رغم الألم.. كل عام والعراق بخير

قبل عشر سنوات تقريباً، وتحديداً في يوم 9 نيسان 2003، أعلنت القوات الأمريكية الغازية إنهاء عملياتها العسكرية، وإتمام بسط سيطرتها على معظم المناطق في بلاد الرافدين، ونقلت وكالات الأنباء، في ذات اليوم، مشاهد لحشد صغير وهم يحاولون الإطاحة بتمثال للرئيس العراقي (صدام حسين) في وسط ساحة الفردوس أمام فندق الشيراتون ببغداد، وحينها وضعت قوات الاحتلال الأمريكية العلم الأمريكي على وجه التمثال، ليستبدلوه فيما بعد بعلم عراقي، وذلك بعد أن أدركوا أنّ للأمر رموزاً ومعاني قد تثير المشاكل.

ومنذ الأيام الأولى للاحتلال الأمريكي لبلدنا الحبيب هبَّ العراقيون من كل حدب وصوب، وعاهدوا الله على المضي قدماً حتى تحقيق النصر الحاسم على الأعداء، ودخلت المقاومة الباسلة في مواجهات مفتوحة مع قوات الاحتلال في العديد من المدن، ومنها بغداد والفلوجة وبعقوبة وتكريت والبصرة والناصرية وغيرها من المدن العراقية التي لا ترضى بأن يدنّسها أجنبي محتل.

وقد لمس الاحتلال حجم شراسة وبطولة رجال المقاومة الأشاوس، حتى وصل به الأمر إلى الاستنجاد بالعديد من الدول الإقليمية والعربية؛ من أجل إيجاد منافذ للحوار مع المقاومة، وهذه المحاولات الأمريكية أعطت المقاومة دعماً معنوياً أكبر في الميدان، واستمرت المقاومة بتوجيه ضرباتها الموجعة للقوات المحتلة، حتى أجبرتها على توقيع اتفاقية الذل والخنوع، ومن ثم الانسحاب الجزئي نهاية عام 2011.

الأيام والتجربة المريرة أثبتت أنّ أمريكا، خططت لاحتلال العراق منذ سنوات، وحتى لا يقال أنني أتكلّم رجماً بالغيب فسأذكر هنا بعض الوثائق التي تؤكد حقيقة ما ذهبت إليه، ففي يوم 2/5/2012 كشفت وثائق أمريكية رسمية، رفعت عنها السرية مؤخرا، ونشرها مركز محفوظات الأمن القومي/ معهد الأبحاث المستقل في واشنطن أنّ "وزير الدفاع الأمريكي الأسبق (دونالد رامسفيلد) تحدّث عن مهاجمة العراق، وذلك بعد ساعات من وقوع هجمات 11 أيلول عام 2001، وفق محضر لقاء عقد في ذلك اليوم"، وأنّ مستشاري الرئيس الأمريكي السابق (جورج بوش) ركّزوا على "الإطاحة بالنظام العراقي السابق فور تولّي بوش مهامه، وبحثوا في كيفية تبرير الحرب على العراق بعد مدة قصيرة من اجتياح أفغانستان في عام 2001".

وكتب رامسفيلد في تموز 2001، إلى مستشارة الأمن القومي الأمريكي آنذاك (كوندوليزا رايس) أنّه "إذا أطيح بالنظام العراقي، فستكون الولايات المتحدة الأمريكية في وضع أقوى في المنطقة وأماكن أخرى، وأنّ تحقيق نجاح في العراق سيعزز مصداقيتها وتأثيرها في المنطقة".

وفي 11 كانون الأول 2009، أكّد رئيس الوزراء البريطاني السابق (توني بلير) في مقابلة مع محطة التلفزيون البريطانية (BBC 1) أنّه "كان سيقحم بلاده في الحرب ضد العراق عام 2003، حتى وإن كان يعلم أنّ نظام صدام حسين لا يمتلك أسلحة دمار شامل"، وأنّ "فكرة كونه يمثّل خطراً على المنطقة، هي التي جعلته يميل لتأييد غزو العراق"، وأنّه "حتى بدون حجج أسلحة الدمار الشامل فقد كان من الضروري استخدام ونشر حجج مختلفة"!

إذاً نحن أمام حجج واهية، لا ترقى إلى درجة أن تكون سبباً في قتل شخص واحد، فضلاً عن تدمير بلاد بأكملها، وقتل أكثر من مليوني مدني، وتهجير الملايين، وإدخال البلاد في دهاليز من المشاكل التي لم تنته، ومنها: الجيوش الجرارة من الأرامل والأيتام والمعوقين والعاطلين عن العمل، وغيرها من صور الخراب التي لحقت الإنسان والنبات والحيوان والجماد!

وبعد أن أُرغمت على جرّ ذيولها مهزومة مندحرة من العراق، سلّمت أمريكا البلاد لعصابة تسمى "حكومة"، وهي في الحقيقة تمثّل حفنة من القتلة والحاقدين على العراقيين الوطنيين!

واليوم تنشر "حكومة المنطقة الخضراء" الدكتاتورية الرعب والخوف والقتل والاعتقال والابتزاز والفساد في عموم البلاد، وتدّعي في ذات الوقت أنّها حكومة "ديمقراطية"!

والعراقيون، على الرغم من كل هذا الأذى والظلم، صابرون ينتظرون ساعة الخلاص من هذه العصابات الإجرامية.

وفي هذا اليوم، وبمناسبة الذكرى العاشرة للاحتلال الأمريكي، نجدد العهد لك يا عراق بأننا أبناءك الأوفياء سنبقى نكافح من أجلك، ولن تقرّ لنا عين إلاّ ونحن نتمتّع بشمسك الطيبة وأرضك الحنونة.

صبراً يا بلادي الحبيبة، فنحن تعلّمنا منك الصبر، ورغم الألم والواقع المرير نقول لك يا عراق: كل عام وأنت، وأهلنا بألف ألف خير، والنصر الكامل قريب بإذن الله.



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى