احتلال العراق بثوب جديد




الانسحاب الأمريكي المزعوم من العراق، الذي جرى وفقا لاتفاقية الذل والهوان بين حكومة المنطقة الخضراء وحكومة الولايات المتحدة يمكن تشبيهه بما تعلن عنه بعض المعارض التجارية من تنزيلات "وهمية" تصل إلى 70% من القيمة السابقة للمنتج، وحينما تقع في المصيدة، وتسأل عن السعر الجديد، تجد أنه مرتفع جدا قياسا بالسوق، وهذا يعني أن الأمر هو مجرد خدعة لكسب الزبائن عبر الإعلانات غير الحقيقية.

وهذا الحال ينطبق تماماً على مهزلة الانسحاب، حيث يتواجد في العراق اليوم أكثر من مئة ألف مسلح بينهم أكثر من (50) ألف عسكري من جيش الاحتلال، ومثلهم –أو أكثر- من مجرمي الشركات الأمنية، بينما تدعي قيادة جيش الاحتلال الأمريكي انتهاء تواجد قواتها المقاتلة في العراق، حيث قال اللفتنانت كولونيل إريك بلوم الناطق باسم جيش الاحتلال الأمريكي في يوم، 18/8/2010 إن "آخر العناصر عبروا الحدود الكويتية - العراقية عند الساعة (06,00) (03,00 تغ)، وأنه بقي في العراق (56) ألف جندي أمريكي في عموم العراق بعد انسحاب هذه الكتيبة مكلفين بتأهيل الجيش العراقي".
وبتاريخ 24/7/2010 كشفت مجموعة صحف (مكلاتشي) النقاب عن أن وزارة الخارجية الأمريكية تخطط الآن لتشكيل جيش أمريكي صغير في العراق، وأنه في غضون عام من الآن، سيتمكن متعاقدو وزارة الخارجية الأمريكية في العراق من قيادة الآليات المدرعة، والطائرات، وإدارة أنظمة المراقبة، وإنقاذ الجرحى في حال وقوع أعمال عنف، والتخلص من الذخائر التي لم تنفجر، وأن وزارة الخارجية الأمريكية طلبت بالفعل من وزارة الدفاع (البنتاغون) تزويد هذا الجيش بطائرات هليكوبتر من طراز بلاك هوك، و(50) آلية مقاومة للألغام، وشاحنات للوقود، ونظم للمراقبة عالية التقنية، إضافة إلى معدات عسكرية أخرى، سيتولى المتعاقدون تشغيل معظمها. 
وفي يوم 17/8/2010، كشفت وسائل إعلام غربية أن فكرة انسحاب القوات الأمريكية المحتلة من العراق لا تحمل سوى "دلالة رمزية" في محاولة لتخلص الرئيس الأمريكي باراك أوباما من إرث سلفه جورج دبليو بوش الثقيل، حيث سيبقي على (6) ألوية أمريكية في (94) قاعدة ستبقى في البلد المحتل.
وهذا الأمر يثير جملة من علامات الاستفهام منها: ماذا يعني بقاء (94) قاعدة للاحتلال الأمريكي في العراق، حيث إنه وبحسبة بسيطة نجد أن نصيب المحافظة العراقية الواحدة من محافظات العراق الـ(18) سيكون خمس قواعد، وتبقى أربع قواعد، أظنها ستكون من نصيب العاصمة بغداد، أما إذا استثنينا المحافظات الشمالية فإنه سيكون نصيب المحافظة الواحدة هو ست قواعد، وهذا يعني أن انتشار قوات الاحتلال سيكون بشكل أوسع مما كان عليه قبل مهزلة الانسحاب، وهذا الكلام لا يشمل مقرات وقواعد الشركات الأمنية التي يقدر عددها بأكثر من (50) ألف مقاتل، حيث أكدت القيادة الوسطى للاحتلال الأمريكي عام 2006، وذلك من خلال مسح لها أجرته على القوى المتواجدة على الساحة العراقية، أكدت وجود أكثر من (160) ألف متعهد ومقاول يعملون بالعراق ضمن إستراتيجية خصخصة الحرب، فأين سيقيم هؤلاء، وكيف سيتم إخفاء هذه الأعداد الضخمة من المجرمين، أم ستقولون إنهم انسحبوا مع القوات المقاتلة؟!!
على العموم، هي جملة من الأكاذيب يراد بها تضليل الرأي العام العالمي والمحلي، بأن هنالك سيادة في العراق، وأن ما تم الاتفاق عليه بين حكومة المنطقة الخضراء والبيت الأبيض قد تم تنفيذه؟!!
والظاهر أن فكر وروح الاستعمار واحدة على مر الزمان، حيث إن الدول المستعمرة مازالت، ونحن في القرن الحادي والعشرين تستغفل الشعوب، وتظن أنها قادرة على تنفيذ مخططاتها بأساليب ملتوية، ويظنون أنهم يتعاملون مع شعوب جاهلة متخلفة، بينما واقع الحال يظهر أن هذه الأساليب لا تنطلي على أبسط الناس، فكيف يمكن تمريرها على شعب عريق مثل الشعب العراقي، فيه من الكفاءات والخبرات ما يعرفه الأعداء قبل الأصدقاء، وعليه فإن استبدال القوات القتالية المجرمة بقوات أمنية أكثر إجراما لا يغير من حقيقة الأمر شيئاً، حيث إن جنود الاحتلال خلعوا بزاتهم العسكرية ولبسوا ثيابا مدنية، إلا أنهم مازالوا يحملون بأيديهم أسلحة فتاكة تنهش أجساد الأبرياء من العراقيين، ومازالت أفكارهم وعقولهم محملة بالشر والحقد على شعبنا الطيب، ومهما طال الزمان فإن الرجال الذين طردوا القوات المقاتلة سيهزمون الشركات الأمنية، ومن تبقى معها من جيش الاحتلال الأمريكي بكل رجولة وإباء، وهذا ما سيحدث في المستقبل القريب.
Jasemj1967@yahoo.comهذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى