الواقع الاجتماعي للاجئين العراقيين


حينما اضطررنا في زمن الديمقراطية للنزوح من الوطن الأم، العراق، وجدت نفسي بعد ساعات خارج الحدود بعيداً عن الوطن والأهل والأحباب، ولا أعرف هل كانت تلك اللحظات حلماً، أم حقيقة؟!

وبعد أكثر من أربعة أشهر التقيت بأحد الأصدقاء فقال هل أنت لاجئ؟ فقلت له ماذا تقصد، قال يعني هل سجلت لدى المنظمة الدولية (الأمم المتحدة) قسم الهجرة للحصول على لجوء إلى بلد ثالث؟! فقلت له لماذا؟ وهل يعقل أن نبحث عن بلد ثالث ونحن أبناء بلد عريق وعظيم مثل العراق؟!

وبمرور الزمن سمعت قصصاً يشيب لها الولدان جعلت أعداداً كبيرة من العراقيين الهاربين من الجحيم يحلمون باللجوء بحثاً عن بلد يحمي أعراضهم وأرواحهم.

ودارت الأيام، وبدأت مئات العوائل العراقية تهاجر من البلاد إلى الأردن وسوريا وتركيا وغيرها من البلدان المجاورة، إما للاستقرار أو للبحث عن بلد ثالث، وسبق أن كتبت قبل سنوات أكثر من مقال بخصوص التوطين، ومنها مقال بعنوان: التوطين مؤامرة لتدمير وتفريغ العراق” وآخر تحت عنوان “التوطين مؤامرة جديدة ضد العراق أم هروب نحو الجحيم”، وغيرها من المقالات التي تصب في هذا الرافد المخيف الذي لا تُعرف نهايته.

واللاجئ حسب اتفاقية الأمم المتحدة التي وقع عليها أكثر من 130 بلداً, والتي تسمى اتفاقية جنيف, هو الشخص الذي لديه مبررات، ومنها أن يكون خائفاَ بسبب الاضطهاد العرقي، أو الديني، أو المذهبي، أو الفكر السياسي، أو غيرها من الأسباب التي تجعل البقاء في الوطن يشكل خطراً على الشخص، أو عائلته.

وأعداد العراقيين في خارج البلاد مختلفة فيها بين الأرقام الرسمية العراقية، والأعداد المذكورة من الدول المضيفة، وضمن هذا الملف أعلنت وزارة الهجرة والمهجرين العراقية، يوم 21/3/2012، أنها لحد الآن، ليست لديها إحصائية دقيقة بشأن أعداد اللاجئين العراقيين في داخل وخارج البلاد، لكن تقديراتها تشير إلى وجود نحو (110) آلاف عائلة في داخل العراق و(110) آلاف عائلة في سوريا و(33) ألفا في الأردن وستة آلاف في مصر و(40) ألف عائلة في إيران.

وفي يوم 22/3/2012، أكد السفير العراقي في الأردن (جواد هادي عباس)، أن وزارة الداخلية الأردنية زودته بإحصائية رسمية تؤكد وجود (507) آلاف عراقي يقيمون على الأراضي الأردنية، وهذه الأرقام تتناقض تماماً مع الأرقام الرسمية الحكومية العراقية التي تقدرها بـ(33) ألف عائلة فقط، ومن الإنصاف القول إن إحصائيات وزارة الداخلية الأردنية أدق؛ لأنها مبنية على أرقام مثبتة، بينما الأعداد التي تؤكدها بغداد لا تستند إلى إحصائية معينة من جهة معتبرة، يضاف لذلك اقرار وزارة المهجرين بأنها لا تمتلك إحصائية دقيقة بخصوص أعداد العراقيين في الخارج.

المهجرون العراقيون يعانون عدة مشاكل مالية وصحية واجتماعية، والواقع أن المشاكل الاجتماعية التي تعاني منها هذه الشريحة كبيرة ومعقدة.

ومنذ عام 2004 وحتى الآن نسمع بقصص اقرب إلى الخيال، ومنها ما سمعته قبل أيام من أن عائلة عراقية حصلت على لجوء لدولة أوربية، وبعد عام وجد رب هذه العائلة، أن طبيعة الحياة هناك لا تتفق مع الكثير من المبادئ والعادات والتقاليد التي نشأ عليها، فقرر العودة إلى احدى البلدان العربية؛ وذلك حفاظاً على بناته الاربع، والمفاجئة الكبرى أن بناته، رفضن العودة معه، وحينما حاول إجبارهن، قدمن شكوى قضائية ضده، وحينها أصدرت السلطات المحلية أمراً أُلزم بموجبه بعدم السماح له، بالاتصال ببناته، أو التعرض لهن!!

واضطر الرجل بعدها للعودة تاركاً بناته في مهب الريح، وهو اليوم في وضع لا يسر القريب ولا البعيد.

فكم من مثل هذه القصص المؤلمة سمعنا بها، وهي كلها من إفرازات الحروب المدمرة والاحتلال البغيض، والتنفير من الوطن من قبل هذا الطرف، أو ذاك.
والخاسر الأول والأخير هو المواطن العراقي المغلوب على أمره.





تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى