انقلاب عسكري في بغداد منْ المخطط والمنفذ




الأزمة الحالية التي تعصف بالعراق المحتل ضمن أضحوكة "الديمقراطية"، والعملية السياسية، حيث أصدقاء الأمس في ما يسمى معارضة النظام السابق يتناحرون بينهم اليوم على رئاسة الحكومة القادمة، وبكل السبل المشروعة، وغير المشروعة، هذه الأزمة يمكن أن تقود إلى ما لا يتوقعه أحد منا.

في البدء، لابد من الإشارة إلى أن العملية "الديمقراطية" الحالية هي مسرحية كاتبها، ومنتجها، ومخرجها أمريكي، وشخوصها، وأبطالها غالبهم يحملون الهوية العراقية، ولا ينتمون للعراق، وأهدافهم أهداف حزبية، وفئوية، وشخصية، وطائفية ضيقة، وأن هذه المهزلة "الديمقراطية" غير مرحب بها من قبل شريحة واسعة من العراقيين والعرب على اعتبار أن أغلب ساسة المنطقة الخضراء جاؤوا على ظهور الدبابات الأمريكية، وأن العراق مازال محتلا، ومازالت إدارة البيت الأبيض، وقيادة قوات الاحتلال هي صاحبة القرار الفعلي والحقيقي. 
بعد الانتخابات التي جرت في آذار 2010، توقع البعض أن دعاة الديمقراطية سيقبلون بنتائج صناديق الاقتراع، وعلى عكس هذه التوقعات وقع حينها الانقلاب الأول، الذي قاده رئيس الحكومة المنتهية ولايته نوري المالكي حينما أعلن - وبعد النتائج مباشرة - عن حدوث حالات تزوير في النتائج الأولية للانتخابات، ثم بعد ذلك تم ربط النتائج بفقرة تتعلق بتفسير مفهوم الكتلة الأكبر، وهنا وقع على المحكمة الاتحادية الدور الأبرز في تفسير مفهوم"الكتلة النيابية الأكثر عدداً"، وتم توجيه كتاب رسمي من مكتب المالكي للمحكمة، وخلال ساعات جاء الرد "الجاهز"، حيث قالت المحكمة إن تعبير ((الكتلة النيابية الأكثر عدداً)) يعني: إما الكتلة التي تكونت بعد الانتخابات من خلال قائمة انتخابية واحدة، وحازت على العدد الأكثر من المقاعد، أو الكتلة التي تجمعت من قائمتين، أو أكثر، ثم تكتلت في كتلة واحدة ذات كيان واحد في مجلس النواب، وبالمحصلة قاد هذا التفسير "السياسي" القضائي إلى أزمة أخرى يتحمل تبعاتها أبناء شعبنا العراقي.
ومنذ ذلك اليوم ولغاية الآن، ونحن نسمع بمشاريع تهدف إلى إنهاء هذه الأزمة، منها قبول ترشيح المالكي كمرشح عن الائتلاف الوطني الذي شُكل بعد الانتخابات، وقبول العراقية التي يترأسها أياد علاوي بهذا الأمر، والآخر هو تقاسم السلطة بين العراقية والائتلاف الوطني، وآخر هذه الاحتمالات هو "انقلاب عسكري" يقود إلى إعادة ترتيب المشهد البغدادي المضطرب.
الانقلاب العسكري يقاد – عادة - من قبل قادة الجيش، وفي نظرة متفحصة دقيقة، يمكن ملاحظة أن الجيش الحالي في العراق هو جيش ضعيف، يمتاز بالاصطفافات الطائفية، والحزبية، والسياسية، ولم يبنى على أسس موضوعية مهنية، وأغلب قادته منحوا رتبا عسكرية على أساس انتماءاتهم الحزبية، والطائفية، والعرقية، وهذا أدى إلى حساسية في التعامل بين من يسمونهم "جيش صدام "، و"جيش بريمر"، حيث أن الفريق الأول منحوا رتبا عسكرية بعد دخولهم لكليات عسكرية متخصصة، بينما الفريق الثاني منحوا هذه الرتب بسبب الانتماء الحزبي.
نعود إلى التسريبات الإعلامية التي تحدثت عن احتمالات وقوع انقلاب عسكري في بغداد، وهذا الاحتمال يمكن أن يقع في حالة واحدة، وهي أن مسرحية الانقلاب تتم بالاتفاق بين المالكي وبين منْ مكنهم عبر الرتب العسكرية الرمزية في الجيش، حيث سيقود الانقلاب إلى حكومة عسكرية مؤقتة يكون ضمن مطالبها تسلم المالكي رئاسة الحكومة، وبالتالي تنتهي آخر فصول المهزلة "الديمقراطية"، وهذا الأمر طبعا بمباركة أمريكية، لأنهم لن يجدوا رجلا يحقق طموحاتهم في العراق أكثر من المالكي.
على العموم سواء وقع الانقلاب، أم لم يقع فإن بلادنا تعيش أكذوبة مخيفة مشابهة لتلك المأثورات الشعبية التي تتهكم بمن يكذب الكذبة ويريد أن يصدقها الناس، حيث قالوا ( كذب كذب حتى يصدقك الناس)، فالسياسية في العراق كذب، وديمقراطيتها كذب، والكل يعرف أن العراق بلد محتل، وأن الاحتلال هو منْ يدير كفة الحكم في البلاد، إلا أنهم يضعون رؤوسهم في الرمال، ومنهم ساسة المنطقة الخضراء الذين يرددون كلاماً لا وجود له على الأرض،(ديمقراطية، عراق جديد، حرية الإنسان، حقوق الإنسان، حقوق الأقليات)،وو، وغيرها من الشعارات الجوفاء التي لم تعد تنطلي على شعبنا العراقي.
والمصيبة أن هؤلاء الساسة صدقوا هذه الأكاذيب، وبالمقابل يريدوننا أن نصدقها معهم، ونسوا الواقع المرير حيث الفساد الإداري والمالي، وانعدام الأمن والخدمات، وهذه هي الطامة الكبرى التي ستقود العراق - لا قدر الله - إلى ما لا يحمد عقباه.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى