دعوة للمقاومة القانونية في العراق




الحياة بلا قانون وبلا قضاء غابة مخيفة يأكل ويظلم فيها القوي الضعيف، وأضعف أيام الشعوب هي في ظل الاحتلال، حيث الظلم، والقتل، والسلب، والنهب.

والاحتلال وفقاً للأعراف والقوانين الدولية هو المسؤول عن حماية المدنيين سواء من بطش جنوده، أم من استهتار العصابات، والمليشيات الإجرامية التي تنشأ تحت عباءته وفي رعايته، وهذا ما لا خلاف عليه.
وفي العراق جرت أنهار من الدم الطاهر على يد جنود الاحتلال، أو على يد المليشيات الحكومية وغيرها، وبعلم مباركة قادة الاحتلال، وعليه فقادة الاحتلال وجنودهم مشاركون بالتدمير والتخريب، بل ويتفرجون عليه، وهذا الكلام لا شك فيه.
والشعوب التي تقع تحت نير الاحتلال تنتفض غيرة على بلدها، وعرضها، وحضارتها، وتاريخها من أجل إيقاف استهتار الاحتلال وأعوانه، وهذا حق مشروع ضمنته الأديان السماوية، والقوانين الوضعية الدولية، وهذا ما فعله شعبنا العراقي الرافض للاحتلال، وأعوانه، في مقاومة سطرت أروع صور التضحية والفداء.
العراقيون وقعوا، ومنذ أكثر من سبع سنوات ضحية القتل، والتخريب، والتهجير المنظم، الذي مارسته قوات الاحتلال وأعوانها، وكلنا نعرف أن الأيام الماضية شهدت زلزالاً عنيفاً تمثل بالوثائق التي نشرها موقع ويكليكس، والتي كشفت حجم الإجرام الحكومي، والأمريكي في العراق.
الولايات المتحدة انتهكت القانون الدولي في حربها ضد العراق، وفي غمار كل هذا استغلت قوتها العسكرية، والمعنوية في العالم، وأنفقت تريليون دولار، من اجل تحقيق أوهامها بتحرير العراق، والقضاء على ترسانته النووية، ولتعترف بعدها أن العراق خال من هذه الأسلحة، وبالنتيجة هي أجرمت بحق هذا الشعب بكل ما تحمل هذه الكلمة من معان.
ومنذ الأيام الأولى للاحتلال أكد أهلنا في العراق أن ما يجري في بلاد الرافدين، أو كما يحب بعضهم أن يسميها بلاد القهرين، يفوق ما يتصوره العقل البشري، وأن أمريكا قد صدقت في مسعاها لإعادة العراق إلى القرون الوسطى، وهذا يؤكد مدى الحقد الذي يحمله هؤلاء لشعبنا، ومنذ تلك الفترة حاول الأخيار من العراقيين وغيرهم، أن يوصلوا أصواتهم إلى العالم عبر المنابر والمحاكم الدولية لكنهم فشلوا في مساعيهم الخيرة تلك، واليوم بدأنا نسمع بمحاكمات هنا وهناك لبعض جنود الاحتلال بعد أن اكتشفت جرائمهم على الملا ومنها مواصلة المحكمة البريطانية العليا، قبل أيام الاستماع إلى إفادات عشرات العراقيين" نحو 125 عراقياً" الذين تعرضوا للتعذيب على أيدي جنود بريطانيين، حيث طلبوا من رئيس المحكمة فتح تحقيق قضائي مستقل في تلك الوقائع، وأفادوا أنهم تعرضوا لـ"أعمال تعذيب ومعاملة غير إنسانية"، من جانب جنود بريطانيين، بما في ذلك حرمانهم من النوم، وإجبارهم على الوقوف، أو الجلوس في وضع القرفصاء على ركبهم لساعات طويلة، فضلاً عن أن بعضهم تعرض لـ"اعتداءات جنسية"، حيث ذكر محامي احد المدعين، ويدعى فيليب شاينر، أن أعمال التعذيب، وسوء معاملة هؤلاء العراقيين لم" تكن ممارسات فردية، وإنما كانت جزءاً من سياسة تعذيب منظمة، تعمد القوات إلى استخدامها أثناء استجواب المشتبه بهم".
وفي هذا الإطار أقام المركز العربي للتواصل ورشة عمل في العاصمة اللبنانية بيروت يوم 6/11/2010، حيث تضمنت الورشة، التأكيد على أن الوثائق التي نشرها موقع ويكيليكس رغم أهميتها القانونية فإنها لم تأت بجديد، وأن أرشيف الكثير من القوى الوطنية العراقية يتضمن وثائق أكثر، وأدق، تدون جرائم الاحتلال وأعوانه، وتمثل أدلة وحجج دامغة لوقائع حصلت في عموم البلاد. 
وتم خلال الورشة الدعوة لتقديم الشكاوى، وتحريك الملاحقة أمام المحاكم الوطنية في الدول الأوروبية التي تأخذ بمبدأ الولاية العالمية في قوانينها الداخلية، ومنها فرنسا وبريطانيا وألمانيا وبلجيكا واسبانيا وغيرها. 
المشاركون في الورشة أكدوا على ضرورة التوثيق القانوني لهذه الجرائم، وعلى التنسيق – للقيام بذلك - بين المنظمة العربية للتوثيق، والمركز العربي للتوثيق والملاحقة التابع لاتحاد المحامين العرب، وكذلك إدارة التقاضي، وتم تحديد عدد من المحامين الأوروبيين الحاضرين للمساهمة في القيام في هذه المهمة، وتعهد (رمزي كلارك - رئيس اللجنة التحضيرية، لمؤتمر جرائم الحرب في العراق المزمع عقده في مطلع العام القادم) بتحديد، وتكليف محامين أمريكان للقيام بذلك، وتم التركيز على المحكمة الشعبية، والتوكيلات، والتمويل، وأخيرا الاهتمام بالإعلام، وضرورة تعبئة رأي عام ضد مرتكبي الجرائم الدولية في العراق. 
المطلوب في هذه المرحلة الحساسة الحرجة من التاريخ العراقي الحديث الوقوف مع العراقيين وقفة رجل واحد، ومناصرتهم قانونيا، وهذه مهمة عموم الأخيار في العالم، وبالأخص رجال القانون، والمحامين، والقضاة، والصحفيين، ومنظمات المجتمع المدني، حيث إن القوى العراقية المناهضة للاحتلال تمتلك أكثر من وثائق ويكليكس، وبشهادات مباشرة من الذين ارتكبت بحقهم جرائم الاحتلال، والمليشيات، والحكومات القابعة في المنطقة الخضراء، إلا أن المشكلة تتمثل في أن هذه الوثائق تحتاج إلى فرق عمل لتحويلها إلى وثائق قانونية، وهذا الأمر لا يمكن لهذه القوى، القيام به بمفردها؛ لأنه يحتاج إلى إمكانيات بشرية، ومادية، وإعلامية عملاقة، ومن هنا .. فإن الدعوة إلى المساهمة في هذا المجال هو من قبيل دعم مبدأ ( المقاومة القانونية) الذي تتبناه بعض القوى المناهضة للاحتلال، كما أنه جزء من الدعم لشعبنا في زمن قل فيه النصير، فهل من مجيب؟!!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى