رمضان العراقيين في ظل الاحتلال




رمضان شهر الرحمة والغفران، شهر تكبل فيه الشياطين، ويرحم فيه الغني الفقير، ويعطف فيه القوي على الضعيف، وحينما يهل هذا الشهر المبارك ينشغل الناس في الاستعداد له فرحا بمقدمه؛ لأنه موسم للبركات، والحسنات، والخيرات، والمودة، والسلام. وفي العراق بعد عام 2003، حيث الاحتلال وأعوانه وقواتهم الإجرامية، فإن رمضان صورته مختلفة عن بقية بلدان العالم الإسلامي، ولإثبات هذا الأمر أطلت علينا القنوات الفضائية في صباح اليوم الأول من رمضان بحزمة من الأخبار المؤلمة المؤسفة التي يذهب ضحيتها المواطن البريء.

في اليوم الأول من رمضان اعتقلت القوات الحكومية القمعية من الجيش والشرطة أكثر من (36) مواطناً خلال حملات دهم وتفتيش تعسفية نفذتها بأساليب وحشية في مدينة الموصل، وفي مناطق (بعقوبة، وقرى قضائي الخالص والمقدادية) بمحافظة ديالى، فيما اعتقلت قوات مشتركة من جيش الاحتلال الأمريكي مواطنين اثنين خلال عملية دهم وتفتيش نفذتها في منطقة (قرية بروانة) شمال غرب مدينة بعقوبة بمحافظة ديالى.
وعصر اليوم الأول قتل شخصان، وأصيب ثلاثة آخرون نتيجة سقوط مجموعة من قذائف الهاون وسط حي آسيا السكني التابع لمنطقة الدورة، وأسفر سقوطها عن مقتل امرأة ورجل، فيما أصيب ثلاثة آخرون بجروح مختلفة.
وفي المساء اغتال مسلحون مجهولون اثنين من عناصر شرطة المرور شمال بغداد، فيما أعلنت القوات الحكومية أنها عثرت على جثتين مجهولتي الهوية في منطقتي العلاوي والدورة وسط وجنوب العاصمة. 
وضمن مسلسل الأسلحة الكاتمة المنتشرة حالياً في الغابة "الديمقراطية" العراقية، أفاد مصدر في الشرطة الحكومية أن مسلحين مجهولين أطلقوا النار من مسدسات كاتمة للصوت على اثنين من عناصر شرطة المرور أثناء وجودهما قرب أحد التقاطعات الرئيسة في حي القاهرة شمال بغداد، وقتلا على الفور، فيما لاذ المهاجمون –كالمعتاد- بالفرار إلى جهة مجهولة.
وعثرت دورية من الجيش الحكومي على ثلاث جثث تعود لأفراد من عائلة واحدة قتلوا رميا بالرصاص في حي اللاتيني وسط ناحية السعدية شمال شرقي مدينة بعقوبة مركز محافظة ديالى. ما ذكرته من أخبار عن الدم العراقي المستباح، هو جزء من صور الظلم التي تجري اليوم على أرض العراق المحتل، وبالمقابل نلاحظ محاولات الاحتلال والحكومات العميلة التابعة له بإلصاق هذه الجرائم برجال المقاومة العراقية، في محاولة بائسة لتشويه صورة رجالها الأبطال، وإبعاد الشبهة عن رجال الحكومة الذين يقفون خلف هذه الدماء البريئة. الدم العراقي بعد عام 2003 صار مسفوحا بسبب السياسات الإجرامية التي انتهجها الاحتلال وأعوانه، بعد أن أعلنوا حربهم الشعواء ضد العراقيين، بحجة مكافحة الإرهاب والإرهابيين، ونشروا بيننا روحا لم تكن معروفة من قبل، ولم نكن نعرف هذه المسميات البغيضة الطائفية والعرقية والاثنية، محاولين زرعها بيننا في سبيل تمرير مشاريعهم التقسيمية التخريبية، إلا أنهم -وبحمد الله- فشلوا في مسعاهم الشرير هذا.
الماكينة الإعلامية التابعة للاحتلال، وحكومة المنطقة الخضراء لا تنفك عن اتهاماتها لرجال المقاومة في مسؤوليتها عن الجرائم الدنيئة التي تستهدف المدنيين، وهو أسلوب خبيث أثبتت الأيام فشله، حيث إن الأجهزة الأمنية الحكومية في عمومها هي أجهزة ميليشياوية قمعية لبست ثوب القانون، حيث سبق أن أعلنت وزارة الداخلية طرد (62) ألفاً ممن أسمتهم العناصر المتسللة، وهذا العدد أقل من 10% من مجموع الأجهزة الأمنية، وما زالت هذه المجاميع الإجرامية "القانونية" تنفذ جرائمها ليلا ونهارا ضد الوطنيين، والمخلصين، والرافضين للاحتلال، ولعمليته السياسية المشوهة.
المقاومة العراقية هدفها أسمى وأرفع من هذه الأساليب البوليسية المليشياوية التي تتبعها الأجهزة الأمنية والحزبية المشاركة في العملية السياسية العرجاء، والمقاومة تنأى بنفسها عن هذه الأساليب التي تعكس قمة الانحطاط والسقوط، حيث استهداف الأبرياء والمدنيين، المقاومة هدفها طرد الاحتلال وتحرير البلاد، وأظنها حققت الجزء الأكبر في هذا المضمار، وما بقي إلا الإعلان النهائي لهذا الانتصار، وذلك برحيل الاحتلال خائبا ذليلا من أرض الجهاد المقدس.
العراق بلد انقلبت فيه الموازنين، وتاهت فيه بوصلة الحكمة، وفقد فيه المنطق، إلا أن سنة الحياة أثبتت أنه لا يصح إلا الصحيح في نهاية المطاف، وسيأتي اليوم الذي تكشف فيه هذه الجرائم للعالم، ليعرفوا حينها أن المجرمين القتلة هم الذين يلبسون ثياب القانون، وأن رجال المقاومة العراقية أسمى، وأرفع، وأطهر من ارتكاب مثل هذه الجرائم الدنيئة، وما هي إلا مسألة وقت فقط!!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

واقعة خطيرة تختصر حكاية الأمن في العراق!

حكاية منظّمات المجتمع المدنيّ العراقيّة!

من ذكريات معركة الفلوجة الاولى