والله لا نعرف أين المفر من حكومة المنطقة الخضراء




المبدأ الذي يقول إن الغاية تبرر الوسيلة مبدأ مخيف ومدمر، ويعكس قمة الخراب الإنساني؛ لان الإنسان حينها يعمل وفقاً لمبدأ، وقانون الغاب، الذي يكون فيه البقاء للأقوى، وليس للأصلح، ولا للمبدأ الصحيح والمنطق السليم.

والحكومات في كل بقاع الأرض هدفها تحقيق اكبر قدر ممكن من المكاسب لبلدانها، وشعوبها؛ لأنها هي المسؤولة، والقائمة على أمور البلاد، وهذه الأهداف تكون على المستوى الداخلي وذلك بتوفير الأمن والأمان والخدمات والإعمار، وكذلك على المستوى الخارجي عبر تطوير العلاقات مع بلدان العالم المختلفة، وخصوصا دول الجوار والإقليم، وكذلك التواجد الفعال في المنابر الدولية سواء في الأمم المتحدة، أو منظمة المؤتمر الإسلامي، أو حتى على مستوى الجامعة العربية.
وهذا الكلام لا يتخلف عليه اثنان في كل بقاع الأرض إلا في العراق، حيث إن الحكومات المنصبة من قبل الاحتلال بقيت وفية لأسيادها الذين جاؤوا بها إلى سدة الحكم في مختلف المواقف.
ومما يمكن ملاحظته في هذا الجانب هو أداء وزارة الخارجية في حكومة المالكي المنتهية ولايتها، حيث نلاحظ تكرار السياسات المتناقضة، والتي تعكس هشاشة الأداء، وغياب الآلية الصحيحة للعمل، وهذا ما أثبته الموقف الأخير للوزارة حين أعلنت – بزهو المنتصر دبلوماسياً- يوم 20/9/2010، أن اللجنة العامة قررت بالإجماع رفض طلب ليبيا إدراج بند على جدول أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الحالية للتحقيق في غزو العراق.
وهذا الكلام يتناقض تماماً مع أهداف الوزارة المعلنة على موقعها الرسمي، حيث قالت إن وزارة الخارجية تواجه مسؤوليات جديدة، وكممثلين للعراق "الجديد" نعمل بنشاط لإزالة حالة العزلة، ونواصل تحقيق الأهداف الحيوية، والتي منها حماية امن العراق وتحقيق استقراره والحفاظ على وحدة أراضيه، وإعادة العلاقات الثنائية الدبلوماسية مع دول العالم، وإعادة بناء الاقتصاد والبنية التحتية لرفع المستوى المعاشي للشعب العراقي، وإعادة نشاط وفعالية البعثات الدبلوماسية العراقية، وتعزيز المصالح العراقية في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وأن أولويتنا هي تحقيق استقرار بلدنا وحماية حدوده، كوننا نواجه "الإرهاب الدولي" الذي ينوي زعزعة عملية تحقيق الديمقراطية، وإفشال تطورنا نحو تحقيق السلام والازدهار. 
وفي ظل هذه الشعارات التي لا وجود لها على أرض الواقع، نجد أن الوزارة - بل والحكومة - تفاخر بأنها نجحت في رفض الطلب الليبي للتحقيق في غزو العراق، بل، ونلاحظ الأدهى من ذلك والأمر، فبدلا من مساندة الموقف الليبي المتميز، نجد رجال أمريكا يقولون في بيان الخارجية" إنها عملت على إفشال المساعي الليبية لفتح تحقيق دولي بشان غزو العراق، لما يترتب عليه من إجراءات ترمي في محصلتها النهائية إلى إفشال العملية السياسية في العراق، وان العراق يعتبر الطلب الليبي إنتهاكاً فاضحا لقرارات مجلس الأمن، ويؤكد أنه يخالف قرارات منظمة المؤتمر الإسلامي والجامعة العربية الداعمة للعملية السياسية في العراق، إضافة إلى أن هذا الإجراء يشجع لعودة العنف إلى البلاد".
فأي إرهاب اكبر من الخراب الذي لحق ببلادنا على يد رجال "الكاوبوي" الأمريكيين، يا وزارة الخارجية؟!! وأين ما تدعونه من عملكم على تحقيق" المصالح العراقية في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية "، وهل التحقيق في غزو بلادنا وتدميرها، لا يصب في مصلحة بلادنا، وليس من مهام وزارة الخارجية، والتي لا نعرف حتى الساعة ما هي مهامها التي تفاخر بها منذ عام 2003؟!!
وعلى النقيض من هذه المواقف الهشة نلاحظ أن وزارة الخارجية في دول العالم تقاتل "دبلوماسيا" من أجل الحصول على مكتسبات وحقوق لبلدانها في المحافل الدولية.
وفي تقديري أن السياسة الخارجية العراقية ستبقى سقيمة، وضعيفة طالما في البلاد رجال لا ينتمون للعراق بأرواحهم وأفكارهم، وهذا ما يعكسه الأداء السلبي للحكومات المتعاقبة على حكم العراق منذ عام 2003 وحتى الساعة.
ومن الإنصاف القول إن هذه الحكومات، تمتلك الحق في مواقفها هذه، حيث إنهم - ولولا أمريكا - لما عرفوا السبيل إلى الحكم، ولولا أمريكا لما تلاعبوا بأرواح وأرزاق العراقيين، فكيف يمكن قبول عملهم ضد أسيادهم من الأمريكان، فهذا كلام بعيد كل البعد عن المنطق، و"الوفاء السياسي الأعمى" الذي يتمتع به ساسة المنطقة الخضراء لأسيادهم؟!!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى