المافيات العراقية في زمن الديمقراطية




من أهم واجبات الحكومات هي الحفاظ على أرواح الناس والمال العام، واعتقد أن الحكومة الموجودة في بغداد الآن لا تعرف ما هي واجباتها، إلا اختلاق المشاكل مع دول الجوار العراقي، وتشبثها بكرسي الحكم.


والحكومة اليوم عاجزة عن توفير أبسط الخدمات، وتوفير الأمان للمواطنين، وسنحاول هنا ذكر مجموعة من أهم السرقات التي وقعت في العراق منذ عام 2003، والتي نشرتها وكالات الأنباء العراقية والعربية والعالمية، وأكدتها حكومة المنطقة الخضراء، حتى نبرهن على حقيقة هشاشة الوضع الأمني، وعدم مهنية الأجهزة الأمنية الحكومية، ففي يوم 26/10/2010، وقع أكثر من (10) قتلى من رجال الشرطة والصاغة والمواطنين، وإصيب (10) بجروح، في هجوم لمجموعة مسلحة على محال الصاغة في سوق العصري وسط مدينة كركوك. 

المسلحون الذين هاجموا سوق العصري لصياغة الذهب في شارع أطلس وسط كركوك أطلقوا النار بشكل عشوائي، ورموا القنابل اليدوية والصوتية ثم اشتبكوا مع قوات الأمن، ما أسفر عن مقتل وإصابة عدد من الأشخاص بينهم عدد من أفراد الشرطة، وأصحاب محال الصياغة والمواطنين وسرقة عدد من المحال، وبالمحصلة لاذ المهاجمون بالفرار من موقعة الحادث، الذي سيسجل ضد مجهول، أو سيتم فتح تحقيق فيه، والنتيجة انه سيكون في مقبرة التحقيقات الحكومية السابقة المتعلقة بالفلتان الأمني الموجود في البلاد. 

وبتاريخ 28/7/2009، وقعت فضيحة كبيرة تسقط بسببها حكومات، وتكون سببا لأزمات خانقة، إلا أن الأمر في العراق الجديد عولج "حزبيا" عبر القنوات الحزبية، وكأن الأحزاب الحاكمة اليوم قد تقاسمت العراق بكل ثرواته.

هذه الجريمة وقعت في وسط العاصمة بغداد، وقتل خلالها ثمانية من عناصر الشرطة الحكومية حيث سطت عصابة حكومية حزبية على مصرف الزوية في وسط العاصمة، واقتحم المسلحون فرع البنك المملوك للدولة، وفتحوا النار على موظفي الأمن، ثم فجروا خزنة البنك بأصابع ديناميت، وفروا بعد أن سرقوا ما يزيد عن (7) مليون دولار، وقتلوا ثمانية حراس في عملية مخطط لها بشكل جيد.
الحكومة الحريصة على المال العام اعتبرته حادثا مماثلا للعديد من الحوادث التي تقع هنا وهناك في ظل الفلتان الأمني الواضح.

المخيف في القضية أن الجناة هم من القيادات المتنفذة في الدولة، حيث أعلنت وزارة الداخلية العراقية أن المنفذ الرئيسي لسرقة "مصرف الرافدين" ببغداد هو النقيب جعفر لازم شكاية التميمي من الفوج الرئاسي، التابع لنائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي، وأن التميمي نفذ العملية بمساعدة الملازم أمين كريم زيارة الفاضلي من الجيش العراقي، وجندي اسمه عبد الأمير.

وبعدها تمت تسوية الحادث بطريقة يعرفها كل العراقيين، حيث تم تشكيل لجنة لدفن الحقائق" آسف لكشف الحقائق"، ولم تعلن هذه اللجنة أية نتائج توصلت إليها بخصوص الحادث، حتى الآن.

وبعد يومين من الحادث فقط، وبالتحديد يوم 30/7/2009 ذكر مصدر في الشرطة العراقية أن مسلحين مجهولين هاجموا سيارة حكومية تابعة لموظفي هيئة رعاية المعوقين في محافظة نينوى كانت تنقل راتب الموظفين بعد استلامه من احد مصارف منطقة الزنجيلي شرقي الموصل، واستولوا على (160) مليون دينار شرقي الموصل، ثم لاذوا بالفرار. 

وفي حزيران 2005، تم السطو على مبلغ (13,5) مليون دولار من فرع مصرف الرشيد في الرمادي في حزيران/ يوينو 2005.

وفي منتصف كانون الثاني/ يناير من العام 2005 قامت مجموعة مسلحة تتكون من عشرة أشخاص بالسطو على مصرف في مدينة الرمادي في وضح النهار وسرقت ما يعادل (15) مليون دولار أمريكي.

وكانت عملية مماثلة وقعت في 18 حزيران/ يونيو 2006 عندما سرق مسلحون يرتدون زي قوات الأمن مبلغ (850) ألف دولار في وضح النهار، بعد اقتحامهم مصرف الرافدين في العامرية (غرب بغداد).

وفي آب 2006 قامت جماعة مسلحة تتكون من (16) شخصا يرتدون ملابس مدنية، وتقلهم أربع سيارات مدنية بالسطو على احد فروع مصرف الرافدين بمنطقة راغبة خاتون في بغداد، وسرقوا سبعة ملايين دينار عراقي بعد قتل ثلاثة من أفراد الحماية وجرح موظفتين تعملان فيه.

وفي كانون الأول/ ديسمبر 2006، سطا مسلحون على سيارة حكومية تنقل أموالا في منطقة الكرادة، وسرقوا ما قيمته مليون دولار، وهذه العملية كانت السادسة من نوعها خلال الأشهر الخمسة الأخيرة من العام 2006، نفذت بالطريقة ذاتها من قبل مسلحين يرتدون زي الجيش، أو الشرطة في أحياء متفرقة في بغداد، وقتل أكثر من عشرين موظفا أو حارسا خلال هذه العمليات.

وفي نهاية نيسان/ ابريل 2007 قام مسلحون مجهولون بمهاجمة حافلة كانت تحمل رواتب إحدى الدوائر التابعة لوزارة الثقافة، بعد أن تسلمتها من مصرف حكومي في شارع السعدون وسط بغداد وسرقت (184) مليون دينار عراقي، وكان هذا الحادث الأول بعد بدء تنفيذ ما يسمى خطة فرض القانون في بغداد.

وفي تموز 2007 قام ثلاثة حراس يعملون في مصرف (دار السلام) الكائن في شارع السعدون، وسط بغداد، بسرقة مبلغ قدر بـ (282) مليون دولار والهروب إلى جهة مجهولة، بعد تنفيذ العملية.

وفي 18 حزيران يونيو 2008 أعترض مسلحون كانوا يستقلون سيارتين حديثتين طريق سيارة تابعة للجامعة المستنصرية في منطقة الوزيرية (وسط بغداد)، واستولوا على ما يقارب الـ(643) مليون دينار، هي مجموع رواتب موظفي الجامعة المستنصرية، وأختطفوا خمسة موظفين كانوا في السيارة وقاموا لاحقا بإطلاق سراحهم.

وفي نيسان ابريل 2009 اغتال مسلحون مجهولون سبعة من أصحاب محال لبيع المصوغات الذهبية في منطقة الطوبجي ببغداد، وأصابوا اثنين آخرين بواسطة أسلحة كاتمة للصوت، وتمكنوا من سرقة محتويات المحال من مصوغات ذهبية قبل أن يلوذوا بالفرار.

هذه هو حال العراق الجديد، قتل لأتفه الأسباب، وحكومة عاجزة عن إيقاف هذه المهازل، بل هي متهمة في كثير من هذه الجرائم، وعلى العموم فإن هذا الحال يعكس حقيقة الأجهزة الأمنية الحالية الضعيفة، والتي بنيت على أسس طائفية ومذهبية بعيدة عن الانتماء للعراق.

ملاحظة:

وعند الانتهاء من كتابة هذا الموضوع، ورد الخبر العاجل الآتي يوم 29/10/2010" لقي صاحب محل للصيرفة مصرعه خنقا على أيدي مجهولين شرقي الموصل، بالقرب من محله في منطقة الدركزلية".

السرقة الكبرى التي تمت هي سرقة العراق كبلاد حرة كريمة، وتسليمها لرجال غالبهم لا ينتمون إلى العراق إلا بالاسم فقط، ولا اعتقد أن هنالك سرقة في العصر الحديث اكبر وأبشع من هذه المؤامرة التي جنت على العراق والعراقيين.

في خاتمة القول فإن السؤال الذي لا نعرف إجابته لغاية اليوم، ما المنجزات التي يتغنى بها رجال المنطقة الخضراء؟؟!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى