العراقيون لا يريدون إلا حق الحياة!



كل انسان له الحق في العيش على هذا الكوكب الجميل. وهذا الحق كفلته الشرائع السماوية والأرضية، ورغم قناعة الجميع بهذا المبدأ، إلا اننا نشاهد في كل لحظة مظالم هائلة في هذا البلد، أو ذاك من بني الإنسان بعضهم ضد البعض الآخر.
والمنظمات الدولية والمحلية المهتمة بحقوق الإنسان ما زالت حتى الساعة ترصد، بصمت وهدوء، المجازر المستمرة في العراق وسوريا، وغيرها من بلدان العالم.
وحقوق الإنسان يقصد بها الحقوق الطبيعية التي يحتاجها كل كائن بشري، ومنها احترام بشريته وعدم المساس بما يجرح مشاعره وكرامته، وتوفير الحياة الحرة الكريمة والغذاء والدواء، وغيرها من المتطلبات التي يحتاج اليها للعيش بسلام وطمأنينة.
وحينما تشكلت منظمة الأمم المتحدة سنة 1945، تضمن ميثاقها احترام حقوق الإنسان كهدف من أهداف المجتمع الدولي؛ ولتحقيق ذلك تأسست لجنة حقوق الإنسان سنة 1946، التي أصدرت الإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة 1948.
والعراق بعد عام 2003، كثر الكلام فيه عن حقوق الإنسان وكرامته، وهذه هي النغمة المملة لأغلب الساسة في خطاباتهم التي لم تعد تجد آذاناً صاغية، وفي الجانب الواقعي تشهد البلاد خراباً على الصعد كافة السياسية والاقتصادية والإنسانية والاجتماعية وغيرها.
وفي يوم 31/5/2012، أشار تقرير صادر عن الأمم المتحدة حول أوضاع حقوق الإنسان في العراق لعام 2011، إلى أن وضع حقوق الإنسان ما يزال هشاً. فيما أكد الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق مارتن كوبلر في معرض تعليقه على التقرير، أنه «يتعين إنفاذ واحترام وحماية حقوق الإنسان، بما في ذلك الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، لجميع العراقيين وفي كل أنحاء العراق».
مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي قالت إن استمرار ارتفاع عدد الضحايا المدنيين يمثّل مصدر قلق كبير، وإن» التقرير يشير بقلق بالغ إلى مسألة إقامة العدل، وعدم احترام الإجراءات القانونية الواجبة في العراق؛ حيث يستمر اعتقال الأفراد واحتجازهم لفترات طويلة من دون توجيه اتهامات، ومن دون الحصول على الاستشارة القانونية. وما تزال هناك حالات إساءة معاملة، وتعذيب بحق السجناء والمعتقلين في جميع أنحاء البلاد»!
هذا الكلام عن مهازل حقوق الإنسان يأتي في الوقت الذي ما زالت الأوضاع الأمنية المتردية في عموم العراق تحصد أرواح المئات بين قتيل وجريح، وآخرها تلك التفجيرات التي هزت عموم البلاد تقريباً يوم 13/6/2012، وكانت الحصيلة اكثر من 60 قتيلاً، وأكثر من 200 جريح.
بالأمس كان رئيس الحكومة الحالية نوري المالكي في محافظة ذي قار، وتحدث عن الانجازات التي حققتها حكومته، ومنها نشر الأمن والأمان، وتقديم الخدمات وغيرها من الانجازات الوهمية التي لا وجود لها على أرض الواقع إلا ما ندر!
فأين الأمن الذي حققته حكومة المنطقة الخضراء في العراق؟!
ما يجري اليوم في العراق تصفيات سياسية عبر لعبة الأمن، وهذه التفجيرات تقع في الأماكن غير المحصنة، وهي عموم المحافظات العراقية عدا حصن المنطقة الخضراء البعيد عن الخراب والدمار!
وفي يوم 13/6/2012، وصف النائب عن ائتلاف رئيس الحكومة عبدالسلام المالكي التفجيرات بأنها «ردة فعل انتقامية، وأن فشل مشروع بعض الكتل في تمرير سحب الثقة عن المالكي بالطريقة التي تم التخطيط لها في دول أخرى، جعل حقدهم يصل الى الانتقام من الشعب العراقي بهذا الاسلوب الدموي».
الأطراف اللاعبة على الساحة العراقية يتهم بعضها بعضاً بهذه التفجيرات، ولم تعد الاتهامات الموجهة «للإرهابيين» يمكن تمريرها لا على العراقيين، ولا حتى على المجتمع الدولي!
المواطن العراقي المغلوب على أمره، بات يحلم بأبسط الحقوق الإنسانية، ألا وهو حقه في الحياة بعيداً عن التفجيرات والتغييب القسري، وهو لا يريد اليوم حقوقاً نموذجية للإنسان، ولا يريد إلا الحفاظ على حياته، سواء من خلال ايقاف آلة القتل اليومي عبر التفجيرات المفتعلة، أو من خلال ايقاف الاعتقالات غير القانونية المستمرة، التي يكون ضحاياها في نهاية المطاف ضمن قافلة الجثث المجهولة، التي لا تُعرف أرقامها الحقيقية في العراق حتى الساعة!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

العراقيّون وكِذْبَات نيسان والتناحر المُرتقب!

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!