مصير العراقيين في سوريا


العراقيون المتواجدون في الأقطار العربية المجاورة، ومنها الجمهورية العربية السورية غالبيتهم من الذين ضاقت بهم أرض العراق، ولم يعد لهم أي مكان آمن لا في بيوتهم، ولا حتى في أية رقعة من بلادهم، وعليه اضطروا للهجرة إلى العديد من الدول المجاورة، ومنها سوريا والأردن ولبنان وتركيا وغيرها من البقاع التي سمحت بتواجدهم على أراضيها.

هجرة العراقيين بدأت مع انتشار الجريمة المنظمة في البلاد في الأعوام 2005، و2006، و2007، حيث ازدادت معدلات القتل إلى أكثر من (300) شخص يومياً في فترة من الفترات، وازدادت معدلات جرائم الاختطاف والسلب والنهب وغيرها من الأفعال الاجرامية التي جعلت من العراق غابة لا يمكن العيش فيها.

ومنذ أن اشتعل لهيب الثورة السورية، ونحن نتابع مجريات الأحداث هناك، حيث إن العراقيين في الشام تقدر أعدادهم ما بين مليون ونصف المليون إلى مليونين، غالبيتهم يعانون اليوم من مخاوف حقيقة على حياتهم، حيث يتم استهدافهم من أطراف مجهولة حتى الساعة، بالإضافة إلى معاناتهم- كعموم الشعب السوري الشقيق- من نقص الغذاء والدواء.

ما يجري في سوريا اليوم لا يمكن تفهمه بسهولة؛ حيث يقتل الأطفال والمدنيين العزل على مدار الساعة، والقوات النظامية المدرعة تهاجم وتدمر وتخرب البلاد، وشبيحة رضعوا الإجرام، فماتت في نفوسهم وضمائرهم الرحمة، وصار قتل الناس عندهم كما يشربون فنجاناً من القهوة، أية قسوة، وعلى وفق أي قانون يتم نحر السوريين الأبرياء؟! 

العراقيون في سوريا هاربون من الجحيم الذي اشتعل في أرض الرافدين منذ أن وطأت قوات الاحتلال الأمريكية ثراه الطاهر وحتى اليوم، وبعد جلاء أكثرية تلك القوات استمر الظلم والاستبداد من حكام المنطقة الخضراء ضد كل من يخالفهم، فكان ترك البلاد أمر وأصعب الخيارات المتاحة أمامهم.

وفي ظل هذه الفوضى العارمة المستمرة في سوريا، اضطرت بعض العائلات العراقية للرجوع إلى بلادها، وهي تحمل أرواحها - كما يقال- على كف عفريت؛ لأنهم لا يعرفون المصير الذي ينتظرهم في وطنهم الذي هُجروا منه!

وقبل أيام وصل إلى بغداد أكثر من خمسة آلاف عراقي نجحوا في رحلة العبور المليئة بالمخاطر وعمليات النهب السلب من الشام إلى بغداد، وتحدث بعضهم لوسائل الإعلام عن الرعب الذي أصابهم، جراء القتال العنيف والمستمر بين جيش النظام السوري والجيش الحر، وأيضاً تحدثوا عن عمليات سلب وقعت على الطريق الدولي، طالت الأموال والممتلكات، ومصادرة جوازات سفرهم؛ ما خلق حالة من الفوضى على المعابر الحدودية بين العراق وسوريا؛ لأنهم وصلوا إلى الحدود بلا وثائق رسمية تثبت هوياتهم.

العراقيون على أرض سوريا أغلبهم من اللاجئين المسالمين، وهنالك مجموعة من المجرمين التابعين لمليشيات أحزاب وأطراف مشاركة في حكومة المنطقة الخضراء متواجدة الآن على أرض الشام، لمهام مختلفة منها تصفية بعض الشخصيات العراقية الوطنية المتواجدة هناك.

هذا الرعب المركب سببه أن العراقيين لا يمكنهم الرجوع إلى وطنهم بسهولة؛ لأن غالبيتهم من المطلوبين للحكومة، وحينما أقول من المطلوبين لا أعني أن هؤلاء – حاشاهم- أنهم من المجرمين، وإنما سبب الملاحقة يعود إما إلى موقفهم المشرف ضد الاحتلال، أو عمليته السياسية، سواء أكان هذا الموقف باليد، أو باللسان، أو ربما بسبب وظيفة حكومية حساسة في مرحلة ما قبل الاحتلال، أو غيرها من الأسباب التي لا ترتقي إلى درجة أن يكون صاحبها من المطاردين والمهجرين.

العراقيون في سوريا راغبون في العودة إلى بلادهم إذا ما توفرت الأجواء الإنسانية الداعمة لهذه الرغبة، وإلا فان رجعوهم إلى بغداد من غير ضمانات جدية في الحفاظ على أرواحهم وحرياتهم هو كمن يستجيرُ من الرمضاءِ بالنارِ.

المطلوب اليوم من الأمم المتحدة، والجامعة العربية، ومنظمة التعاون الاسلامي، والمنظمات الإنسانية المحلية والعربية والدولية إيجاد الحلول السريعة والجدية لتخليص العراقيين المتواجدين في سوريا من محنتهم التي لا يعرفون كيف ومتى ستنتهي!!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى