفل بتأمين مستقبل هؤلاء الذين كانوا في يوم من الأيام من المتميزين بين الشباب العربي، بل أغلبهم في المقدمة، منْ؟!

العراقي كان، في يوم من الأيام، معززاً مكرماً في الحدود والمطارات، واليوم العراقي مطرود منبوذ، وساسة المنطقة الخضراء لا يهمهم إلاّ أنفسهم وحاشيتهم!

كيف يمكن أن ننسى جثث أولئك الشباب الستة الذي قطعتهم الدبابات الأمريكية بزناجرها الحديدية اللعينة، ثم جمعوا بأكياس من النايلون، وأُخذوا إلى جهة مجهولة، كيف؟!

كيف ننسى صورة تلك الأم العراقية التي تحتضن طفلها الصغير وهو مسجى على حمالة الطب العدلي، وتحتضنه وتقبله وتلاعب شعره، وتقول له رد عليّ ياولدي أنا أمك، هذا الطفل المسكين قتله القناص الأمريكي وهو يرقص على موسيقى الجاز، كيف يمكن أن ننسى تلك الصور، كيف؟ وغيرها، وغيرها الآلاف الصور التي حُفرت في ذاكرة العراقيين تمثل حقيقة الحقد الأمريكي!

الطفل العراقي يُنحر، والطفل الأمريكي توفر له كافة وسائل الراحة والترف، قوات إجرامية عبرت المحيطات لقتل أطفالنا، ثم بعد ذلك نجد الحكومة تكرم قتلة الاحتلال، ونحن لا نعتب على الرئيس أوباما بوضعه إكليلاً من الزهور على قتلى قواته في العراق فهو حر، لكن الويل لمن يدّعون أنهم خدم للعراقيين، وهم حريصون على الدم العراقي، وفي ذات الوقت يكرمون قتلة الاحتلال الذين استباحوا دم الأبرياء من أهلنا، حيث أنّه وبتاريخ 13 كانون الأول 2011، شارك رئيس حكومة المنطقة الخضراء نوري المالكي الرئيس أوباما ونائبه جو بايدن في مراسيم وضع إكليل من الزهور في مقبرة آرلينغتون الوطنية التي تضم رفات الجنود الأميركيين الذين قضوا في الحروب التي خاضتها الولايات المتحدة.

وعلى عكس هذه الصور العراقية المؤلمة، نجد أنّ أطفال الشعب الأمريكي الصديق يعيشون في ترف تام، توفر لهم كافة سبل الحياة الحرة الكريمة، والدم الأمريكي خط أحمر لا يمكن الاقتراب منه، في كل مكان سواء أكان داخل أمريكا، أم خارجها، فما الذي قدمته أمريكا لنا إذا؟!

أمريكا قدّمت لنا الذل بدل الكرامة، والموت والخراب بدل الحياة، والفقر بدل الغنى، والتهجير بدل التوطين، والأمراض الفتاكة بدلا عن الصحة، و و و.

كلها صور سوداوية، وفوق هذا وذاك فهم محررون لنا!

فعلاً شر البلية ما يضحك!



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى