أطفال العراق بين يومهم العالمي والاختطاف


الأطفال هم دائماً ضحية الصراعات الدائرة في كل مكان من العالم؛ لأنهم الحلقة الأضعف في المعادلة، وبالتالي يكون الثقل الأكبر من حجم الخسائر واقعاً على كواهلهم الرقيقة الضعيفة.
وفي كل يوم دولي سواء أكان يوماً للمرأة، أم للأم، أم للأب، أم للبيئة، أم لغيرها، نجد العراق -مع الأسف الشديد- في صدارة دول العالم؛ من حيث خراب، وضياع حقوق هذه الفئات البشرية، وهذا من البلايا التي صُبت على مجتمعنا بعد مهزلة «تحريره» عام 2003.
وفي العشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر من كل عام، وحسب توصية الأمم المتحدة تحتفل أغلب دول العالم باليوم العالمي للطفل، وهناك بعض الدول تحتفل به في الأول من حزيران من كل عام، فيما قررت جامعة الدول العربية اعتبار أن اليوم العربي للطفل هو الأول من شهر تشرين الأول/ أكتوبر من كل عام، وقد تحدد هذا التأريخ؛ لأنه يوافق يوم استشهاد الطفل الفلسطيني محمد الدرة الذي اغتالته قوات الاحتلال الصهيونية أمام مرأى العالم وسمعه!
الطفل العراقي وجد نفسه في بلد مليء بالعنف والإرهاب الرسمي وغير الرسمي، وبالتالي اثرت هذه الأجواء غير الصحية في نفسية هؤلاء الأطفال، ولسنوات عديدة حُرم الطفل العراقي من الحليب والدواء، واللهو البريء في المتنزهات! حتى إنهم حرموا من اللعب في أحيائهم السكنية، وفي الطرقات؛ لأن القتل صار بالمجان، توزعه عليهم قوات الاحتلال الأمريكية، والميليشيات الاجرامية التي كانت تتحرك بعلم قادة الاحتلال ومباركتهم.
ومنذ أكثر من تسع سنوات، والعراقيون يعانون من ظاهرة خطف الأطفال، وهي من الأساليب الحديثة في «العراق الجديد»؛ الغاية منها ابتزاز الناس، مقابل الافراج عن أبنائهم، فيما تقف الأجهزة الأمنية الحكومية عاجزة أمام الحد من هذه الكارثة، بل إن بعض تلك العصابات يكون بعض أفرادها من عناصر الجيش والشرطة الحكوميين.
وفي هذه الأيام عادت ظاهرة اختطاف الأطفال مرة أخرى للشوارع العراقية، وخصوصاً في العاصمة بغداد، وفي يوم  12 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، ذكرت أنباء صحفية محلية عراقية أن البرلمان يعتزم تشكيل «خلية أزمة»؛ لمتابعة ومعرفة أسباب تصاعد عمليات خطف الأطفال وسبل السيطرة عليها، بعد أن أثارت حالة من الذعر والهلع بين العائلات البغدادية؛ بسبب انتشار غير مسبوق لعمليات خطف الأطفال.
الأجهزة الأمنية -من جانبها- أكدت وعلى لسان مصدر أمني رفيع طلب عدم ذكر اسمه، أن: «يوم السادس من تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، شهد خطف أكثر من (21) طفلاً في مناطق مختلفة من العاصمة، وأن عمليات الخطف ارتفعت بشكل غير مسبوق في جميع مناطق بغداد من دون استثناء، وأن الغاية من هذه الأعمال الارهابية ليس الابتزاز فقط، بل إن «بعض حالات الخطف تقوم بها عصابات الاتجار بالأعضاء البشرية».
المصدر الأمني، وفي مؤشر خطير، يؤكد مدى هشاشة الأجهزة الأمنية المليونية في البلاد قائلاً: إنه «لا يملك إحصاءات دقيقة، لكن الحالات التي رصدت خلال هذا الأسبوع وحده تتجاوز (30) عملية خطف، وإن عمليات الخطف لا تقتصر على أطفال الأسر الغنية، وإنما شملت أطراف العاصمة، والأحياء الفقيرة».
وكالعادة حاولت الأجهزة الأمنية أن ترمي الكرة في ملعب المليشيات والمجاميع الارهابية، وبأنها تلجأ إلى خطف أعداد كبيرة من الأطفال في أثناء توجههم إلى المدارس، أو في أثناء لعبهم داخل الأزقة لـ»تمويل عملياتها»، وأن الفدية المدفوعة للخاطفين تختلف بحسب المستوى المعاشي لذوي المخطوف، حيث إنها تصل إلى مليون دولار تقريباً بالنسبة لأبناء المسؤولين والتجار والأغنياء، فيما تصل قيمتها في الأحياء الفقيرة إلى (10) ملايين دينار عراقي، (نحو 8 آلاف دولار).
هذه بعض المآسي التي يعاني منها أطفال العراق في يومهم العالمي، في وقت تقف حكومة المنطقة الخضراء، بكل امكانياتها البشرية والمادية والاستخباراتية، عاجزة عن ايجاد أي نوع من الحلول الشافية التي تريح العراقيين من هموم الاختطاف، فضلاً عن ايقاف ويلات التفجيرات المستمرة في البلاد.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى